طارق مصباح
لم يفلح مدرسو أحد صفوف الثالث إعدادي في حث الطلاب على عمل لوحات حائطية وتعليقها على جدران الصف! مرةً بترغيبهم بتزيين الصف بمحتويات الكتب الدراسية من آيات وقوانين وصور علمية، ومرةً بزيادة الدرجات!
إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة، وقبيل نهاية العام الدراسي بأسابيع.. تقاطرت تلك اللوحات الجميلة والملونة.. بأوراق بلاستيكية وأخرى بالفلين وأخرى بالخشب، يا سلام! لماذا كل ذلك يا شباب؟ الجواب: “المدير أخبرنا أن الصف المرتب سيذهب في رحلة إلى منتزة ترفيهي”!
هذه الحال يعاني منها بعض من مربي الفصول ومدرسي المواد، بل إن بعض المدارس جدرانها خاوية على عروشها، وفصولها كئيبة، وطاولات الطلاب ملطخة بـ«البلانكو”، ثم يوصف طلاب هذه المدرسة بأنهم “أغبياء.. لا يحبون الدراسة.. مهملون.. لا فائدة منهم”، فمن أين الخلل؟!
سألت أحد الطلاب يوماً: “كيف حال جدران مدرستكم”؟ فأجابني “جدار صفنا أكلح أملح.. وجدران المدرسة تكتب عليها عبارات مسيئة أخلاقياً واجتماعياً”! فقلت في نفسي: “أتجهل بعض إدارات المدارس أهمية هذه الجدران، والعلاقة الوطيدة بينها وبين الطلاب.. بل والمدرسين”؟!
إن العناية ببيئة المدرسة من حيث تزيين جدرانها الداخلية والخارجية بعبارات الحث على الدراسة وروعة التفوق وأهمية بناء أمجاد المجتمع على أكتاف الشباب، وغيرها من اللوحات التعليمية التي تدل على أن هذا المكان ليس سجناً لكبت الحريات أو وكراً لممارسة الانحرافات السلوكية أو مرتعاً للهو والعبث وإنما هو مكان مُهيِّئ لتلقي العلوم ورفع الدرجات ونيل أبلغ الأماني والغايات، لتعلم ما نجهله ولنستزيد من المعرفة من أجل أن ننجح ونعمل بهذا العلم الذي سيتدرج معنا في المراحل الدراسية العليا إلى أن نتخرج ونحصل على الوظيفة المرموقة التي ستحقق كل خير لنا ولمجتمعنا.
إن العناية بجدران المدرسة والصفوف من أول يوم دراسي له دلالات وانطباعات جميلة، فإضافة إلى إضفاء الحس الجمالي والذوق الفني فإنه يشجع على النضوج العقلي والاتزان في شخصية الطلاب، إضافة إلى كونه يهيئ الأجواء للتلقي والتعلم بعيداً عن الخمول والكسل أو اللجوء إلى القفز خارج أسوار المدرسة أو الانزواء بين أروقتها. المدرسة الجميلة تبعث السكينة والراحة والطمأنينة في نفوس الطلاب وتدعوهم للنظافة الشخصية والحفاظ على ممتلكاتها لأنها أمانة ومسؤولية وتعمق الولاء لها.
لا ينبغي أن يكون جدار المدرسة جداراً فاصلاً أو جداراً عنصرياً أو طائفياً، بل إننا ندعو إلى جدار المحبة والتعاون والإخاء، جدار الإيجابية والوفاء، نريد جدراناً تدفع الطلاب نحو الدراسة وتحببها في نفوسهم وتكره إليهم الفشل والانحرافات والعصيان.
شعــــاع:
لا ينبغي أن تُرمى لوحات الطلاب المميزة في حاوية القمامة القريبة من المدرسة في نهاية العام، هذا يسبب ألماً نفسياً لأصحابها، ويقدم مفاهيم تربوية سلبية بشكل غير مباشر.