أصرّ رئيس مجلس إدارة شركة طيران البحرين الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة، على جدولة ديون الشركة المستحقة لجهات القطاع العام، محمّلاً وزارة المواصلات تداعيات أي إجراء “تعسفي” ضد الشركة بهذا الشأن.
وردّت الشركة على تصريح وزير المواصلات كمال أحمد المنشور في الصحف المحلية أمس، أن الوزير تجاهل 4 رسائل من الشركة حول جدولة الفواتير المستجدة لرسوم المغادرة اعتباراً من مارس وأبريل 2012، مضيفة أنه تجاهل أيضاً رسالتها بخصوص تقسيط متأخرات الرسوم على أن تنتهي بأقل من سنتين.
وطالب رئيس مجلس الإدارة وزير المواصلات، بتوضيح الحقائق للرأي العام وبيان الديون المتراكمة على شركات الطيران كافة بما فيها الناقلة الوطنية الحكومية “طيران الخليج”، وما أقدم عليه من إجراءات في سبيل تحصيل المبالغ المستحقة عليها، وتساءل “هل أنصف الوزير وعدل في تطبيق ذات الإجراءات على شركات الطيران كافة؟ أم أن “عدم التهاون” ينطبق على طيران البحرين فقط كحالة فريدة؟”.
وأضاف “حتى باعتبار الناقلة الوطنية شركة حكومية، فالديون التي في ذمتها تعتبر أموالاً عامة خاضعة للرقابة المالية ومساءلة مجلس النواب، سيما أن الشركة المعنية من المفترض أن تُدار بشكل تجاري وبصورة مستقلة عن ميزانية الدولة”.
وأكد التزام شركة طيران البحرين بتسديد كافة الديون الحكومية، مضيفاً “الشركة ليست استثناءً عندما تطلب جدولة الديون الحكومية وتقسيطها بما يتناسب مع إمكاناتها واستطاعتها بناءً على تدفقاتها النقدية”.
واستغرب رئيس “طيران البحرين” إصرار الوزير على “السداد الفوري” للمبالغ المستحقة بصفة استثنائية، رغم علمه بعدم استطاعة الشركة السداد بهذه الطريقة، مستدركاً “إصراره على السداد الفوري هدفه تعجيز الشركة وكسرها، متناسياً ومتجاهلاً توصيات اللجنة المالية والاقتصادية الوزارية بهذا الشأن، وتعليمات سمو رئيس الوزراء بتجميد تسديد هذه الديون 5 سنوات لحين تحسُّن الأوضاع الاقتصادية في البلاد وتلاشي تداعيات ما شهدته البلاد من مشاكل عام 2011، والقرارات الصادرة عن الحكومة بضرورة دعم الشركات الوطنية لحين تجاوز أزماتها وبما يحسن أداء الاقتصاد الوطني”. وقال إن الوزير ألمح في رده إلى تقارير الرقابة المالية وتوصيات السلطة التشريعية، الرامية إلى تطوير عملية تحصيل الإيرادات الحكومية، مؤكداً “نحن مع عملية تطوير التحصيل، لكنها لا تعني بالضرورة العمل بشروطه التعجيزية (الدفع الفوري)، أو إغلاق الشركة”.
وتساءل في معرض رده “كيف يمكن تحصيل مديونيات الشركة في وقت يعملون فيه جاهدين لغلقها بشتى الطرق؟”، موضحاً “من المهم في هذه الحالات ومن المناسب والطبيعي، التوصل إلى الصيغة المناسبة لتحصيل المديونيات تبعاً لظروف كل حالة، بدلاً من الاضطرار إلى شطبها محاسبياً في حال غلق الشركة، وهذا ما تؤكد عليه دائماً الجهات الرقابية كافة”.
ورحب من منطلق إشارة الوزير لجهتي الرقابة المالية والسلطة التشريعية، بأي تحقيق تجريه هاتين الجهتين بصورة مستقلة، لبحث مدى عدالة ومصداقية إجراءات الوزير ضد الشركة مقارنة بالشركة الوطنية الأخرى، مشيداً بمبادرات مجلس الوزراء وتوجيهه الجهات والمؤسسات الحكومية لجدولة الديون المترتبة على شركات القطاع الخاص لتسهيل سداد التزاماتها.
وقال “نحن في شركة طيران البحرين لا نجد أنفسنا استثناءً من هذه القاعدة، رغم اختلاف الظروف التي وضعنا فيها”.
