يقول الرسول “ص”: “لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة” وروى البخاري: “إن أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، والملائكة تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يقم من مصلاه أو يحدث”.
كل هذه الأجور والفضائل والخيرات متعلقة بعمارة المسجد والصلاة فيه مع الجماعة والذكر والدعاء والتلاوة والقرآن. فما حال الذين لا يعمرون المساجد بالصلاة فيها مع الجماعة، الذين يصلون في بيوتهم، الذين يصلون فروضاً في المسجد، ويتركون أغلب فروض اليوم فيصلونها في بيوتهم، هل ينالون فضل السعي إلى المساجد؟! كيف يسعى إلى المسجد وهو يصلي في بيته؟! هل ينالون فضل نور المشائين في الظلم إلى المساجد وأحدهم يصلي بجوار فراشه؟! هل ينال فضل دعاء الملائكة له بقولهم: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، وهو لا يصلي إلا حينما يفرغ من شغله، سواء فوت الصلاة مع الجماعة أو أخرها إلى التي تليها عياذاً بالله من ذلك؟!
إن الذين يتركون الصلاة مع الجماعات ليسوا من عمار بيوت الله، ويفوتون على أنفسهم ثواباً وفضلاً عظيماً، فيا غبن صفقتهم! ويا خسارة تجارتهم! عباد الله: ما دامت هذه الأجور العظيمة مرتبطة ومبنية على وجود المساجد، وعمارتها والصلاة فيها، وما يترتب من السعي والمشي إليها، فالله الله! بالتبكير إلى المساجد ولا تتهانوا بها، وكونوا من عمارها تشهد الملائكة لكم عند ربكم، يقول صلى الله عليه وسلم: “يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، فإذا جاء الليل صعد ملائكة النهار إلى الله، فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم فيقول: كيف تركتم عبادي؟ يقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهو يصلون” فيا فوز من شهدت له الملائكة عند ربه بالصلاة مع الجماعة! ويا خيبة من خسر هذه الشهادة بالصلاة في داره وبيته! عباد الله! إن التأخر عن الصلاة رويداً رويداً يجر الإنسان إلى تعطيل عمارة المسجد، والتهاون بذلك، يقول صلى الله عليه وسلم: “لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله” رواه مسلم. عباد الله! إن عدم عمارة المساجد بالصلاة فيها مع الجماعة يجر إلى تعطيل الجماعات، وتعطيل الأذان، والتأخر عن الصلاة والتهاون بها من صفات المنافقين الذين لا يشهدونها مع الجماعات ويتهاونون بها، ولقد وصفهم الله بقوله: “وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى” ويقول الله أيضاً: “وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى”.