كتبت – منى المطوع :
أكد رئيس مجلس الشورى علي صالح الصالح في تصريح خاص للوطن أن تجربة مجلس الشورى تجربة رائدة استطاعت أن تثبت نفسها على ساحة الديمقراطية وتجسد رافداً من روافد تجربة المشروع الإصلاحي لجلالة الملك كما إنها تأتي تماشياً مع معظم دول العالم المطبقة لنظام المجلسين وأن بعده عن ضغوط الشارع واختصاصه بالتشريع بشكل متعمق دقيق يمنحه فرص التفكير بالمشاريع والقوانين بطريق أكثر هدوءاً وشمولية.
ولفت الصالح أن التعديلات الدستورية الأخيرة التي منحت مجلس النواب صلاحيات أكبر تدل على نضج التجربة الديمقراطية كما إن وجود نظام المجلسين التي جاءت بعد تجربة أول مجلس وطني بالبحرين عام 1973 جاءت لتحصين التجربة البرلمانية من عملية الحل وإيجاد نوع من التوازن مشيراً أن تأثير مجلس النواب ينصب مباشرة على الشارع العام فيما يكون تأثير الشورى بعيد المدى فيما يخص المصلحة الوطنية والمواطن منوهاً بالمرحلة الجديدة التي تمر بها البحرين وهي تطوير القوانين التي تواكب مستجداتها ووضعها الحالي.
وأضاف الصالح استطاعت التجربة ان تثبت نفسها على ساحة الديمقراطية وتجسد رافداً من روافد تجربة المشروع الاصلاحي لجلالة الملك مبدياً أن الأمور بين المجلسين النيابي والشوري لم تصل في يوم من الأيام ولله الحمد لعقد المجلس الوطني لحسم خلاف بينهما فدائماً ما نحاول حل أي قضية أو موضوع ما بالتوافق والأخذ والرد وتغليب المصلحة الوطنية العليا وصوت العقل على أي اختلاف فأي أمور لا يتم الاتفاق عليها من الممكن إدراجها على مفهوم الاختلاف وليس الخلاف طبعاً وهي دائماً ما تحل بعيداً عن وصولها لمرحلة عقد المجلس الوطني .
الفرق بين المجلسين
ويؤكد الصالح أن الفرق بين مجلس الشورى والنواب فيما يتعلق بطرح المشاريع والقوانين أن عضو مجلس الشورى لا يقع تحت ضغوط الشارع لذلك فهناك فرصة للتفكير في المواضيع بطريقة اهدأ وأكثر شمولية ما يساعد على خروج القرارات بطريقة أهدأ من أعضاء مجلس النواب الذين يقعون تحت ضغوط شارعهم. هذا لايعني أن مجلس الشورى لا يستمع إلى نبض الشارع وتطلعاته بل يحاول أن يعكس ذلك بشكل موضوعي ومدروس.
عمل النواب والشورى
وبشأن سؤال الصالح عما يميز تجربة مجلس الشورى أوضح: التجربة التي مضينا فيها ولها 10 سنوات تجربة رائدة وبالطبع كل شيء يحتاج إلى تطوير واكتساب خبرات ليبني عليها المزيد من التقدم فهذه العملية مستمرة ومتجهة دائماً للرقي لكن أيضاً يجب أن تكون مرحلة التطور هذه مرحلية اي تتناسب مع المرحلة التي نحن فيها من النضج فكل مرحلة لها خصوصيتها ووضعها وهذه أمور طبيعية وعندما نرى التعديلات الدستورية الأخيرة التي منحت مجلس النواب صلاحيات أكبر؛ منها ترؤس المجلس الوطني فهذا يدل على أن كل هذا يأتي من خلال نضج تجربتنا الديمقراطية كما إن المجلس النيابي ومن خلال الإحصائيات التي ظهرت يهتم بالجانب الرقابي أكثر من التشريعي وأستطيع أن أقول ان ما نسبته 75 % من عمل أعضاء المجلس النيابي يتجه للعمل الرقابي أكثر من التشريعي والسبب يرجع في أن ذلك له تأثير مباشر على المواطن بينما التشريع تأثيره بعيد المدى لذلك فإن دور مجلس الشورى في التشريع يكمل دور مجلس النواب.
المواءمة بين المجلسين
ويتابع : تجربة البحرين في مجلس الشورى تتميز بالمواءمة فيما بين مجلسي الشورى والنواب ففي دولة الكويت الشقيقة هناك مجلس واحد منتخب وفي بقية دول المنطقة هناك مجالس معينة أو هناك مجلس شورى نصفه معين والنصف الآخر منتخب لكن تجربتنا في إيجاد المجلسين تجربة رائدة وكل مرحلة من أي تجربة تحتاج لإعادة نظر ببعض الإجراءات والطرق وعندما نرى ما خرجت به مرئيات حوار التوافق الوطني فيما يخص قضيه اختيار عضو مجلس الشورى نرى أن مسألة اختيار العضو ممن تنطبق عليه معايير الكفاءه والاختصاص والخبرة أصبح ضرورة وهي مطبقة في كل دول العالم فهناك من يعين بهذه المجالس إلى أن تصل أعمارهم 75 سنة كمجلس الشيوخ الكندي فأعضاؤه من أفضل الكفاءات الموجودة على مستوى الدولة، كذلك عندما نأتي إلى مجلس اللوردات ببريطانيا نرى نفس العملية وقد يكون هناك جدل حاصل بخصوص هذه القضية ولازال هناك من يختلف بشأنه و شخصياً عندما كنت في مؤتمر البرلمانيين لرؤساء البرلمانيين في جنيف قبل سنتين تقريباً وجدت أن الكثيرين يفضلون نظام المجلسين لإعطاء نوع من الأمان للتجربة الديمقراطية وتحقيق التوازن في العملية التشريعية.
