كتب - طارق مصباح:
يعاني المواطن أحمد محمد منذ 7 أشهر مع عائلته التي تسكن إحدى البنايات في مجمع 901 بالرفاع من الحلول «الترقيعية» التي تمارسها البلدية في علاج مشكلة فيضان المجاري بين أزقة شوارع المنطقة، وقال: «لقد غادرت الشقة مضطراً لعدة أيام بعد أن استمر هذا الوضع السيئ حفاظاً على صحة أهل بيتي»!
وإذا كان أحمد لم يتحمل 7 أشهر من المعاناة فكيف بمن تحملها لسبع سنوات، كان هذا حال المواطن مصطفى أحمد الذي صبر على الأذى أملاً في مشروع الصرف الصحي الذي سمع عنه منذ سنوات وازداد شوقه لرؤيته واقعاً يعالج معاناة الأهالي، وحدثني والأسى يغمره قائلاً: «كثير من الأسر هجر الشقق والبيوت بسبب مياه المجاري»..
سكن مصطفى مع عائلته في أول بناية شيدت في المنطقة حيث كان الوضع عادياً إلى أن انتشرت البنايات وأحاطت بهم من كل جانب وازدادت الكثافة السكانية بشكل لافت. وحول تبعات هذه المشكلة قال «لقد انتشرت الحشرات وبخاصة البعوض وأصبحنا نخاف على أبنائنا من الأمراض الخطيرة» وأضاف «تزداد الروائح في فصل الصيف حيث تدخل مع مكيف الهواء إلى داخل المنزل، وفي الشتاء تختلط مياه المجاري مع مياه الأمطار فلا نستطيع أن نمشي في الشوارع».
نزوح وهجرة الأهالي!
لايزال خروج الأهالي ونزوحهم من المنطقة مستمر، هذا الأمر لاحظه عبدالعزيز حسن الذي سكن المنطقة منذ شهرين وعانى الكثير مع الأهالي جراء الصوت المرتفع والمزعج لسيارات شفط المجاري التي تأتي في مختلف الأوقات، واتفق معه حسين صالح الذي قال «إن سيارات الشفط تأتي أكثر من ثلاث مرات لشفط المجاري دون جدوى» مبيناً أنها «تمنع السكان من النوم والراحة».
نزوح الأهالي أمر بات لازماً عند بعض العوائل التي لجأت إلى هذه المناطق الحديثة الهادئة طلباً للراحة وتوفر الخدمات إلا أنها فوجئت بما يعكر صفو أحلامها التي استيقظت على إزعاج مستمر وروائح نتنة وحشرات تغزو منازلها وظروف تمنعها من إخراج أطفالها لتلهوا وتلعب ببراءتها..!
الصدفة جمعتني في ذات اليوم لألتقط بعدستي صورة لأحد العائلات وهي تخرج أثاثها لتغادر هذه البيئة الملوثة بعد شعورها باليأس والإحباط.
معاناة سجلتها العدسة
«لم أكن أتوقع ما رأيت، المعاناة لا توصف»! هكذا تحدث إلينا حسين صالح الذي أدخلنا إلى البناية التي لم تتعد فترة إقامته فيها سوى أسبوع واحد، دخلنا معه لنرى مشهداً غريباً مريباً حيث غطت مياه المجاري التي فاضت من «بالوعة» البناية مدخلها وكاد يصل منسوب المياه إلى غرفة الكهرباء!
عدنان المريسي من سكان البناية ذاتها وتحدث إلينا موضحاً أن المجاري «طفحت» داخل الشقق الأرضية في العمارة وأدى ذلك لانتشار الروائح مما يشكل أزمةً شبة يومية للسكان.
دخلت مع المريسي لأصدم من مشهد أبت كاميراتي إلا التقاطه وعرضه عبر الصحيفة لعله يجد صداه ويعجل في تفريج هذه الأزمة الصحية التي يعانيها الأهالي لدرجة أنهم وضعوا «الطابوق» عند بوابة البناية تحسباً لأي فيضان» قادم!!
حاول السكان الاتصال ببعض المسؤولين في البلدية دون جدوى، ولم يجدوا إلا أن يتصلوا بصاحب البناية الذي قام بالاتصال بشركة خاصة لشفط المجاري، وتابعت هذه الأحداث إلى أن انتهت السيارة من شفط المجاري وتنظيف المكان. ليست هذه هي الجهود الذاتية الوحيدة، بل إن الأهالي يجيئون بالرمال ويقومون بعملية دفان مستمرة لشوارعهم التي يغطيها الطين الذي تعلق به مخلفات المجـــــاري.
