مازن النسور
قال لصديقه ممازحاً بعد أن أخرج سيجارة ووضعها في فمه، “أعطني آخرتك”، وكان يقصد “الولاعة”، حيث حتم وقدّر بأن رفيقه ستكون آخرته نار جهنم، والتي وصفها بشعلة “الولاعة”، والعياذ بالله. لم يلتفت الآخر إلى ما قال صديقه وبادر بإعطائه ولاعته.. كأنما قنط القوم من رحمة الله. كثيراً ما نمازح ونأخذ جدية الأمور بالتعليق و«النكات”، رغم حرمة ذلك.
يقول رب العزة والجلالة “يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين”.
قد يكون صديقنا صاحب السيجارة لا يقصد اتخاذ الدين هزواً وإنما قال ما قال من أجل الممازحة غير مقدر نتائجها على صعيد “الحلال والحرام”. العقدة ليست الاستهزاء بالدين لكنها بالتيقن من رحمة الله، وإلا لماذا نصلي ونصوم ونقوم بواجباتنا الدينية سواء الفرائض أو السنن؟.
مضى رمضان، ونسأل الله أن يتقبل من الجميع صيامه وقيامه، وكان فرصة للجميع لمراجعة الذات والوقوف على أخطاء النفس وصوابها، وقليل الحظ من فاته ذلك، لكن الفرصة مازالت قائمة لمن فاته الأمر، وانتهاء رمضان دون تعظيم الحسنات وعمل الخيرات خسارة كبيرة ومعضلة عظيمة لكنها ليست نهاية العالم لمن يطيل الله بعمره، فالله تواب رحيم غفور وأبواب رحمته مفتوحة بدلائل كثيرة سواء بالقرآن الكريم أو السُنة النبوية الشريفة. التوبة الصادقة فرصة للمراجعة والبدء من جديد والتحضير لرمضان مقبل. أعاده الله على الجميع بالخير واليمن والبركات.
«فراقه عيد”.. كلمة يقولها تندراً كثير من الناس تعبيراً عن الخلاص من الصيام وما يرافقه من تعب وجهد ومشقة.. وللأسف قد يكون قائلها صائماً قائماً طائعاً مؤدياً لفروضه وواجباته ولكنه كما يقال “مزيح ويحب الفرفشة” فيطلقها بهدف إضحاك من حوله.
الله المستعان، فهو العالم بخبايا القلوب وما تخفيه السرائر، لكن زلة اللسان قد تسوق صاحبها إلى ما لا تحمد عقباه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
كل عام وأنتم بخير