يأتي إنشاء مكتب خاص ومستقل لتلقي الشكاوى والتظلمات لدى وزارة الداخلية سابقة تعزز كرامة الإنسان وتصون حقوقه، ضمن 1717 توصية تاريخية مهمة للجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق نفذتها مملكة البحرين بشجاعة مطلقة دون تردد والتزمت بها شكلاً ومضموناً من منطلق حرصها الشديد على رعاية حقوق الإنسان وصون كرامته وإنسانيته دون النظر إلى لونه أو عرقه أو انتماءه. وعلى الرغم من أنها لم تأت بشي جديد على صعيد احترام حقوق الإنسان في البحرين نظراً لسجلها الناصع والمشرف في هذا المجال إلا أن المملكة قبلتها، لا بل وذهبت إلى أبعد من ذلك وعملت على ترجمتها فوراً إلى حقيقة ملموسة على أرض الواقع بإنشاء مكتب خاص ومستقل لتلقي الشكاوى والتظلمات لدى وزارة الداخلية. هذه الخطوة الحضارية تؤكد بلا شك حرص المملكة على مواكبة الدول الحديثة والحاق بركبها على صعيد احترام حقوق الإنسان وتترجم رعايتها لحقوق مواطنيها والمقيمين على أرضها وسعيها الدؤوب لصون كرامتهم وإنسانيتهم. وسيسهم قرار المملكة الشجاع وقبولها باعتبار مكتب المفتش العام في وزارة الداخلية وحدة منفصلة مستقلة عن التسلسل الهرمي داخل الوزارة في تعزيز حقوق الإنسان وترسيخ مبادئها وقيمها فضلاً عن إبراز الجهود الدؤوبة والمتواصلة لإعلاء كرامة الإنسان البحريني ومكانته محلياً وإقليمياً ودولياً وصون كافة حقوقه وحرياته وعدم مصادرتها من خلال العمل الجاد على استحداث المواثيق والقوانين والعهود والاتفاقيات التي من شأنها أن تعزز من شأن البحريني. تسريع حل مشاكل المواطنين وقال عضو مجلس إدارة جمعية مبادئ لحقوق الإنسان النائب السابق فريد غازي، إن المكتب يعد استجابة سريعة وترجمة فورية لتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وهو معيار دولي لتقدم حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن استحداثه سيسهم في تسريع حل مشاكل المواطنين المختلفة خاصة ما يتعلق منها بالجانب الأمني التي كان يجد في السابق صعوبة في إيصالها للمسؤولين. وطبقا لما ذكره عضو مجلس إدارة جمعية مبادئ لحقوق الإنسان فان المكتب يترجم جدية حكومة البحرين الموقرة والتزامها التام بتطبيق توصيات تقصي الحقائق والأخذ بالمعايير الدولية بهذا الشأن. وقال أتطلع بصفتي رجل قانون أن يكون المكتب أحد فروع المؤسسات القانونية التي تساعد على حماية حقوق الإنسان وتصون كرامة المواطن والمقيم على أرض البحرين لا سيما وان هذه الخطوة سبقتها خطوات كبيرة وتاريخية من أهمها فصل جهاز الأمن الوطني عن وزارة الداخلية وقصر مهامه على قضايا التخابر الخارجي. ومن وجهة نظره الشخصية، أكد فريد غازي أن كافة التوصيات التي نفذت على أرض الواقع ستخدم المواطن والمقيم وستحسن من أداء وزارة الداخلية الأمني والاجتماعي خصوصا بعد صدور (مدونة سلوك رجال الأمن) والتي تحتوي على مبادئ وأسس التعامل فيما بين رجل الأمن والمواطن لمصلحة تعزيز امن واستقرار مملكة البحرين بما يتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. رصد شكاوى المواطنين ومعالجتها ويتفق النائب خميس الرميحي مع ما ذكره فريد غازي آنفاً مؤكداً أن المكتب يتماشى مع المعايير والأعراف الدولية لحقوق الإنسان وسيساعد بلا شك على رصد شكاوى المواطنين ومعالجتها أولاً بأول لا سيما وان مملكة البحرين بقيادة صاحب الجلالة الملك عاهل البلاد المفدى تولي مسألة حقوق الإنسان اهتماماً بالغاً وتسعى بشكل دائم لتعزيز مكانتها. وطبقاً للنائب الرميحي فإن إنشاء المكتب يعد ترجمة حقيقة لتوصيات تقصي الحقائق بغية التأكد من صحة أية انتهاكات لحقوق الإنسان قد تحدث في البحرين -لا قدر الله- مؤكداً في السياق ذاته بان المكتب يلبي طموحات المواطنين والمقيمين على أرض المملكة دون استثناء. وأشار إلى أن البحرين بلد ديموقراطي ومنفتح ولا توجد فيه أية انتهاكات جسيمة وبصورة متعمدة لحقوق الإنسان وما نسمع عنه ما هو إلا مجرد فبركات إعلامية هدفها تشويه صورة المملكة وسمعتها في العالم ولدى المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان. ووفقاً لما ذكره النائب الرميحي فإن المكتب يعد رسالة واضحة