الرئيس المصــري من طـهــران: نظــام الأسد ظالم.. والوفــد الســـوري ينسحــــب احتجـاجــاً
طهران - (وكالات): في فضيحة جديدة للإعلام الرسمي الإيراني، ذكرت تقارير إيرانية ومصرية أن “هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني الرسمية تعمدت تزوير خطاب الرئيس المصري محمد مرسي في الترجمة الفارسية الفورية أثناء انعقاد مؤتمر قمة “عدم الانحياز” في طهران، وذلك خلال بث ترجمة خطابه بواسطة القناة الأولى باللغة الفارسية، وأقحمت الترجمة الفارسية إلى النص اسم “البحرين”، واستبدلت سوريا بالبحرين، ضمن حديث مرسي عن ثورات الربيع العربي، وحذفت أسماء الخلفاء الراشدين من الخطاب الأصلي الذي تضمن أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ، وفقاً لقناة “العربية”.
وعبّر الناشط الإعلامي الإيراني أميد مقدم عن استغرابه من هذا الأسلوب الذي وصفه بالتزوير المتعمد والفجّ والساذج. وقال مقدم إنه “سمع 3 مرات اسم “البحرين” في الترجمة الفارسية الفورية لخطاب مرسي، والذي تم بثه من القناة الأولى للإذاعة والتلفزيون”. وأضاف “كان المترجم الفارسي مرتبكاً، ما يدل على أنه كان متعمداً إقحام بعض التعبيرات في خطاب مرسي، وهذا الأمر لا يمكن أن يحدث إلا إذا كانت هناك أوامر من جهات عُليا طلبت منه ذلك، لأنه تزوير واضح على خطاب علني ورسمي لرئيس دولة سمعه العالم مباشرة بلغته العربية دون أن تكون فيه أي من هذا التعبيرات الدخيلة. وبخصوص إقحام اسم البحرين الذي لم يذكره مرسي بتاتاً في خطابه، قال موقع “بازتاب إمروز” الإيراني إن “المترجم غيّر كلمة مرسي عندما استبدل اسم البحرين بسوريا، في حين لم يشر مرسي إلى البحرين إطلاقاً”.
وكان مرسي ذكر في خطابه الثورات العربية في كل من تونس وليبيا ومصر وسوريا، واستبدل المترجم الإيراني سوريا بالبحرين.
ونشرت بعض وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية الخطاب المحرّف للرئيس المصري، حيث تعمد موقعا “جهان نيوز” و«عصر إيران” إبراز مقتطفات من كلمة مرسي دون ذكر الأهم فيها وهو ما يتعلق بموقفه من الوضع في سوريا. وقد ندد مرسي خلال خطابه في القمة بـ “النظام الظالم” في سوريا، ما أدى إلى انسحاب الوفد السوري من قاعة القمة. وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم إن الوفد انسحب لأن مرسي حرض على سفك الدم السوري في خطابه.
وقد تجاهل المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الحديث عن سوريا خلال خطابهما في القمة، فيما تحدثت تقارير عن ضغط إيراني لعدم إدراج الأوضاع في سوريا على جدول أعمال القمة.
وهيمن الملف النووي الإيراني والخطابات حول الأزمة في سوريا على أعمال افتتاح القمة.
وهذه القضايا بددت مظاهر الانسجام الدبلوماسي التي كانت إيران تحاول إعطاءها عن قمة هذه الحركة التي تضم 120 عضواً. وافتتح المرشد الأعلى الجلسة بخطاب شدد فيه على أن إيران “لا تسعى أبداً للتسلح النووي”. لكنه أكد في الوقت نفسه أن إيران “لن تتخلى أبداً عن حق الشعب الإيراني في استخدام الطاقة النووية لغايات سلمية رغم الضغوط والعقوبات الدولية”. وأضاف خامنئي أن “إيران تعتبر استخدام الأسلحة النووية والكيميائية وأمثالها ذنباً كبيراً لا يغتفر. لقد أطلقنا شعار “شرق أوسط خالٍ من السلاح النووي، ونلتزم بهذا الشعار”. وحول العقوبات الاقتصادية الغربية الهادفة للضغط على إيران في الملف النووي قال المرشد الأعلى إن “حالات الحظر التي سماها الهاذرون باعثة على الشلل لم تبعث على شللنا ولن تبعث عليه”. وفي هذا الإطار رد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في خطابه بالقول إنه على إيران بناء الثقة حول برنامجها النووي عبر “الالتزام الكامل بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة والتعاون الوثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية” محذراً من اندلاع “دوامة عنف” على خلفية المسألة النووية الإيرانية.
