تتكئ فتاتان إحداهما فلسطينية والأخرى إسرائيلية على عارضة حديدية مطلة على البحيرة الصناعية لمشاهدة قرود من فصيلة الغيبون تقفز في استقبال زوار «حديقة حيوانات القدس التوراتية» بالصراخ والإيماءات.
وبعد توقف القرود عن الصراخ تركض زينب إلى والديها شريهان ومحمد أبو سبيتان من حي الطور الفلسطيني في القدس الشرقية بينما تذهب تالي إلى شقيقتها الكبرى شيرا كلوبر من حي جائولا لليهود المتشددين في القدس الغربية والتي تشرف على إخوانها الخمسة.
تمتد حديقة الحيوان على مساحة 25 هكتاراً في واد جنوب القدس المحتلة وهي من الأماكن الترفيهية القليلة في المدينة المقدسة التي تمكن الفلسطينيين والإسرائيليين الذين يعيشون في أحياء منفصلة مع بعض الاستثناءات من التقاء عائلاتهم.
وتشرح سيغاليت دفير هيرز المسؤولة في حديقة الحيوانات «نسعى جاهدين إلى أخذ زوارنا العرب بالاعتبار. كل التوجيهات مترجمة الى العربية ولدينا عدد من الموظفين العرب في الحديقة خصوصا بين المرشدين».
وتقف الفتاة المحجبة الفت أبو قطيش على المدخل لتستقبل الزوار بابتسامة وهي ترتدي اللباس الأخضر الخاص بموظفي الحديقة. وتقول ابو قطيش التي تزود زوار الحديقة بالمعلومات «يختلط العرب والاسرائيليين هنا ويعملون معا. هنا ننسى السياسة لبعض الوقت على الرغم من ان كلا منا لديه افكاره التي ليس مستعدا للتخلي عنها».
وتعد الحديقة متشبعة بالافكار الصهيونية إذ إنها أنشئت عام 1993 باسم «حديقة الحيوان التوراتية» بهدف جمع كل الحيوانات المذكورة في الكتاب المقدس اليهودي.
وبفضل الحديقة، تم حفظ بعض الأنواع المهددة بالانقراض وإعادة إطلاقها إلى البرية مثل الأسد الآسيوي والدب السوري البني والفهد الصياد وتمساح النيل والأيل الأسمر الفارسي.
وفي الحديقة اليوم «عشرات الفصائل» من بين أسماء الحيوانات المئة والعشرين المذكورة في التوراة.
لكن الزهور والشلالات والمروج المنسقة في الحديقة غير كافية لكسر الحواجز بين العائلات الفلسطينية واليهودية الزائرة. وتقول شيرا كلوبر التي تجلس على بطانية مع أخوتها «عائلة عربية؟ أين»، متظاهرة بانها لا ترى عائلة أبو سبيتان الفلسطينية التي تجلس تحت شجرة على بعد أمتار قليلة.
أما محمد أبو سبيتان فيقول وهو يحضن ابنته زينب «الحديقة لطيفة، آتي إلى هنا كي تتمكن ابنتي من اللعب على العشب ورؤية الحيوانات. إن تكلم معي اليهود فأنا أجيبهم ولكن الحديث ينتهي هنا».
ويتابع «لكل منا جهته مع عائلته، ليس هناك أي اتصال حقيقي بيننا».
ويبدو التوتر ظاهراً أيضاً بين موظفي الحديقة، ويقول احد البستانيين العرب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه «لا يوجد صراع ظاهر بين اليهود والعرب ولكن كما في الكثير من الحالات في إسرائيل، يعاني الموظفون العرب من التمييز في الرواتب».
970x90
970x90