المجلس الوطني الأول
وبشأن تجربة مجلس 1973 يذكر الصالح انه كان احد اعضاءه وحدث صدام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وانحل المجلس في عام 1975ولم يستمر طويلاً. فتعطلت التجربة الديمقراطية لدينا وأضاعت 27 عاماً من عمر العمل البرلماني والسياسي لكن جلالة الملك أراد تحصين التجربة من عملية الحل وإيجاد ضمانة بعدم تكرارها فأوجد المجلسين بحيث يكون هناك مجلس لديه أعضاء من ذوي الخبرة والاختصاص خاصةً في مجال التشريعات التي تحتاج إلى تعمق وتأنٍ في إقرارها لأن فيها مصالح الشعب والوطن لذلك كانت فكرة المجلسين الضمانة الحقيقية للتجربة لكن تبقي أي تجربة ومع مرور الوقت تحتاج إلى إعادة نظر وتطوير وأنا أعتقد أنه الآن وبعد الحوار الوطني أصبحت هناك حاجة للتطوير وستبقى عمليه التطوير مفتوحة ومستمرة دائماً في السلطة التشريعية والتنفيذية ونأمل أن تتجنب تجربة مملكة البحرين المزالق وتستفيد من التجارب الموجودة بالدول الأخرى.
الشورى بين التشريع والمشورة
وحول سؤاله عن التغير الحاصل بمجلس شورى 2012 عن أول مجلس وطني بعام 1973 يجيب الصالح : هناك تعديلات دستورية كثيرة مرت بالمجلس الذي أصبح مجلسين عوضاً عن مجلس واحد كما إن رئاسة المجلس الوطني اليوم باتت لدى مجلس النواب كذلك موضوع إقرار الميزانية وهي أهم بند من بنود المجلس والتي كانت تأتي كل عام وتتأخر لطول الإجراءات عند اللجنتين الماليتين عند كلا المجلسين أما الآن تجتمع اللجنتان بنفس الوقت مع الحكومة ويحدث توافق سريع حتى لا تتأخر الميزانية ولا المواضيع والمشاريع المدرجة فيها.
كذلك في مسألة اقتراح القوانين والمشاريع المدد اصبحت محددة وهناك إلزام بأن يحدث تجاوب من الحكومة خلال الفترة المحددة لسرعة الإنجاز، وفي الحقيقة قد لا ترتقي هذه التعديلات لطموح البعض. وفي رأيي أن الارتقاء بالعملية الديمقراطية عملية مستمرة، واعتقد أننا بالحوار وبتغليب المصلحة الوطنية سنحقق ما نصبو إليه.
الشوري أكثر تحرراً
وفيما يخص وجهة النظر التي ترى أن حراك عضو مجلس الشورى أوسع مقارنة بعضو مجلس النواب لعدم وجود تكتلات أو جمعيات سياسية داخل المجلس يجب عليه الرجوع إليها والالتزم بقراراتها أشار أن هذا الأمر يحتمل وجهتين إحداهما جيدة والأخرى دون ذلك فالعضو الشوري لا يخضع لاية ضغوط وقد يكون متحرراً ويخرج رأيه موضوعياً أكثر لكن الضغوط قد تكون في بعض الأوقات حافزاً فهناك بعض المشاريع التي ترد إلينا من النواب التي تنطلق من نبض الشارع. ونحن نقدر للنواب ذلك. فيما نحن وعندما تأتي إلينا ونقرها ننظر لها من زاوية أخرى ونرى أثرها على المدى البعيد ومدى ملاءمتها لمصلحة المواطن فقد يكون بها مصلحة على المدى القريب لكن عند تحليلها ودراستها بعمق نجدها غير ذلك. لذلك يتم النظر فيها على هذا الأساس . وبلاشك ان عضو مجلس الشورى يخدم الوطن كله والمجتمع بكافة أطيافه وليس دائرة معينة ولكوننا في بلد صغيرلا يمكن ان تنفصل عن راي الشارع لذلك نعمل قدر الإمكان على ايجاد نوع من التوازن بحيث لا يكون هناك ضرر على المواطن ولا ضرر بنفس الوقت على المصلحة العامة وفي الأخير نحن جميعاً كنواب أو شوريين أو كحكومة أو كدولة مصلحة المواطن هي من أولوياتنا ولا يمكن أن نتخذ أي تشريع ضد المواطن فمصلحة الوطن والمواطن دائماً حاضرة في عملنا ونؤكد عليها ولكن هناك رؤى مختلفة لتحقيقها .
القوانين للتطوير
وينبه الصالح أن تعدد الآراء واختلافها ظاهرة صحية دائماً تصل بالجميع إلى التوافق على المصلحة الوطنية العليا فقد تجد نفسك تشرع قانوناً مناسباً للفترة الحالية لكن بعد 5 أو 10 سنين تتغير الظروف وتجد نفسك مضطراً لإعادة النظر فيه والآن هناك الكثير من القوانين الموضوعة التي بدأنا النظر فيها وكانت صالحة وقت إقرارها لفترة أو مرحلة معينة ولكننا اليوم أصبحنا في مرحلة القوانين الجديدة التي يجب أن تكون في تطور كما نقول إن العملية الديمقراطية طويلة النفس وتحتاج إلى تراكم خبرة وممارسة وثقافة الاختلاف وأن تكون مستعداً للرأي الآخر واحترامه حتى نتفق جميعاً على كلمة سواء مادام هدفنا واحد.