كتب - عبدالرحمن محمد أمين:
ولد عبدالعزيز بوحجي في فريق البوخميس بالمحرق عام 1943م حيث كانت عائلته ذات صيت وسمعة، وتمت ولادته على يد القابلة “أم جان” الوحيدة في تلك الفترة، وفي عام 1949م التحق بالدراسة بمدرسة الهداية الخليفية وكان مديرها آنذاك المرحوم مصطفى صبحي مصري الجنسية ومن المدرسين كان المرحوم سيف المسلم مدرس الرياضة، محمد بودواس مدرس اللغة العربية، حسن علي، حسن النصف، وفي عام 1956م وخلال أحداث حرب السويس والاعتداء الثلاثي على مصر وما كانت تمر به البحرين من ظروف اضطرت عائلته إلى مغادرة البحرين للعيش في دولة الكويت وكان حينها في الصف الثالث الابتدائي، والتحق هناك بمدرسة صلاح الدين بمنطقة المرقاب من الصف الثاني المتوسط إلى الرابع المتوسط، بعدها تم نقله إلى ثانوية كيفان حتى حصوله على الشهادة التوجيهية عام 1964م ومنها مباشرة غادر إلى القاهرة حيث التحق بكلية الشرطة بالعباسية 3 سنوات تخرج منها عام 1966م، وحصل على دبلوم كلية الشرطة ودرس بعدها بالكلية للتدريس 8 شهور، وفي عام 1967م عاد إلى البحرين وكانت عائلته قد سبقته في العودة والاستقرار بأرض الوطن بعد سنوات الغربة في الكويت، فعمل أولاً في قسم المستودعات بإدارة الجمارك عام 1967م وكان مدير الجمارك المرحوم خليل المطوع أما رئيس المستودعات الذي عمل معه فكان عبدالرحمن تقي، بعدها نقل إلى قسم التفتيش بمطار البحرين الدولي كمفتش بضائع طرود، ثم إلى قسم تفتيش المسافرين، وفي عام 1971م نقل إلى مستودع رقم 9 بميناء سلمان وكان مسؤول المستودع أحمد هجرس، وفي عام 1974م ترك العمل بإدارة الجمارك بعد حصوله على فرصة للانضمام بقسم العلاقات العامة بإدارة المرور والترخيص التابع لوزارة الداخلية برتبة ملازم ثانٍ وكان مدير المرور المرحوم الفريق الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة رحمه الله الذي يعتبر بمثابة الأب الروحي للإدارة وإليه يرجع الفضل في إنشاء إدارة المرور ووضع قوانينها وأنظمتها وكان رحمه الله ذا هيبة وتقدير واحترام حيث كان صارماً في تطبيق القوانين وعوناً للمحتاجين. ويقول بوحجي عملت 29 عاماً حتى عام 2002م حيث تقاعدت عن العمل برتبة مقدم، بعدها قمت بافتتاح مكتب للدعاية والإعلان في المجال المروري حتى عام 2010م حيث استطعت إصدار الكثير من الإرشادات وطباعة الأفلام والكتب في مجال المرور، وأغلق المكتب لعدم التفرغ نتيجة للأزمة المالية التي اجتاحت العالم عام 2009م.
حياة الغربة
يقول عبدالعزيز إنه بعد انتقال العائلة للسكن في الكويت الدولة الخليجية الوحيدة التي حصلت على استقلالها من بريطانيا؛ وكانت الكويت آنذاك تحتضن كل الطلبة بصرف النظر عن جنسياتهم فكنا نحصل على المقاعد الدراسية وتوفر لنا المواصلات واللوازم المدرسية ووجبتين طعام يومياً “إفطار وغداء” كما كنا نمارس الهوايات المفضلة لدينا خصوصاً الرياضة والسباحة وأثناء وجود العائلة بالكويت قام المرحوم الوالد محمد يوسف بوحجي بافتتاح محل لتجارة اللؤلؤ استمر 14 عاماً في مدينة الكويت “العاصمة” ووقتها لحق بنا أخواي المرحوم إبراهيم والمرحوم جاسم مع عائلتهما للسكن في الكويت، وهما بالمناسبة أخواي غير أشقاء لي، أما إخواني الأشقاء فهم سبعة من الذكور “خليل – عبدالعزيز - عيسى – حسن – أحمد – جمال – عبدالكريم” أما الإناث “مريم – فاطمة”.