بين المطرقة والسندان
عايشت من خلال زيارتي لعدد من المجمعات في الرفاع جزءًا بسيطاً مما يعانيه السكان، فالإزعاج الذي تسببه سيارات الشفط لا يسمح بالراحة، وإذا علم أنها تأتي بين الفينة والأخرى فذلك يزيد من الألم، وإذا تأخرت فإن الروائح النتنة والحشرات والقوارض بالمرصاد للسكان!
هذا الأمر عايشه عبدالعزيز حسن الذي سكن المنطقة منذ شهرين وعانى الكثير من الإزعاج مع الأهالي جراء الصوت المرتفع والمزعج لسيارات شفط المجاري التي تأتي في مختلف الأوقات صباحاً ومساء، واتفق معه حسين صالح الذي استغرب من تأخر توصيل شبكة الصرف الصحي في مجمع 901 وقال «نشعر أننا يجب أن تكون لنا الأولوية..»، وقال «إن سيارات الشفط تأتي أكثر من ثلاث مرات لشفط المجاري دون جدوى» مبيناً أنها «تمنع السكان من النوم في فترة العصر وفي منتصف الليل» مما يشكل ضغطاً نفسياً كبيراً على الأهالي وتجعلهم بين مطرقة روائح المجاري وانتشارها في شوارع المنطقة وسندان الصوت المزعج لسيارات الشفط أثناء عملها!!
بين الوعود وأزمة المواقف
جوانب أخرى من المعاناة يعايشها السكان، من بينها ما حدثني به أحمد عبد الله الذي سكن المنطقة منذ 4 سنوات وكلما سمع تصريحاً عن قرب تعجيل توصيل شبكة الصرف الصحي والمجاري بمنطقته فرح واستبشر وقوي صبره وتحمله للأذى إلا أنه لفت إلى أن السكان يعانون من جراء تغطية مساحات كبيرة من شوارعهم بمياه المجاري من صعوبة إيقاف سياراتهم بالقرب من منازلهم بعد أن «فاضت» المجاري وأحاطت بالمناطق المحيطة بالبنايات مما دفع السكان لإيقاف سياراتهم بعيداً وذلك شكل أزمة مواقف وتكدس السيارات في أماكن بعينها.
إذا عرف السبب بطل العجب!
توقفت قليلاً لأسال نفسي ومن حولي من السكان الذين خرجوا عن بكرة أبيهم إلى الشارع هرباً من المناطق التي أصبحت ضحلة بسبب ترسب القاذورات فيها فأصبح لونها أخضر مائلاً إلى البني، والتقطت مجموعة من الصور وتنقلت وسط هذه الأحياء التي فاحت أبشع الروائح النتنة منها.. كان الله في عون السكان!
نرجع إلى سؤالنا: «ما هو سبب هذه الفيضانات في المجاري؟! الإجابة وجدتها عند بعض الأهالي، حيث أوضح لنا أحمد محمد أن العمالة الأجنبية العازبة منتشرة بشكل كبير في المنطقة، وأخبرني أنهم يشغلون أغلب الشقق في بنايات المنطقة، وأضاف: «الشقة الواحدة يسكن فيها العشرات، مما يشكل عبئاً على المجاري في وقت الصباح الباكر وفي الظهيرة وفي المساء»!!
سكان المنطقة ينظرون إلى البنايات الحديثة التي جهزت وبانتظار تأجيرها بكثير من الخوف والقلق من أن يشغل شققها العمالة العازبة التي ستعمل بلا شك على تفاقم المشكلة الحالية في ظل تأخر مشروع الصرف الصحي المرتقب.
لا خيار إلا الصبر..!
رئيس مجلس بلدي الجنوبية محسن البكري قال «إن المحافظة الجنوبية استكملت في جميع مناطقها ومجمعاتها استبدال وتركيب شبكات الصرف الصحي وتم حل مشكلة المجاري التي تفيض، ولكن بقيت منطقة الرفاع الشرقي التي تتركز فيها المشكلة منذ فترة بشكل كبير نظراً للكثافة السكانية الكبيرة فيها حيث تفيض البلاعات إلى شوارع المجمعات باستمرار..!!».
وعزى البكري السبب في فيضان البلاعات إلى صغر حجم الصهاريج تحت الأرض والتي لا تتحمل كميات المجاري التي تخرج من العمارات الكثيرة والبيوت في تلك المجمعات. وأوضح البكري أنه تم الانتهاء من المشروع في نصف الرفاع الشرقي وهي المرحلة الأولى A5 حيث تم توصيل شبكة المجاري إلى المجمعات 911 و907 وجزء من 909 والعمل جارٍ في هذه الأيام على رصف الشوارع.