المعالم تفند الادعاءات والاتهامات الزائفة التي يروج لها أعداء البحرين وتترجم التزام المملكة التام بحقوق الإنسان واحترام مواثيقها الدولية لا سيما وأن مملكتنا دولة عربية وإسلامية تطبق الشريعة السمحاء التي صانت كرامة الإنساــن وحقوقه. خطوة متقدمة من جهتها، أكدت عضو مجلس الشورى جميلة سلمان، عضو اللجنة الوطنية المعنية بمتابعة تنفيذ توصيات تقصي الحقائق، رئيسة جمعية المحامين أن إنشاء مكتب مستقل عن وزارة الداخلية تعتبر خطوة متقدمة على صعيد احترام حقوق الإنسان عالمياً وسابقة تاريخية تعزز من كرامة المواطن والمقيم في مملكة البحرين لا سيما وأنها تتماشى مع المعايير العالمية لصون حقوق الإنسان ورعايتها. وأشارت جميلة سلمان إلى أن المرسوم الملكي الخاص بإنشاء هذا المكتب ذهب إلى أبعد مما أوصت إليه اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق حيث نص المرسوم الملكي السامي على أن إنشاء منصباً مستقلاً على غرار النماذج الدولية المتقدمة كإنجلترا للنظر بالشكاوى ضد منتسبي وزارة الداخلية والنظر في قانونية الإجراءات والتصرفات التي أقدم عليها المشكو بحقهم من عدمه وفيما إذا كانت تشكل جرماً معاقباً عليه أو مجرد سوء سلوك، وما إذا كان مرده تصرف شخصي أو غير ذلك ومعالجة الأمر وأسبابه لعدم تكراره ومعاقبة المخطئ وإحالته إلى القضاء العادي أو غير ذلك متى ما كان الفعل مجرد سوء سلوك لا يرقى إلى مرتبة الجريمة خاصة الجرائم المندرجة تحت مظلة التعذيب وسوء المعاملة. بث الثقة والطمأنينة والمصداقية ولبث الثقة والطمأنينة والمصداقية لدى الجمهور وتلافي الأخطاء فقد روعي بان تشمل مهام المكتب تلقي الشكاوى والمظالم من الأفراد والمنظمات مع حماية سلامة وخصوصية المشتكين وإجراء تحقيقات مستقلة تُكفل صلاحية القيام بأية إجراءات تأديبية وجنائية وفقاً لما نصت عليه اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وقانون العقوبات البحريني. ويقع على عاتق المكتب أيضاً تبني وتطبيق المعايير المهنية للشرطة وتنفيذ تدريب قانوني وتوعية لضباط الشرطة بحقوق الإنسان ومبادئها ومواثيقها المحلية والعالمية. ولتحقيق الأهداف المرجوة منه، سيتم التعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة وهو المكتب المعني بالعدالة الجنائية في المنظمة العالمية حيث يتم حالياً وضع اللمسات الأخيرة لتوقيع اتفاق ثنائي بين المكتبين لتقديم مساعدة التقنية لعمله. هذا وكان حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى قد أصدر مؤخراً مرسوماً ملكياً بشأن إنشاء مكتب مستقل لأمين عام التظلمات بوزارة الداخلية. وينص المرسوم على أن يتألف المكتب المستقل لأمين التظلمات بوزارة الداخلية من أمين عام التظلمات ونائبه ويتم تعيينهما بناء على توصية من وزارة الداخلية وموافقة رئيس مجلس الوزراء مدة (5) سنوات قابلة للتجديد لمدد أخرى ويشترط فيهما من واقع خبراتهما وقدراتهما الشخصية تميزهما بالاستقلال والحيادية والنزاهة. كما يضم المكتب عدداً كافياً من الموظفين المؤهلين يعينهم أمين عام المكتب الذي سيمارس صلاحياته باستقلال تام فيما يتعلق بالشكاوى المقدمة إليه والقرارات المرتبطة بها. ونص المرسوم أيضاً على أن ينشأ بوزارة الداخلية مكتب مستقل للشؤون الداخلية بالوزارة ويصدر بتنظيم العمل به قرار من وزير الداخلية وتكون مهمته تلقي وفحص الشكاوى المقدمة إلى أي جهة ضد منتسبي قوات الأمن العام في نطاق مسؤولياتهم ولهم أيضاً حفظ الأدلة والنتائج التي أسفر عنها فحص الشكاوى بشأن قيام قوات الأمن العام بارتكاب مخالفة جنائية أو تأديبية. جدير بالذكر أن وزير الداخلية كان قد أصدر في 30 يناير الماضي مدونة سلوك رجال الشرطة والتي تمت صياغتها بالتشاور مع خبراء قانونيين وأمنيين. وتستند على عدد من القواعد الدولية منها قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون في الأمم المتحدة وقواعد سلوكيات العمل الأمني في دول الاتحاد الأوروبي. وتتبنى المدونة المبادئ القائمة على نهج تحديد واجبات عناصر الشرطة في مختلف جوانب عملهم بما فيها استخدام القوة واحترام كرامة الإنسان والحفاظ على سيادة القانون.