النشاط الاجتماعي
بعد عودتي من الدراسة عام 1967م ارتأينا كمجموعة من شباب فريق الظاعن بالمحرق حاجة أبناء الفريق إلى وجود مقر يجمعهم، فاتفقت أنا والأخوة عبدالله هرمس ومحمد جاسم وسلمان الظاعن وإبراهيم هرمس على إنشاء “نادي التقدم” وكنت رئيساً للنادي مدة سنتين قبل أن أترك منصب الرئيس بعد التحاقي بالشرطة، وأتذكر من أعضاء النادي عيسى اليحيى وراشد الظاعن وحسن الظاعن وعبدالرحمن أمين وعيسى القلاف وحسن بوحجي، وتولى رئاسة النادي من بعدي عبدالله الظاعن، وكان النادي يشارك في إقامة المسابقات والحفلات الرياضية والفنية، وكنا نحصل على ميزانية النادي من إقامة المسرحيات، كما كنا نملك مسرحاً متحركاً نقوم بتأجيره في مناسبات الأعراس والأفراح، فكنا نقيم حفلة كل شهر، وأتذكر أن رسم الدخول كان روبية واحدة عن كل فرد، كذلك كنا نقوم بإحضار أفلام وعرضها مقابل 50 فلساً رسم دخول، وكنا نحصل على دعم سنوي من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية قدره 100 دينار.
زملاء العمل
طوال فترة عملي في وزارة الداخلية التي امتدت إلى 29 عاماً كنت في إدارة المرور والترخيص ولم أنتقل خلالها إلى أي قسم أو إدارة في الوزارة، ومن الضباط الذين عملت معهم في بداية التحاقي بالعمل المرحوم اللواء سلمان المسلم، واللواء عبدالسلام الأنصاري، والمرحوم عبدالله سيف والمرحوم خميس محمد، والمرحوم أحمد عيسى، واللواء فاروق المعاودة، والمرحوم العقيد أحمد الدوسري، والمرحوم العقيد الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، وناصر المسلم، وعبدالله المسلم، وأتذكر أن المقدم المتقاعد عبدالله علي زمان كان مسؤول قسم تسجيل المركبات، والمرحوم عيسى سلطان الرميحي كان مسؤول قسم مركبات النقل العام، فيما كان أحمد أكبري مسؤول قسم فحص المركبات، ومن الزملاء الموظفين المدنيين عبدالرحمن أمين ويوسف السند، أحمد حمادة، عيسى البناء، عبدالله البنعلي والمرحوم عبدالله الوطني، حمد أبوالشوك، المرحوم محمد بوعلاي.
ذكريات القاهرة
في ذلك الوقت كانت القاهرة زاخرة بالحيوية والنشاط وكانت محط أنظار العالم في عهد المد الثوري العربي أيام الزعيم الخالد الرئيس جمال عبدالناصر رحمه الله وكنت في تلك الفترة أعمل كضابط شرطة متدرب في أقسام مختلفة كالمباحث والجوازات وأقسام الشرطة، كما درست في “معهد كفر سعد” بالمنصورة وعملت في قسم الجوازات بميناء الإسكندرية، التحقت بعدة دورات عملية في بعض الوزارات بمجمع التحرير الذي يتكون من 20 دوراً بالإضافة لعملي بمديرية أمن الشرطة التي كانت بمثابة وزارة الداخلية، كذلك عملت في قسم النجدة حيث كانت لدي سيارة استقلها أنا واثنين من رجال الشرطة لتلبية أي نداء أو بلاغ استغاثة.
