كتبت - هدى عبدالحميد:
يلتف المجتمع البحريني خلال عيد الفطر المبارك حول عاداته الأصيلة وتقاليده الراسخة، ليجسد قيم المحبة والتواصل الديني والاجتماعي، ويعبرعن التجانس بين أفراده.
ويبدأ البحرينيون عيدهم عقب انتهاء صلاة العيد، التي شهدت مؤخراً حرص النساء على أدائها، ويليها تبادل الزيارات العائلية، وهي من العادات والتقاليد الموروثة التي تشير إلى مدى الترابط الاجتماعي القوي بين أبناء البحرين وحرص الأسر عليه لما له من أثر في تعميق النسيج الاجتماعي بين أبناء الشعب الذين يعيشون في إطار من المحبة والألفة ويؤكدون أن العيد يبدأ بالتجمع في البيت العود.
ومازالت بعض العائلات تحرص على استمرار المجالس في العيد حيث تكون فرصة للتلاقي وتبادل التهاني والحوار ومناقشة الأمور التي تهم المواطنين، متغلبين بذلك على بعض المظاهر التي تحاول الأجيال الجديدة التملص منها والاكتفاء بالمعايدة من خلال الهاتف أو الرسائل القصيرة بالموبايل ورغبة الأطفال في قضاء العيد بالمجمعات والألعاب الإلكترونية.
يقول أحمد عبدالله “يفتقد البحرينيون اليوم مظاهر العيد التي راجت سابقاً، بعد أن حلت عادات وظواهر جديدة”، مشيراً إلى أن لكل عصر سماته وعاداته السائدة وفقاً للإمكانات المتاحة، ولكن يظل عبق الماضي القريب حاضراً في وجداننا، ومازالت مظاهر العيد محفورة في أذهاننا، موضحاً أن بعض المواطنين مازالوا يحافظون على بعض العادات كالزيارات العائلية أثناء العيد، إذ تحرص الأسر على التواصل بهدف تجديد الترابط والتراحم والمودة والمحبة في هذه الأيام لأن الانشغال بظروف العمل اليومية يصعب معها القيام بهذه الزيارات”، لافتاً إلى أن للمدنية دوراً بارزاً في إفقاد العيد بعضاً من بهجته وفرحته، فلم يعد الشارع يعج بالنساء والرجال والأطفال الذين يخرجون بحلتهم الزاهية وألوانهم المتباهية كما في السابق، وأصبحت المجمعات هي المكان المفضل للأسر لقضاء العيد .
ورأى أن التكنولوجيا العصرية أثرت على حياة وتصرفات أجيالنا فعالم الشبكة الإلكترونية والوسائل التكنولوجية والمسلسلات والأفلام التي يتابعونها بصفة غير مقننة انعكست على تعاملاتهم في الحياة وشتتت النسيج الاجتماعي، بعد أن كانت صلة الرحم سابقاً تستحوذ على اهتمام الجميع، وأصبح الأطفال يرغبون في قضاء العيد بعيداً عن الدفء العائلي ويفضلون الخروج إلى المجمعات أو الجلوس بالمنزل أمام الكمبيوتر وألعاب الفيديو.
وفي السياق نفسه، تقول منى المحمود: “رغم اختلاف رغبة الأبناء في طريقة الاحتفال بالعيد إلا أننا مازلنا نحتفل بالعيد كما ورثنا عن أجدادنا وبما أوصانا به الإسلام بالحفاظ على صلة الرحم ففي أول أيام العيد نحرص على أن نكون موجودين بالبيت العود لتناول وجبة الغذاء والالتقاء بالأخوات والأهل حتى نغرس هذه العادات في أبنائنا ومن أهم مظاهر العيد التي نحرص عليها لإدخال البهجة على الأطفال هو إعطاؤهم العيدية، وبعد أن تنتهي الزيارات العائلية نبدأ في اختيار مكان للتنزه بناءً على رغبة الأطفال حرصاً على إدخال البهجة على نفوسهم، والاحتفال بالعيد حسب رغبتهم بالمجمعات لشراء الألعاب وبذلك نكون جمعنا بين عادتنا وبين رغبة الأطفال”.
أما سناء الناصر فترى أن احتفال الأسر البحرينية بالعيد اختلف بعض الشيء، وتقول إنه مع غياب “البيت العود” الذي كان جدي يحرص على لم العائلة فيه خاصة أول يوم للعيد وكانت جدتي تبدأ في الإعداد لمائدة العيد منذ الإعلان عن رؤية هلال شهر شوال وكانت المائدة مليئة بالعديد من الأصناف ومنها وجبة “الغوزي” وهى تحوي الأرز مع اللحم أو الدجاج المزين بالمكسرات وبعض الأكلات الشعبية البحرينية والحلويات، والحلوى البحرينية الشعبية والمكسرات والسمبوسة الحلوة ترافقها دلة القهوة العربية”.
وأضافت: “نحن كأطفال كان استمتاعنا بالعيد يبدأ مع شراء الملابس الجديدة التي نرتديها بعد صلاة العيد، وكنا نخرج إلى الفريج لنجمع العيدية من الجيران ونستمتع باللعب مع أطفال من الأهل والجيران، أما الآن فأرى أن الأطفال يفضلون الاستمتاع بالعيد بعيداً عن الجو العائلي ويفضلون الخروج إلى المجمعات والحصول على الألعاب الإلكترونية”.
وتقول عائشة عبدالله: “بصفتي من سكان المحرق أعتقد أن المحرق ما زالت تراعي في الاحتفال بالعيد الحفاظ على العادات القديمة ومنها تبادل أطباق المأكولات وأشهرها الهريس حرصاً على النسيج الاجتماعي بين أبناء الفريج الواحد، نحرص على الوجود في البيت العود مع الأهل والأخوات لتبادل التهاني وإعطاء الأطفال العدية كما يخرج الأطفال بعد صلاة العشاء مرتدين الملابس الجديدة يقرعون أبواب الجيران بالفريج ليحصلوا على العيدية ولو أني أرى أن هذه الظاهرة اختفت في العديد من المحافظات وأصبح الجيران لا يعرفون بعضهم بعضاً، كما تقام بعض الاحتفالات الشعبية التي نحرص على الحضور فيها بالإضافة إلى ذلك المجالس التي تكون فرصة ليلتقي الأصدقاء والأهل لتبادل التهاني والتحاور حول أهم الأمور”.
من جانبه، اعتبر مصطفى محمد أن العيد مرتبط بذاكرة الإنسان التي ترجعه إلى أيام الطفولة، والبيت العود، والحياة البسيطة المتواضعة، فضلاً عن الزيارات العائلية المتبادلة، وتحرص بعض الأسر حتى الآن على هذه العادات التي توارثناها ولكن للأسف بدأت هذه المشاهد تختفي بعض الشيء خاصة مع وفاة الأجيال القديمة ومع مشاغل الحياة بدأت تنحصر التهاني بالتليفونات والمسجات السريعة.