قدّم صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، خلال زيارته إلى محافظة المحرق، عدة رسائل ضمنها التأكيد على الموقف الثابت للدولة في عدم الرضوخ للابتزاز الذي تمارسه بعض الجماعات التي تتخذ من العنف والإرهاب وسيلة لفرض إرادتها وأجندتها الخاصة على شعب البحرين، والدعوة إلى ضرورة التحلي بالوعي، وعدم الانجراف وراء الاستفزازات التي يسعى البعض لإشعال الفتنة من خلالها، وتحويل منطقة المحرق التي كانت ومازالت نموذجاً للتعايش والألفة إلى ساحة للصراع.
كما قدّم صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء في حديثه عن “الوحدة الوطنية” درساً بليغاً للقائد الذي يتعامل بشكل واقعي مع التطورات الجارية في البحرين بعيداً عن النظريات المجردة التي تلفظها حقائق الأمور، فحديث سموه تركز على قراءة وفهم عميق لأحد أهم المقومات التي تبنى عليها الأوطان وهي الوحدة الوطنية، ولذا جاءت كلمات سموه الأساس الراسخ والداعم لحاضر الوطن ومستقبله، والمعيار الذي يمكن من خلاله الحفاظ على ما تحقق من إنجازات ومكتسبات السنوات الماضية التي كان لسموه دور كبير فيها عن طريق بناء نموذج فريد للتنمية والازدهار.
وانطلقت كلمات سموه عن الوحدة الوطنية وأهميتها باعتبارها أمراً مصيرياً لا يقبل التهاون أو التفريط فيه من تجربة ثرية لسموه وإيمان بأن وحدة أي شعب وتآلفه هي الدرع الواقي لتحصين الوطن ضد مما يتهدده من مخاطر، فسموه بما لديه من خبرة وحنكة، وبما لديه من قدرة على القراءة الحصيفة للمشهد السياسي ليس في مملكة البحرين فقط وإنما في المنطقة ككل، أدرك أن الخطر الذي يهدد جسد أي أمة هو نجاح أصحاب المخططات والفتن في اختراق نسيجها الوطني وزرع بذور الشقاق بين أبناء الوطن الواحد.
وحملت كلمات سموه خلال الزيارة العديد من المعاني والدلالات الهامة التي ترمي إلى ضرورة تقوية التلاحم بين كافة مكونات المجتمع بالشكل الذي يدعم قدرة الوطن كوحدة مترابطة في مواجهة محاولات نشر الفتنة، لاسيما في ظل تزايد المحاولات لجر البلاد إلى منزلقات طائفية لم تعرفها البحرين من قبل.
كما حملت أيضاً كلمات صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء رسائل أخرى تتعلق بمواجهة أي محاولة للتدخل في شؤون البحرين، و«التصدي بقطع كل يد آثمة تتدخل في شؤون البحرين الداخلية”، لاسيما مع تزايد تلك المحاولات سواء من قبل أطراف خارجية لها مطامع في البحرين، من أجل تمرير مخططاتها للاستحواذ على مقدرات البلاد.
إضافة إلى التأكيد على التلازم بين الأمن والتنمية، حيث أكد سموه أنه “من دون الأمن والاستقرار لن يكتب النجاح لأي جهد تنموي”، فلا يمكن لأي بلد مهما بلغت موارده وإمكاناته المادية أن يحقق تقدماً ملموساً في مجال التنمية إلا إذا توافر عناصر الأمن والاستقرار، باعتبارها العامل الأهم في جذب الاستثمارات الخارجية ورواج النشاط التجاري والسياحي وغيره من الأنشطة الاقتصادية الأخرى.
ولا يمكن بأي حال تجاهل البواعث التي دفعت صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء إلى القيام بهذه الزيارة في هذا التوقيت بالذات، فهي تأتي في أعقاب محاولات لتعكير صفو العلاقات بين أهالي المحرق وشق صفوفهم عبر استفزاز المكونات المجتمعية واستهداف رجال الأمن بأعمال العنف والتخريب.
وقد كانت قراءة سموه لما حدث بالمحرق واضحة في أنه محاولة دخيلة على العادات والتقاليد الأصيلة التي يتميز بها أبناء البحرين، ولا تمت بصلة لطباع أهالي المحرق الذين شكلوا على الدوام حائط صد منيع لحفظ أمن الوطن واستقراره، ومن هنا جاء رفض سموه “أن يجور أي أحد على أهالي المحرق أو يتدخل في نسيجهم الاجتماعي، فالمحرق ليست ميدانًا للتجارب التي لن تنال إلا الفشل”.
ووفقاً لرؤية سموه فإن صمام الأمان للجميع يقوم على مقومين أساسيين هما ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية وتغليب الصالح العام وبذل جهود مضاعفة ومشتركة لنشر المحبة والألفة بين أبناء الوطن، ونبذ العنف والشقاق والخلاف، وإعلاء لغة المحبة والتسامح والترابط والتكاتف، وفي الوقت ذاته “الوقوف بكل قوة ضد من تسول له نفسه تقويض الأمن والاستقرار والعبث بوحدة وترابط شعب البحرين”.
إن رؤية صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر لمسألة الحفاظ على الوحدة الوطنية تمثل أحد المرتكزات الرئيسة في النهج الذي يتبناه سموه، وتصميم سموه على إعادة التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية خلال زيارته للمحرق هي رسالة لا يخطئها أي عقل سليم لأصحاب الأجندات الخاصة والراغبين في اختلاق الذرائع للانقضاض على الوطن وأمنه واستقراره، بأن أهل البحرين لهم بالمرصاد وأن مخططاتهم ستنكسر على صخرة الوحدة الوطنية.
إنه موقف صلب وحازم من سموه ودعوة للجميع لضمان الأمن والاستقرار المجتمعي والحفاظ على الرصيد الغني والكبير لشعب البحرين الذي عرف بالسماحة، وإيمان قوي بأن مثل هذه المحاولات لن تفت عضده ولا أحد يستطيع أن يتسلل من خلال محاولاته اليائسة الوصول إلى شق صفه مادام التغني بحب الوطن أنشودة يرددها الجميع في وجه الطامعين.