وأضاف “بما فيه مصلحة السلام والأمن في المنطقة والعالم، أطلب بإلحاح من الحكومة الإيرانية اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة الثقة الدولية بخصوص الطابع المحض سلمي لبرنامجها النووي”.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أيضاً قادة “كل الأطراف” في الأزمة النووية الإيرانية إلى “وقف التهديدات الاستفزازية” التي يمكن أن “تتطور سريعاً إلى دوامة عنف”. من جهته انتقد خامنئي بشدة مجلس الأمن الدولي معتبراً أنه يشكل “ديكتاتورية معلنة”. وقال إن “مجلس الأمن الدولي ذو بنية وآليات غير منطقية وغير عادلة وغير ديمقراطية على الإطلاق. هذه ديكتاتورية علنية ووضع قديم منسوخ انقضى تاريخ استهلاكه”.
وأضاف أن “غرفة عمليات العالم يجب ألا تدار بديكتاتورية عدة بلدان غربية” في إشارة مبطنة إلى الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا. وتابع “ينبغي التمكن من تشكيل و تأمين مشاركة ديمقراطية عالمية على صعيد الإدارة الدولية”. من جانب آخر، وصف الرئيس المصري محمد مرسي الذي يقوم بأول زيارة لرئيس مصري إلى طهران منذ الثورة الإسلامية عام 1979، النظام السوري بأنه “ظالم” وشدد على أن سوريا تشهد “ثورة” على غرار ثورة مصر ما دفع بالوفد السوري إلى مغادرة القاعة. وقال مرسي في خطابه الافتتاحي “الثورة المصرية مثلت حجر الزاوية في حركة الربيع العربي ونجحت في تحقيق أهدافها السياسية لنقل السلطة إلى الحكم المدني”. وأضاف أن هذه الثورة بدأت بعد أيام من ثورة تونس وتلتها ليبيا واليمن واليوم “الثورة في سوريا ضد النظام الظالم”. وأكد مرسي أن مصر “على أتم الاستعداد للتعاون مع كل الأطراف لحقن الدماء في سوريا، وتدعو الأطراف الفاعلة إلى اتخاذ مبادرتها من أجل وقف نزيف الدم وإيجاد حل للأزمة في سوريا”.
وفيما كان مرسي يلقي خطابه انسحب الوفد السوري برئاسة رئيس الحكومة وائل الحلقي من القاعة. وإثر ذلك، اتهمت دمشق الرئيس المصري بالتحريض على سفك الدم السوري في خطابه اثناء القمة. ونقل التلفزيون السوري عن وزير الخارجية وليد المعلم قوله إن الوفد السوري انسحب من القاعة “احتجاجاً على مضمون كلمة مرسي الذي يمثل خروجاً عن تقاليد رئاسة القمة، ويعتبر تدخلاً في شؤون سوريا الداخلية ورفضاً لما تضمنته الكلمة من تحريض على استمرار سفك الدم السوري”.
وقد بحث الرئيس الإيراني ونظيره المصري الأزمة السورية والعلاقات الثنائية المقطوعة منذ أكثر من 30 عاماً، كما أفاد نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان. وقال لشبكة تلفزيونية إيرانية أن الرئيسين “شددا على ضرورة تسوية الأزمة السورية بالسبل الدبلوماسية ومنع أي تدخل أجنبي” في سوريا.
وأضاف أنهما “بحثا أيضاً سبل رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين”.
ويحضر القمة التي تستمر أعمالها حتى اليوم 29 رئيس دولة أو حكومة فيما تمثلت الدول الأخرى على مستويات أقل. من جهة أخرى، أعلن متحدث رسمي عراقي أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي سيقدم خلال مؤتمر قمة عدم الانحياز في طهران، مبادرة لمعالجة الأزمة السورية تتضمن تشكيل حكومة انتقالية قد تضم الرئيس بشار الأسد، بحسب ما ذكر متحدث رسمي.
وقال علي الموسوي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء من طهران إن “رئيس الوزراء سيقدم مبادرة لحل الأزمة السورية تتضمن تشكيل حكومة انتقالية تضم جميع مكونات الشعب السوري، وتتفق الأطراف على الشخصية التي تترأسها”.