أكَّد صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، أنَّ التنمية المستدامة أقل كلفة مادياً وبشرياً من ولوج نفق الصراع المظلم، لافتاً إلى ضرورة توحيد الجهود لتحقيق التنمية من أجل الإنسان وعدم تشتيتها بالنزاعات.
وأضاف أنَّ شعوب العالم لا تزال بحاجة إلى جهد أكبر للإسهام في التحول الحضري، وتوفير مقومات الحياة بشكل يكافئ الحركة المتسارعة للنمو السكاني، داعياً إلى توجيه الجهود وتوحيدها نحو غايات تحقيق «التنمية من أجل الإنسان»، وعدم تشتيتها في صراعات ونزاعات ألحقت ضرراً بالعالم.
وقال سموه في رسالة وجهها إلى المنتدى الحضري العالمي السادس الذي بدأ أعماله في مدينة نابولي الإيطالية أمس، إن السير في الطريق الصعب لبلوغ التنمية المستدامة، أقل كلفة مادياً وبشرياً من السير في نفق الصراعات المظلم، بما تحمله نهايته من دمار ونتائج كارثية على حياة الشعوب.
ووزعت رسالة سموه على نطاق واسع داخل أروقة المنتدى باللغات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والعربية، وتوزيعها على رجال الصحافة والإعلام من مختلف الوسائل الإعلامية العالمية الموجودة لتغطية فعاليات المنتدى.
ودعا سموه المجتمع الدولي إلى استيعاب دروس التاريخ وتكريس الاهتمام بالتنفيذ الكامل للشراكة، من أجل قضايا التنمية الحضرية المستدامة، ودفع الجهد الدولي لمجابهة التحديات الماثلة في هذا المجال، وتفعيل الالتزامات التي جرى التعهد بها على المستوى الأممي، من خلال رؤية مشتركة تتوفر لها الإمكانات والموارد المادية، وخبرات تمكنها من وضع الأسس الراسخة لبناء مجتمع مستدام يضمن حياة أفضل للبشرية في حاضرها ومستقبلها.
وأضاف سمو رئيس الوزراء أنَّ الدول النامية والشعوب الفقيرة، هي الأكثر احتياجاً لمدّ يد العون وحشد الدعم الدولي لجهودها نحو تحقيق التنمية الحضرية المستدامة، والعمل على تحفيز النمو الاقتصادي عبر تنفيذ سياسات استشارية تعمل على تعزيز التدفقات ورؤوس الأموال لتحسين نوعية وجودة الحياة في هذه البلدان، داعياً الجميع إلى المشاركة في تحمل المسؤولية لتمكين هذه المجتمعات من اللحاق بركب التنمية وتوفير حياة أفضل لشعوبها.
وأوضح سموه أنَّ البحرين وعبر البرامج الحكومية والخطط التنموية أولت قضايا التنمية الحضرية المستدامة اهتماماً متزايداً، ما أسهم في تحقيق النهضة الشاملة التي تعيشها المملكة حالياً، في ظلِّ رؤى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حيث خطت البحرين خطوات جادة نحو التغير في مختلف المجالات التنموية.
وقال سموه إنَّ «هدفنا أنْ ننجز العديد من المشاريع التنموية وفق أهداف بعيدة ورؤية مدروسة»، مؤكداً أنَّ البحرين تبذل جهداً متواصلاً لتوفير بيئة معيشية مستدامة لمواطنيها، تتيح مستوى متقدماً من الخدمات والبنية التحتية، تهيئ واقعاً معيشياً ملائماً في الوقت الحاضر وبيئة أفضل للأجيال المقبلة.
وأعرب عن ثقته أنَّ الدورة السادسة للمنتدى الحضري العالمي المعقودة تحت شعار»مستقبل المدن»، سيكون لها مردود إيجابي كبير يسهم في مساعدة المجتمع الدولي بصفة عامة والدول النامية بصفة خاصة، لمواجهة التحديات في مجال التنمية الحضرية المستدامة.
وعدَّ سمو رئيس الوزراء إلى أنَّ مشاركة البحرين في المنتدى بوفد رسمي كبير يمثِّل الوزارات الخدمية والجهات ذات العلاقة، دليلاً على ما توليه الحكومة من اهتمام ودعم للجهد الدولي، الذي يتناول قضايا التنمية الحضرية، وحرصها على الاستفادة من التجارب والخبرات العالمية في هذا المجال المهم.
وأوضح سموه أنَّ جائزة خليفة بن سلمان للمستوطنات البشرية جاءت كدعم من البحرين لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية للارتقاء بأداء البرنامج وتنفيذ رؤيته المرتبطة وتحقيق الأهداف الألفية الإنمائية، عبر تحفيز الدول والمؤسسات على تنفيذ مشاريع تخدم التنمية المستدامة.
