كتبت - عايدة البلوشي:القروض الشخصية ظاهرة ابتلي بها كل معيل، وتسبب الإسراف فيها؛ بمشكلات هددت ولاتزال الأسرة، وأدخلت جميع أفرادها في دوامة الخلافات. (الوطن) حاولت أن تتعرف على حقيقة الظروف؛ التي تؤدي بالناس إلى الاقتراض، وكانت الحصيلة هذه الآراء... المباهاة لا غير ترى منى عبدالله أن من أخطر السلوكيات التي تقوم بها بعض الأسر وكذلك الشباب، الاقتراض دون حاجة منطقية، غافلين عن الآثار السلبية للاقتراض، مبينة أن هناك فرقاً بين من يقترض مضطراً؛ وبين الذي يقترض من أجل الرفاهية والمباهاة، كأن تقترض المرأة من أجل شراء فستان سهرة، أو يقترض الرجل من أجل شراء سيارة أو للسفر. شر لابد منه ولا يعتقد محمد علي؛ بوجود من يرغب في الاقتراض، لكن ظروف الحياة هي من تجبر الناس، خصوصاً الشباب منهم على الاقتراض، مبيناً أنه مع بدء المرحلة الجامعية؛ يبدأ الشاب بالتفكير في مستقبله والبحث عن وظيفة، وبعد أن ينالها، ينتظر لسنوات لكي يكمل نفسه، ويهيئها للزواج، وفي نهاية المطاف؛ لا يستطيع أن يوفّي بتكاليف الزواج، وعندها يلجأ إلى القروض. ويشير علي؛ إلى صنف آخر من الشباب، يرغب بإكمال دراسته الجامعية، ولا يسعفه راتبه، فيقع في مطبات القروض، لكن هذا القرض مختلف، فهو يبني مستقبل صاحبه؛ حين يهيئ أرضاً خصبة للحصول على وظيفة، خلاف شريحة تقترض لتشتري سيارة، تبدلها بين حين وآخر. تجربة مرّة وتسرد سمية حمد تجربتها وتقول: لجأ زوجي إلى الاقتراض؛ من أجل علاج ابنتنا؛ التي أصيبت عندما كانت في الثالثة بمرض نادر، حيث بدأنا رحلة العلاج من السلمانية إلى المستشفيات الخاصة دون نتيجة، إلى أن أخذناها إلى السعودية وأجريت لها عملية، وأكد الأطباء أنها بحاجة إلى عملية أخرى، وهي مكلفة فاضطررنا إلى القروض. وتقترح حمد توفير صندوق من أجل مساعدة الأطفال المرضى. التخطيط السليم يؤكد عبدالكريم حسن أن التخطيط والتنظيم؛ هي مفاتيح النجاح في الحياة ومواجهة صعابها، ويردف: واجهت في بداية حياتي العملية؛ العديد من المشكلات المادية والاقتصادية، بسبب سوء التخطيط والتنظيم واللامبالاة، لكن استطعت بعد التخطيط؛ التقليل من القروض؛ حيث وضعت خطتين؛ شهرية وسنوية، الشهرية قصيرة المدى، والخطة السنوية بعيدة المدى. د. المناعـي: ثقافة الاحتياط للمستقبل غائبــة عن مجتمعنــا من جانبه يؤكد رئيس قسم علم النفس بجامعة البحرين د. شمسان المناعي؛ أهمية التخطيط الحكيم والدراسة العلمية والاحتياط للمستقبل، مشيراً إلى مجتمعنا لا يهتم بهذا النوع من التفكير والتربية، بسبب رغبة البعض في المباهاة وحب الظهور لإشباع ثغرات نفسية ناقصة فيه، مقابل مجتمعات متقدمة استطاعت أن تشق طريقها، فهذبت صغارها منذ نشأتهم على كيفية استغلال المصرف اليومي، وفهم عملية الشراء، وقيمة المادة، وتقدير الأولويات حتى ينشأ عضواً فاعلاً يندرج في مجتمعه، متفهماً معنى الحاجة والإشباع، مدركاً معنى الاستهلاك. ويلفت د. المناعي إلى الأضرار النفسية للقروض سواء على الفرد أو الأسرة، فهي تخلق الخلافات الأسرية بين الزوج والزوجة، خصوصاً على المرأة بحكم هوسها في الشراء والتسوق، وهو ما يولد لديها نوعاً من القلق والتوتر والتذمر في كثير من الأحيان، وتعيش لا شعورياً في حالة من التوتر، وكذلك على الرجل (الزوج)، إذ ينتابه في حال انخفاض الموازنة؛ الخوف والتوتر، لأنه هو المسؤول عن أسرته، مبيناً أن أغلب الأمراض كالسكر والضغط، تنجم عن الضغوطات النفسية كما بينت العديد من الدراسات.ويبين د. المناعي؛ إن انتشار ظاهرة القروض في عديد من المجتمعات، جاءت نتيجة لأسباب عدة تأتي قي مقدمتها؛ تداخلت الكماليات مع الحاجات الضرورية، إذ صار الجميع يشكون من القروض والديون وقله المادة، وهذا قد يكون مبعثه سوء التخطيط والتوزيع واللامبالاة بالمستقبل وعدم الوعي، حيث نجد الشباب على سبيل المثال في بداية حياته العملية؛ يلجأ إلى ما يسمى بالقروض لشراء سيارة أو من أجل ارتداء الملابس ذات ماركة معينة، وكذلك تحب الفتاة ارتداء ما يميزها عن غيرها؛ فتلجأ إلى القروض دون التفات إلى المستقبل، وربما تكون الحاجة في بعض الأحيان؛ سبباً للجوء إلى القروض الشخصية خصوصاً في ظل ارتفاع الأسعار، وأيضاً ارتفاع تكاليف الحياة مقارنة بالسابق، ففي السابق على سبيل المثال كان الطفل يكلف الأسرة في الشهر 100 دينار تقريباً؛ هذا قبل 15 سنة، أما اليوم فنجد أن الطفل يحتاج إلى 500 دينار للحاجات؛ سواء من حيث اللبس أو المأكل والمشرب. ومن الأسباب أيضاً تدني الرواتب بالنسبة لتكليف الحياة، إذ لا يوجد خط متواز بين الرواتب وتكاليف الحياة ، ومن هنا تلجأ الأسرة إلى القروض، وكذلك عدم وعي بعض الشباب وهم في مقتبل العمر، وعدم اهتمامهم بالمستقبل، إذ ينصب اهتمامهم على اللحظة الحاضرة فقط، وكذلك تعزيز مفهوم الخصوصية لكثير من الأسر، فالشاب يريد أن يمتلك الأشياء «الحاجات» بصفة منفردة، ولا يشترك مع أخوته، فيضطر رب الأسر إلى شراء أكثر من حاجة.
970x90
970x90