شدد الباحث نوح خليفة على حتمية الخضوع للبعد القومي في قيادة مدن ومحافظات الطاقة الخليجية، وقيادة البرامج الحضرية قيادة أمنية تقوم على أسس ومبادئ التخطيط العلمي الذي يضمن لتلك المدن أو المراكز الحضرية أن تؤدي أدوارها ليس فقط على الصعيدين المحلي والقومي، لكن أيضاً على المستويين الإقليمي والعالمي.
واعتبر في تقديمه لكتابه “الرفاع: التطور التاريخي وتأثيرات النمو الحضري” الذي يعتزم إطلاقه قريباً - مؤسسات الطاقة والأمن والإسكان “الثلاثي الأقوى” في عملية حفظ الأمن الخليجي ببعده الاستراتيجي من مخاطر الاستهداف الأجنبي المنظم، مؤكداً ضرورة تدعيم المدن الخليجية بعامة ومدن الطاقة خاصة بكل الاستراتيجيات الأمنية الداعمة لها، وإعدادها لممارسة أدوارها ووظائفها على المستويين الإقليمي والعالمي، ودراسة واقع المدن والقرى التي تربو على مواقع الطاقة والمحيطة بها، وبذل الجهود الحضرية الملائمة لتحديات المرحلة المقبلة وفق ما تتنبأ به الأبحاث المرتقبة، داعياً إلى تنفيذ الأبحاث الحضرية البينية المرتبطة بمختلف التشعبات العلمية لتعزيز بلاد الطاقة في وقوفها أمام تحديات الاستهداف ومحاولات الاختراق الأجنبية.
«مناهج إدارة
أزمات الاستعمار»
وحذر خليفة من التحولات الفكرية الأجنبية فيما وصفه بـ«مناهج إدارة أزمات الاستعمار”، مبيناً أن مناهج اختراق المدن وتشكيل عصابات التمرد وتغيير مناخات التعايش بين القوى الاجتماعية وقادتها أضحى يتطلب مقومات عصرية قادرة على مواجهتها وإدارتها بقدر من التخطيط والتنظيم الاستراتيجيين، مبيناً أن المدينة أول دوائر الاستهداف والمداخل الاقتصادية دوائر الاختراق الأولى وصناديق النفط الهدف الأصيل لتحركات الهيمنة، مشيداً في الوقت نفسه بالاستعداد الدفاعي التلقائي للقوى الشعبية الخليجية في التصدي لتحركات الهيمنة الأجنبية التي اتخذت من الأرضيات والمحتويات المدنية قواعد لإدارة الانقلابات المدنية الفئوية التي تكاثرت في منطقة الشرق الأوسط، مراوحاً أن الجاهزية الشعبية المدنية والاصطفاف الفكري الأخير للقوى الاجتماعية طرد المخترقين الفعليين من المنطقة وغير اتجاه قادة الفكر الانقلابي الأجنبي وحطم العناصر المنقادة عبر تتابع صدمات الفشل وتحطم قواهم على صخرة الوعي المجتمعي والبناء الحضري المعاصر الناجح.
ودعا خليفة إلى قيادة الأمن الاجتماعي والاقتصادي في إطار تشكيل مراكز حضرية عصرية ترتكز على الأبعاد الأمنية في مكوناتها العمرانية والاجتماعية والخدماتية ومواصلة تنمية القدرات الدفاعية المدنية الاجتماعية والبيئية في مواجهة التحديات الأمنية المعاصرة، محذراً من تأثر المقومات الأمنية المترامية الأبعاد للمدن الخليجية، وأثر ذلك في إضعاف الأداء الحكومي في حفظ الأمن الإنساني، مراوحاً أن العالم يشهد الآن ما يسمى بالمدن العالمية global cities والتي أضحت تمثل تجسيداً للسيطرة والهيمنة الأمر الذي أصبحت معه بعض المدن القومية مهددة بتراجع أدوارها ووظائفها السياسية والاقتصادية بسبب تراجع دور الدولة في هذه المجتمعات وفقدانها السيطرة على مواردها المحلية، مبيناً أن تراجع العواصم القومية يدعم سيطرة وهيمنة المدن العالمية على مختلف الأصعدة.
صحوة اجتماعية
بفعل الأزمات الأمنية
وأوضح خليفة أن الأزمات الأمنية العام الماضي وتبعاتها خلقت صحوة اجتماعية تمخض عنها حراكاً اقتصادياً اجتماعياً يقود نحو وحدة خليجية بمقاييس عالية النجاح، متوقعاً نتيجة لذلك طفرة اقتصادية فريدة في ربوع الخليج خلال السنوات المقبلة، مؤكداً نمو مراكز حضرية حديثة بشكل طبيعي نتيجة الاستعداد الإنساني لإيجاد مكونات استقرار أحدث، مشدداً على أهمية تدفق الفكر الاقتصادي العربي الآمن وعلاقته الطردية بدعم التطور الاجتماعي والأمني الخليجي والعربي المتوافق مع تحديات العصر.
كما دعا خليفة إلى بناء “لواء فكري قوي” وتعزيز الأوطان بالطاقات القادرة على تمكين بلاد الطاقة من تحقيق قفزات نوعية في قيادة مواردها بشكل يسهم في تعزيز التكامل الخليجي والعربي وتدعيم القوة الاقتصادية والسياسية والثقافية الخليجية لبناء ثقلها السياسي والاقتصادي على المستوى العالمي بما يسهم في تعزيز موقفها بين التكتلات الاقتصادية العالمية، وأهاب بالمؤسسات الخليجية ذات العلاقة بموضوع البحث منها مؤسسات الإسكان والأمن والطاقة الخليجية بدعم هذا المنتج العلمي للإفادة من مضامينه في تطبيق أبحاث مشابهه وأيضاً لتحفيز البحث العلمي في المجال الاستراتيجي ودعم الباحثين الخليجيين للاستمرارية في عطائهم العلمي الهادف والداعم لمنظومة التعاون الخليجي والتكامل العربي.