ولفت سموه إلى أنَّ البحرين واهتماماً منها بأهمية دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، فيما يتعلق بالقضايا ذات الصلة بالتنمية المستدامة، استضافت عام 2008 الاجتماع التحضيري الإقليمي لدول غرب آسيا حول التنمية الحضرية المستدامة، وكان من الاجتماعات الناجحة التي أدت إلى إرساء الحوار وتبادل الخبرات الدولية بشأن تنفيذ آليات الأهداف الإنمائية للألفية.
وقال سموه إنَّ تقدير الأمم المتحدة بمنحه جائزة الأهداف الإنمائية للألفية مثَّل حافزاً لتحقيق مزيد من النجاحات وتحسين حياة الفرد في الصحة والتعليم والإسكان، حيث إن مثل هذا التقدير أوضح الجهود المميزة لحكومة وشعب البحرين، بالتعاون مع المجتمع الدولي في تحقيق جزء كبير من الأهداف الإنمائية للألفية.
وأشار إلى أنَّ المملكة كانت أوائل الدول في دعم جهود برنامج «الموئل» الخاصة بأوضاع المدن، حيث انطلقت من أرضها النسخة العربية للتقرير العالمي عن ‘’حالة مدن العالم 2008 ـ 2009 المدن المنسجمة’’، بما يعبِّر عن الشراكة العميقة بين الجانبين.
وشدد سموه على أنَّ مستقبل المدن يرتبط بمدى القدرة على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بجعل المدن مكاناً أكثر ملائمة للعيش الكريم، من خلال توفير الخدمات الضرورية والعمل على تنمية روح الابتكار والحلول الإبداعية لضمان الاستدامة للجهد التنموي.
ونبَّه إلى الأهمية المتعاظمة التي تكتسبها التنمية الحضرية المستدامة في الوقت الحاضر، ويشهد نمواً متسارعاً للمدن حيث يبلغ سكان العالم حالياً نحو 7 بليون نسمة أكثر من نصفهم يعيشون في المدن، ويتوقع في الـ25 عاماً المقبلة أن يعيش 60% من سكان العالم في المدن بفضل التحول الحضري الكبير المستمر في عدد من الدول النامية.
وأكَّد سموه أنَّ المحاور التي سيتناولها المنتدى والمتمثلة في «التخطيط الحضري، المؤسسات والتشريع وجودة الحياة، والمساواة والرخاء في المدن، توزيع الثروة والفرص، إنتاجية المدينة، المدن المبتكرة والمنافسة والطاقة والبيئة»، هي موضوعات ذات أهمية كبيرة تستدعي بحثها والتداول بشأنها والاستفادة من أفضل الممارسات المتبعة في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، لتكوين رؤية مشتركة للمدن في المستقبل.
وأضاف أنَّ المنتدى الحضري العالمي أضحى أحد أهم الفعاليات العالمية في مجال التنمية الحضرية المستدامة، بما يوفِّره من فضاء خصب لبحث وتوجيه مسار الجهد الدولي نحو التحول الحضري، نظراً لما يمثله من تجمع نوعي يضم كافة المهتمين بقضايا التنمية الحضرية على مستوى العالم.
وتوجه سموه بالشكر الجزيل للحكومة الإيطالية على استضافتها للمنتدى، وحرصها على تقديم كافة التسهيلات وتسخير الإمكانات اللازمة، كي يحظى المنتدى بالزخم المعهود عالمياً، مشيداً بجهود الأمين العام المساعد للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية وكافة العاملين في الأمانة العامة للمنتدى، في دعم قضايا التنمية الحضرية وإثارة انتباه العالم نحو الاهتمام بها.
وكان المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية جون كلوس أشاد في كلمته أمام المنتدى، بجهود صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء التنموية والجائزة التي وضعها لدعم المبادرات المنفذة على أرض الواقع، حيث إن الجائزة ساهمت في تشجيع البرامج المخصصة لمشاريع التنمية المستدامة في الدول النامية.
وكانت البحرين قد شاركت في افتتاح المنتدى الحضري العالمي السادس بوفد ضم وزير البلديات د.جمعة الكعبي، ورئيس ديوان رئيس الوزراء الشيخ حسام بن عيسى آل خليفة، ومدير عام بلدية المحرق الشيخ خليفة بن عيسى آل خليفة، وعدد من المسؤولين في الوزارات الحكومية والمجلس الأعلى للمرأة.
وأُلقيت العديد من الكلمات خلال المنتدى أكدت في مجملها أهمية حل المشاكل المعيقة للتنمية، عبر مساهمات الدول والجامعات ومراكز الأبحاث، والتركيز على حقوق المجتمع في التنمية والثقافة.