وأضاف رئيس المجلس بلدي: «أما الجزء الثاني من المشروع وهو A6 فسيشمل المجمعات 901، 903، 905 و909، وأنه سيكلف الدولة ميزانية قدرها 6.8 مليون دينار حيث سيقول المقاول التي اتفقت معه وزارة الأشغال بتوصيل الشبكة إلى ما يقارب 1700 عقار في الرفاع الشرقي بحوالي 38 كيلومتر من الأنابيب، وأن هذا المشروع سيشمل 7 محطات لضخ ورفع المياه».
وأكد البكري أن العمل سارٍ بوتيرة مناسبة، موجهاً كلمة إلى أهالي المجمعات 903 و901 موصياً إياهم بالصبر إلى أن ينتهي المشروع مع بداية 2014.
تعاونوا مع المقاول واصبروا!
وكان لنا لقاء آخر مع عضو مجلس بلدي الوسطى ممثل الدائرة الثامنة عن منطقة الرفاع يوسف الصبَّاغ الذي بدأ حديثه معنا مطالباً الأهالي بالتعاون مع المقاول وإبداء الصبر جراء الحفريات المرتقبة من أجل المصلحة العامة وضرورة أخذ الحيطة والحذر عند التحويلات المرورية واتباع الإرشادات في مواقع العمل. وأوضح أنه نقل شكاوي المواطنين إلى المسؤولين في وزارة الأِشغال لسرعة ردم الحفريات والإسراع في توصيل شبكات الصرف الصحي وسرعة إنجاز تلك الشبكات القريبة من المرافق الخدمية كالمحلات التجارية.
وكشف الصباغ أن الشركة التي تتعاقد معها الأشغال تعمل وفق أسس هندسية في شوارع المنطقة وليس بناءً على «الأولوية» التي يعتقدها بعض المواطنين، وأضاف أنه تم البدء بتطوير طريقين في مجمع 925 بطول كيلو و300 متر إذ يبدأ الطريق الأول من جامع بن حويل حتى جامع صلاح الدين والآخر من جامع صلاح الدين حتى تقاطع اللولو هايبر ماركت مع شارع البينة.
وقال عضو بلدي الوسطى إن التطوير سيشمل إنشاء شبكة الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار ومواقف للسيارات على جانبي الطريق إضافة إلى تركيب أعمدة إنارة أسوة بشارع الساية الذي تم الانتهاء منه مؤخراً، وأضاف أن تطوير طريقي 2559 و2513 بالمجمع ذاته يقعان في منطقة تشهد كثافة سكانية كبيرة بالإضافة لوجود مدارس وروضات ومحلات تجارية وأنه من المؤمل عند انتهاء التطوير أن تحل مشكلة الازدحام اليومي الذي بات يؤرق الأهالي في أوقات الذروة في فترة الصباح والظهيرة. ونوه الصبًّاغ بدور وزارة الأشغال في تطوير البنية التحتية بالمنطقة الوسطى وتجاوبها المستمر مع طلبات المجلس.
أيها المواطنون: لا تقنطوا!!
الجدير بالذكر أن مشروع الصرف الصحي بالرفاع الشرقي ينفذ على 7 مراحل، تم الانتهاء من المرحلة الأولى في يونيو 2006 وتشمل المجمعات (931، 937، 939، 941) والمرحلة الثانية في مارس 2008 وتشمل المجمعات (919، 923، 925)، والمرحلة الثالثة في ديسمبر 2008 وتشمل المجمعات (913، 915، 921، 931)، والمرحلة الرابعة في يونيو 2008 وتشمل المجمعات (917، 927)، والمرحلة الخامسة في يوليو 2010 وتشمل المجمعات (905، 907، 911)، أما المرحلة السابعة والأخيرة فتشمل المجمعات (929، 931، 939) وقد تم البدء في تنفيذها في مارس 2011 ومن المؤمل انتهاؤها في يونيو 2013 علماً بأن المرحلة السابعة تشمل إنشاء 25 كيلومتراً من الأنابيب الرئيسة والفرعية ومحطة رفع واحدة وتوصيل عدد 960 عقاراً.
كل ما نستطيع أن نقوله للمواطنين الأعزاء والسكان: «اصبروا.. ولا تقنطوا من رحمة الأشغال بكم»!