وفنّد رئيس مجلس إدارة الشركة إشارة الوزير إلى أنه أتاح الفرصة للشركة منذ مارس 2012 لجدولة المبالغ المتأخرة والمستحقة عليها نظير الخدمات الحكومية المقدمة لها، بما فيها سداد رسوم المغادرة بشكل فوري، وقوله إنه لم يستلم رداً إيجابياً من الشركة، مبيناً “الواقع أننا أرسلنا للوزير 4 رسائل ذوات الأرقام ر م إ 2012/03/04، ر م إ 2012/03/05، ر م إ 2012/04/20، ر م إ 2012/04/21 بتاريخ 12 و15 مارس و18 و23 أبريل 2012 على التوالي، تضمنت البدء بتسديد الفواتير المستجدة اعتباراً من مارس وأبريل 2012 لرسوم المغادرة، وعرضنا عليه جدولة الديون وتقسيطها باتفاق الطرفين”.
وقال إن الوزير اختار تجاهل الرسائل و«لم يصلنا أي ردٍ منه”، وبالنسبة لمتأخرات رسوم المغادرة “عرضنا عليه برسالة مؤرخة يوم 16 أغسطس 2012 رقم ر م إ 472012/08 تسديد هذه الرسوم على أقساط تنتهي بأقل من سنتين، ريثما يتفق الطرفان على كيفية سداد بقية الديون، لكنه اختار مرة أخرى ـ ورغم كل الخطوات الإيجابية ـ تجاهل العرض، واكتفى برسالته رقم وص ل/ 2012/347 والمؤرخة يوم 22 أغسطس 2012 بمطالبة الشركة بالسداد الفوري، مع التهديد بعدم الموافقة على جدول الرحلات الشتوي الذي يبدأ نهاية أكتوبر 2012، وعدم التجديد لرخصة التشغيل في الشهر التالي، ما يعني عملياً وقف كل عمليات الشركة”.
وأضاف “واكب ذلك مضايقتنا والضغط علينا بعدم إعطائنا الموافقات للتشغيل لبعض المحطات الجديدة، ومعاودة التشغيل إلى النجف وبغداد في العراق ومشهد في إيران، رغم أننا بأمس الحاجة إليها أكثر من أي وقت مضى، لمساعدتنا على النمو وتحسين نتائجنا المالية، وحرماننا من الرحلات الإضافية إلا النذر اليسير التي كانت تصدر متأخرة وبعد فوات الأوان، بغية إلحاق مزيد من الضرر المادي على الشركة، بما يتعارض مع سياسة الدولة لدعم الناقلات الوطنية، حيث وجه سمو رئيس الوزراء وزارة المواصلات في اجتماع مجلس الوزراء بتاريخ 8 يوليو 2012 إلى دعم عمل الناقلات الوطنية بما يكفل إنجاح خططها وعملياتها التشغيلية وبما يعزز قدراتها التنافسية إقليمياً ودولياً في ظل التحديات الاقتصادية”.
وحمّل رئيس مجلس الإدارة تداعيات أي إجراء تعسفي يتخذه الوزير ضد الشركة، مشيراً إلى ما تضمنه رد الوزير من أن “إقرار طلبات الرحلات الإضافية من قبل شركات الطيران يخضع لإجراءات موحدة للجميع”. وأعرب عن استغرابه مثل هذا الطرح، حيث يتبين للوهلة الأولى وكأن هذه الإجراءات وضعت قبل 4 أشهر فقط، في حين أن شؤون الطيران المدني كانت تطبق الإجراءات ذاتها منذ تأسيسها وبكل شفافية وموضوعية ودون تعقيدات أو استهداف طرف لمصلحة آخر، كونها موجودة منذ عشرات السنين كجهة حكومية ناظمة لكل أعمال الطيران المدني في البحرين، وتتمتع كجهة حكومية بعراقة وباع طويل ومعززة بخبرات وطنية موثوقة وكفؤة ويشهد لها الجميع وتنتهج سياسة الأجواء المفتوحة. وشد على يد الوزير في تأكيده الحاجة لوضع حلول جذرية لتحديات تواجه الشركات العاملة في قطاع الطيران المدني في إطار المصلحة الوطنية، وبما يسهم في النمو الاقتصادي.
وتمنى على الوزير تفعيل الأقوال بالأفعال على أساس الإنصاف والعدالة وتكافؤ الفرص بين الشركات، والوقوف على مسافة واحدة من الجميع وبروح مفتوحة من التعاون البناء في قطاع الطيران، ضمن خارطة طريق واضحة المعالم، وبما يخدم حركة النقل الجوي في البلاد حتى تستعيد عافيتها في هذا الوضع التنافسي الصعب، وتحقيق مصلحة المواطنين والمقيمين في بلاد تستحق كل الحب والتقدير والعرفان تحت ظل قيادتها الرشيدة.