مجلس بوحجي
تم بناء مجلس بوحجي عام 1945م على يد جدي “المرحوم يوسف بن عيسى بوحجي” وكان من رجالات المحرق المعروفين حيث عمل فترة طويلة من حياته في تجارة اللؤلؤ، كما كان من أوائل من افتتح محلات بيع النظارات حيث لايزال هذا المحل يعمل باسمه رحمه الله وعلى ما قيل لي فإن المقاول عبدالرحمن البناء الذي قام ببناء المجلس كان يسكن بالقرب من المجلس الحالي، ولما كان مجلس بوحجي مطلاً على البحر فقد كان يرتاده وجهاء المحرق في تلك الفترة أمثال المرحوم عبدالله أمين، المرحوم محمد سيادي وبعض أفراد العائلات الكريمة كعائلة القصاب والشليبي لذا قام الجد ببناء “دجة” من الإسمنت خارج المنزل يجلس عليها رواد المجلس لعدم توفر المكيفات وقتها، كما كان يوجد بالمجلس جهاز راديو يطلق عليه “برت” كان يعمل بواسطة بطارية سيارة من الحجم الكبير وإذا ما ذهبوا للبحر أخذوا الراديو معهم للاستماع لأخبار الحرب العالمية الثانية التي كانت قائمة في تلك الفترة، خصوصاً من المذيع المشهور “يونس بحري” وبالمناسبة فإن لعائلة بوحجي صلة قرابة بعائلة المدني وكما قيل لي كان المرحوم راشد بوحجي “المدني حالياً” من تجار المحرق وكانت البضائع تنقل إلى محله بواسطة “الحمالين” ونظراً لتشابه الأسماء فكثيراً ما يقع الحمالين في خطأ عند توزيع البضائع، فقرر جدي وراشد بوحجي استبدال الاسم العائلي لأحدهما وبالمناسبة راشد حملت به أمه في المدينة المنورة بالسعودية وتمت ولادته في البحرين وتيمناً باسم المدينة المنورة أطلق اسم “المدني” على لقب عائلة راشد بدلاً من لقب بوحجي وهو ما ساعد على حل الإشكال الذي يقع فيه الحمالين، وكما تحكي الذكريات فإن جدنا الأكبر المرحوم عيسى عيد بوحجي من أصل سعودي كان تاجر أغذية هناك ثم هاجر إلى الزبارة بقطر ودخل البحرين مع قدوم عائلة آل خليفة الكرام، ومازال عيسى يملك مزرعة في القطيف، وعندما افتتح المرحوم جدي يوسف عيسى بوحجي محل النظارات أطلق عليه اسم “الشركة العربية للنظارات” وكان يديره أخواي المرحومين إبراهيم وجاسم ابني محمد يوسف بوحجي بجانب ابن خالتهم عبدالله بن عيسى بوحجي.
الأوسمة
حصلت على وسام البحرين للعمل الوطني عام 1992م ورجالات المحرق المبدعين عام 1966م ووسام البحرين من الدرجة الأولى من وزارة الداخلية عام 1995م ووسام الشيخ عيسى بن سلمان من سمو الأمير الراحل، كما حصلت على أوسمة من ليبيا أثناء حفل تكريم أقيم من 3 جهات هي مجلس وزراء الداخلية العرب والمنظمة العربية للسلامة المرورية والاتحاد العالمي للسلامة المرورية، كما أحمل مسمى “الخبير العربي في التوعية المرورية” وأنا الوحيد الذي يحمل هذا اللقب في كل الدول العربية، كما كنت أول من يحصل على تكريم من الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في خدمة جانب السلامة المرورية، كما حصلت على تكريم من إذاعة البحرين بمناسبة مرور 25 عاماً على عملي بالإذاعة، وقام بتكريمي سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء، بجانب عدد من نياشين الخدمة والإنجازات، وأعتز كثيراً بحصولي على هذه الشهرة والإشادة على مستوى العالم العربي الكبير.
الدورات التدريبية
حضرت دورات مرورية في أمريكا والسويد وبريطانيا مبتعثاً من قبل الحكومة، وقمت بإلقاء عدد من المحاضرات في تونس والأردن والكويت وقطر والإمارات العربية عدة مرات حسب طلبهم بعد أن أصبحت خبيراً مرورياً خاصة في دولة قطر التي قدمت فيها برامج مرورية على مدى 7 سنوات متتالية، وأنا مازلت أقدم البرامج المرورية في إذاعة البحرين، ولي الشرف أنني مؤسس أسبوع المرور العالمي عام 1973م، كما شاركت من عام 1983م إلى عام 2002م في كل أسبوع مرور خليجي، فأنا عملت على مدى 29 عاماً في المجال المروري وساهمت في وضع مشروع “حزام السلامة” عام 1989م وأتذكر أنه في عام 1967م عند تحويل المرور في البحرين من جهة اليسار إلى اليمين عملت ممثلاً عن وزارة الإعلام عندما كنت أساهم في البرامج المرورية وقبل التحاقي بوزارة الداخلية.
