دعا رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، المسلمين إلى التوحد على الحق والعدل والسلام وتناسي الخلافات والنظر إلى المستقبل بتفاؤل.
وقال لدى رعايته حفلاً نظمته وزارة العدل بمناسبة ليلة القدر المباركة في مركز أحمد الفاتح الإسلامي، إن ليلة القدر مناسبة للعودة إلى الله وتحري بركاتها والتنسم بنسماتها استهداءً بهدي النبي المصطفى صلوات الله وسلامه عليه.
وأضاف “إننا نعيش أجواء رمضان الإيمانية ونفحاته القرآنية متنسمين رحمات الله تعالى في كل لحظة من لحظاته، متعرضين لبركاته في كل أوقاته شاكرين الله تعالى على منه علينا بإدراك موسم عظيم من مواسم الخير والطاعات، وفي هذه الليلة المباركة والساعات الفريدة نعيش أجواء أعظم ليلة، ونتعرض لنفحات أسمى الأزمنة وأشرفها ألا وهي ليلة القدر الشريفة المباركة”.
وأردف “حري بنا كأفراد وكأمة أن نتوقف وقفة طويلة أمام جلال وهيبة هذه الليلة المباركة التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينتظرها من العام إلى العام، بل كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان تحرياً لها وهو نبي مرسل وقائد ملهم، وكان يحث ويوصي ويدعو ويحفز الناس على تحريها واغتنام بركتها، محذراً من فواتها وتضييعها بالأقوال أو الأفعال ويقول (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)”.
وتابع أن “ليلة القدر التي تعدل ألف شهر من عمر البشرية وتوزن الأعمال الصالحة فيها بميزان الله تعالى الكريم الجواد منحة للبشرية كلها، فهي ليلة الأمن والسلام، ليلة الرحمة العامة تنادي المسلمين جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها أن هلموا إلى ربكم وحققوا وحدتكم وانبذوا خلافاتكم وتخلصوا من العداوات والأحقاد والكراهية وسائر المنغصات، فإن أجابوا النداء أفاضت عليهم البركات والرحمات وإن تولوا مدبرين رفعت الليلة ببركاتها ورحماتها وحرمت الأمة خيرها”.
وخاطب سموه أمة الإسلام “استيقظوا واغتنموا ليلة مباركة أهداها الله إليكم من فوق سبع سموات، أخلصوا لله وحققوا عبوديته وتوحدوا على الحق والعدل والسلام، تناسوا خلافاتكم وانظروا إلى المستقبل متفائلين بوعد الله، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)، كونوا عباد الله إخواناً وحققوا قول الله تعالى (إنما المؤمنون أخوة) وقول نبيه ومصطفاه (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) فليس في عمر الإنسان ولا في حياة الأمم وقت للنزاع والخصام”.
من جانبه أكد وكيل محكمة الاستئناف العليا الشرعية السنية الشيخ د.إبراهيم المريخي، أن السعيد الذي يجب علينا تهنئته هو المقبول في هذه الليلة، وأن المطرود والغافل فنعزيه، فهنيئاً لمن قام هذه الليالي وتعرض لمرضاة الله سبحانه وتعالى، ويا حسرةً على من حرم أجرها ولم تحركه بركاتها.
وخاطب جموع المسلمين “يا من فرطت في ليلة القدر، إلى متى وأنت غافل عن تلك الليالي، بادر وسارع فلا تدري كم تعيش، ولا تدري هل تدرك قابل، فإن هذه الليلة الكريمة التي أعطاها الله سبحانه وتعالى تكرمةً له، وبهذا الكرم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أكرمت هذه الأمة، وجاءت ليلة القدر عوضاً عن أعمار أمة محمد عليه أفضل السلام القصيرة مقارنةً بالأمم السابقة، وهي خير من ألف شهر، فاغتنموا فرصة تطويل أعماركم بالحرص على إدراك ليلة القدر، فهنيئاً للقلوب الصافية ومن سعى برجليه إلى سبيل الله”.
وأضاف أن “كل القلوب المتجهة إلى الله عز وجل حق على الله أن يرضيها في تلك الليلة، فيا أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بقيام هذه الليلة إيماناً واحتساباً، فإنه من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تقدم، فقد أعطاكم ربكم يا أمة محمد في هذه الليلة مالم يعطه أحداً من قبلكم، ففي مثل هذه الليلة يتنزل الملائكة وفي مقدمتهم جبريل عليه السلام يسلمون على كل المؤمنين، فاحرصوا يرعاكم الله على كل بر وخير وأكثروا من الدعاء”.
بدوره لفت وكيل محكمة الاستئناف العليا الشرعية الجعفرية الشيخ ناصر العصفور، إلى معنى الآية الكريمة “إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر”، وقال “ليس هناك أروع تعبيراً ولا تسميةً ولا أدلَ على قيمة وعظمة هذه الليلة من هذه التسمية، وهذا التعبير “القدر” إما بمعنى المنزلة والخطر والشأن، أي سُمّيت ليلة القدر لأهمّيتها ومنزلتها وشرافتها، فهي ليلة النور والخير والبركة، وليلة العبادة والدعاء والطاعة والعمل الصالح، أو لأنها ليلة جليلة القدر، باعتبار أن الله تعالى أنزل فيها كتاباً عظيما ذا قدر، على نبي ذي قدر، لأجل أمة ذات قدر على يد مَلكٍ ذي قدر، ولأن الذي يُحييها أيضاً يكون عند الله ذا قدر عظيم”.
وأضاف “أو لأنها ليلةٌ تَضيق فيها الأرض من كثَرة الملائكة التي تهبط إلى الدنيا تكتب وتسجل أعمال العباد وطاعاتهم كما قال الله (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر)، فالقدر على هذا المعنى يكون من باب قَدرَ أي ضَيّق كما في قوله تعالى (قدَر عليه رزقَه) أي ضَيّق عليه رزقه.
وأوضح “طبيعي أننا لا ندرك كافة أبعاد هذه الليلة المباركة نظراً لمحدودية قدراتنا وإدراكاتنا، ولكننا نفهم عظمة هذه الليلة من خلال ما جاءنا من الوحي ومن السنة المطهرة في بيان شرفها ومقامها وخصائصها، وبالتالي يحرص المسلم على اغتنامها وإحيائها بالذكر والدعاء والصلاة والصدقة وقراءة القرآن، وكما قالت الزهراء البتول عليها السلام (محروم من حُرم خيرُها)”.
حضر الحفل وكيل الشؤون الإسلامية د.فريد المفتاح، وعدد من المسؤولين والنواب وعلماء الدين في البحرين.