لدي شعور إنساني نبيل راقِ تجاه من يتواصل معي على الدوام، أعلن حبي وتقديري واحترامي عبر الأثير، الحب والود والإخاء لكم جميعاً يا معشر الأطايب، لم يعد الحب سراً أخفيه على أحد منكم، ولم يعد الحب نظرة وكلمة وابتسامة، بل هو التقاء العقول والقلوب والأرواح بمحبة لله ومن أجله سبحانه.
يا له من شعور رائع عندما يتغلغل في أعماقي حباً للجميع، يا له من شعور يمدني بالقوة والعلاقة المتينة مع أحبابي، يا له من شعور يعطيني الأمل بالحياة الجميلة، في عالم يخلو من الحسد والحقد والغل والكراهية، يا له من حب يمدني بالحياة والسعادة الغامرة، يا له من شعور يتوجني ملكاً على مملكة الحب، في حب في الله وبالله وتالله فأجلس على عرش القلوب.
إن علاقاتنا الإنسانية السوية التي تبعد بعد المشرقين عن المصالح الدنيوية لا تقاس بطول العشرة، إنما تقاس بجميل الأثر وجمال الأخلاق وحسن التعامل والمواقف النبيلة، فكم من معرفة قصيرة المدى لكن بجمالها وصفائها وهدوئها هي أعمق وأنقى من أطول معرفة مرت في حياتك، فإذا تعاملت مع شخص ووجدت في نفسك حباً له، مباشرة اذهب واعلمه بأنك تحبه في الله كما جاء في معنى الحديث عندما جاء أحد الصحابة للمصطفى صلى الله عليه وسلم وقال إني أحب فلان، فقال عليه الصلاة والسلام “اذهب إليه وأعلمه بحبك”.
هل نعلم أن الإنسان هو كتلة عاطفية من الأحاسيس والمشاعر فياضة فلا يستطيع الاستغناء عن العلاقات الاجتماعية الإنسانية الحميمة، وبدونها يصبح الإنسان شبه ميت تماماً أي روح بلا جسد، لذا فهو بحاجة إلى الإشباع العاطفي من المحيطين به.
وبدون الإشباع العاطفي تتحول الحياة الهادئة إلى خصومات ومناكفات وضغينة وجفاء وجو يبشر بالقطيعة وطول أمد العداوة وخاصة بين ذوي القربى، وتنهار أواصر المحبة والتكافل الاجتماعي وتفتقد المشاعر النبيلة ويغيب الدفء العاطفي والشعور بالأمان.
اليوم تجد الإنسان يعيش حياة غير مستقرة فاقداً الأمن والأمان وراحة البال وصفاء النفس، وربما تجده يأكل ما لذ وطاب من المأكولات، ويعيش في القصور والأبراج الشاهقات، وتتوفر له كل مقومات العيش الرغيد والرفاهية المطلقة، بل بعض الناس يشار له بالبنان ونال أعلى الشهادات، وترأس أغنى الشركات وحقق النجاحات تلو النجاحات، إلا أنه يشعر بالغربة والوحدة والعزلة والانهزام من الداخل.
والسؤال إذاً لماذا نعيش حياة فيها من التناقض المزدوج مع أنفسنا ومع الآخرين؟.
في وجهة نظري القاصرة أن من يبني علاقته مع الآخرين على المصلحة الدنيوية، بسعي حثيث إلى إقامة علاقة مع بعض طبقات المجتمع الراقية الغنية أصحاب الثروات لغرض المصلحة الدنيوية بغض النظر عن الصداقة والأخوة.
حتى إذا وصل إلى هذا الشخص إلى مبتغاه شعر بالحرج ودنا بنفسه إلى مرحلة الذل والهوان، زاعماً أمام الناس ومفتخراً أن أصحابه وأصدقاءه هم من أصحاب الطبقات العالية وأصحاب الثروة، وفي نفس الوقت يكون بالنسبة لهؤلاء مجرد شخص متطفل وشحاذ يفرض نفسه على الآخرين وغير مرغوب به.
هناك عامل مهم ربما لا يخفى على الجميع في فن التواصل الفعال وهو كثرة مشاغل الناس، نجد أن أغلب الناس بعدما دخل علينا العالم الجديد، عالم الفيسبوك والتويتر وتوفر أجهزة التواصل بداية من الحاسب الآلي المحمول والأجهزة الخلوية المتطورة من الجيل الخامس والآيباد اللوحي، لذا من ابتعد عن عالمه الحقيقي ودخل عالمه الوهمي الخفي، لم تعد تكفيه 24 ساعة في اليوم لإتمام جميع أعماله وقضاء كل انشغالاته والتزاماته.
وفي خضم هذه الانشغالات نجد أن بعضنا غير قادر على أن يأتي بمزيد من الوقت لجميع علاقاته الاجتماعية الخاصة والعامة.
من يقدم لك الاهتمام وحسن الوصال ونبل الطباع فلا تهمله، لأن هذه النوعية من الناس بدأت بالانقراض في دنيا المصالح، وأفضلهم من يمر على حياتك مرور الكرام، وكالنسيم العليل هين لين سمح بشوش، ناثراً خلفه ذكريات جميلة لا تنسى.
صالح الريمي