الحياة الاجتماعية
تزوجت عام 1971م وأقيمت حفلة خطوبتي في نادي البحرين بالمحرق وفي عام 1972م سافرت للقاهرة للزواج حيث كانت لا تقام حفلات زواج في تلك الفترة بل يقتصر الأمر على حفلات الخطوبة وكان معي في شهر العسل الإخوة خالد المحميد ونبيل المحميد وعلي الشتي وعلي المحميد وعبدالعزيز بوجيري وعلي الجودر وراشد عبدالرحمن وأتذكر أننا جميعاً أقمنا في فندق جراند أوتيل بالقاهرة بعدها ذهب بعض الإخوة إلى لبنان أما أنا فذهبت إلى سوريا، وقد رزقت 3 أولاد هم المرحوم إبراهيم ومحمد وهو متزوج ويعمل في الإدعاء العام بقوة دفاع البحرين وسعود يعمل في قسم الاتصالات بوزارة الداخلية وهو مازال يسكن معي في المنزل، أما الإناث فلدي “دلال ودانة” وهما متزوجتان والحمد لله أن كل أبنائي حاصلون على الشهادات الجامعية.
تجربة انتخابية
في أول انتخابات بلدية تجرى بالبحرين في العهد الزاهر للملك المفدى حفظه الله ورعاه عام 2002م وبطلب من أهالي الدائرة الأولى بمحافظة المحرق التي تشمل منطقة البسيتين قررت خوض المعركة الانتخابية وكنا 4 مرشحين هم أنا والمرحوم عبدالعزيز جمشير وخليفة البنجاسم ومحمد المطوع، حصلت في الجولة الأولى على 49% من الأصوات وهي أعلى نسبة بين المرشحين، وفي جولة الإعادة بيني وبين خليفة البنجاسم لم أوفق في الفوز ومن حينها قررت عدم خوض أي انتخابات قادمة.
البرامج المرورية بإذاعة البحرين
بدأت عملي بإذاعة البحرين عام 1971م ببرنامج “سكة السلامة” عندما كان المرحوم إبراهيم علي كانو مديراً للإذاعة وكان برنامجاً أسبوعياً واستمر مدة 3 سنوات قبل أن ألتحق بالعمل في وزارة الداخلية عام 1974م، كما قدمت فقرة مرورية في برنامج “ركن المرأة” بطلب من مقدمته المذيعة “بدرية هجرس” وفي عام 1979م طلب مني المرحوم الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة مدير إدارة المرور والترخيص حينها عمل برنامج يومي عن المرور بإذاعة البحرين باسم “طريق الأمان” ومازال البرنامج مستمراً حتى اليوم، عملت مشروع “المنهج المروري لرياض الأطفال” وتم إنجاز العمل في مصر ويتكون من 300 قطعة ويدرس للأطفال على 3 مراحل من سن الثالثة إلى السادسة، والحمد لله أن أبناءنا في المراحل الابتدائية يعلمون الكثير من النظم والقواعد المرورية وهذا المشروع لا يوجد له مثيل في العالم، لكن هذا العمل يحتاج إلى مبالغ كبيرة لإنجازه وقد كرمتني وزارة الداخلية بدفع مبلغ كبير من مصروفاته، كذلك قمت بتأليف كتاب عن تاريخ المرور في البحرين من عام 1914م إلى عام 1969م يحتوي على 375 صفحة.
أشهر من درست معهم
عندما كنت أدرس في الكويت كان معي عبدالله عبدالرحمن محسن الفارس الذي عمل محافظاً لمدينة الكويت وناصر عبداللطيف العثمان الذي شغل منصب وكيل وزارة الداخلية بالكويت، وعبدالله خلفان أبو الهول من إمارة دبي وكان مديراً للأمن العام بها، حيث كان الفريق ضاحي بن خلفان نائباً له.
طرائف مرورية
ذات يوم اتصلت بي زوجة دكتور من مدينه المحرق قائلةً لي إن ابنها الصغير حسون لا يريد الجلوس على مقعد السيارة الخلفي أثناء السياقة، وأريد منك تخويفه للاستماع لكلامي فقلت لها إنني أقوم بتسجيل كل 3 حلقات يومياً مسبقاً فكيف أتأكد من وجود ابنك معك؛ وصدفة عندما قدمت تلك الحلقة كان ولدها معها وكنت أقول فيها إن شرطي المرور سيقوم بمعاقبة كل صغير يجلس على المقعد الأمامي للسيارة؛ فإذا بالأم تتصل بي مرة أخري وتشكرني وتقول إن ابنها استمع لكلامها وأصبح لا يجلس إلا في المقعد الخلفي.