^ فشلت العاصفة الترابية التي هبت على بغداد في تأجيل موعد، أو تغيير مكان اللقاء الذي تم بين إيران ومجموعة (5+1) بشأن الملف النووي الإيراني، الذي كان من الممكن القبول بكونه مجرد اجتماع روتيني، ينعقد التزاماً بالقرار الذي خرج به لقاء إسطنبول الأخير، كي يركز جهوده على مناقشة المرحلة التي وصل إليها الملف النووي الإيراني، والإجراءات المطلوب اتخاذها للحيلولة دون انتقاله من المستوى السلمي، إلى المرحلة العسكرية، وهو الهدف الذي لم تتوقف آلة الإعلام الغربي عن الترويج له منذ ما يزيد على ثلاثة أعوام. لكن ماسبقه، وما تلاه أيضاً، من أحداث وتصريحات ذات علاقة مباشرة بالدول المشاركة، وغير مباشرة بالأوضاع في منطقة الشرق تجعل المتابع له يكاد أن يجزم، بأن جدول أعماله لم يقتصر على البند النووي، بل طالت القائمة كي تشمل بنوداً أخرى، ليس الشرق الأوسط سوى الأشد حضوراً فيها، والأكثر أهمية فيما بينها. أول تلك الأحداث، كان إنقاذ البحرية الإيرانية المباغت لسفينة أمريكية تجارية في خليج عدن، إثر تعرضها، كما صرح مسؤول بالقوات البحرية الإيرانية “ لهجوم من قبل قراصنة”، الذين لاذوا بالفرار مجرد وصول قطع البحرية الإيرانية !! التلي كانت تقوم، حسب قول المسؤول “بمهمة استطلاعية”، وصفت بأنها “روتينية”. نلفت هنا إلى أن الاستغاثة الأمريكية، والنجدة الإيرانية، وهروب القراصنة مجهولي الهوية، كل ذلك يتم تحت سمع وبصر الأسطول السادس الأمريكي الذي تجوب قطعه البحرية المتقدمة في الاتصالات والمزودة بأرقى الرادارات وأكثرها تعقيداً، دون أن يستشعر، ومن ثم يبادر لإنقاذ إحدى السفن الأمريكية التي هاجمها أولئك القراصنة، وساعدتها قطعة بحرية إيرانية تقوم بمهمة استطلاعية روتينية. ثانيها التصريحات المتناقضة التي سيطرت على أقوال الإدارة الأمريكية، ففي 19 مايو 2012، يخرج علينا الرئيس الأمريكي باراك اوباما بتصريح يقول فيه “إن زعماء الدول الثماني المجتمعين في كامب ديفيد نظرتهم موحدة حول المفاوضات المقبلة حول الملف النووي الإيراني”. ثم يعود كي يستدرك “إن إمكانية تحول البرنامج الإيراني النووي إلى إنتاج الأسلحة أمر يقض مضاجعنا جميعاً”. يعقبه بعد ذلك بثلاثة أيام فقط تصريح المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني، قائلاً “من المهم أن نلاحظ أن الإعلان اليوم يشكل خطوة إلى الأمام”، لكنه هو الآخر يستدرك كي يشدد على “أن الولايات المتحدة ستحكم على سلوك إيران انطلاقاً من أفعالها”، وكأنما الأفعال الإيرانية بانتظار هذا التوعد الأمريكي كي تعيد النظر في السلوك الذي ستختاره. أما ثالثهما فهو ما رشح من تصريحات دولية في أعقاب اللقاء الإيراني مع الوكالة الدولية للطاقة في 21 مايو 2012، حيث أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو “أن المحادثات مع كبير المفاوضي النوويين الإيراني كانت موسعة وسيكون لها تأثير إيجابي على مفاوضات إيران مع القوى العالمية في وقت لاحق هذا الأسبوع”، ورد عليه سكرتير مجلس الأمن القومي الإيراني الذي يمثل بلاده في المفاوضات مع الدول الكبرى حول البرنامح النووي الإيراني سعيد جليلي أن “بلاده والوكالة الدولية للطاقة الذرية أجرتا محادثات جيدة جداً حول تعاونهما المستقبلي”، مضيفاً “لقد أجرينا اليوم محادثات جيدة جداً وإن شاء الله سيكون هناك تعاون جيد بين إيران والوكالة الذرية”. مما يعني أن طي الخلافات، بافتراض صدق تصريحات من قالهما، والتوصل إلى اتفاق بات قاب قوسين أو أدنى. ونتوقف بتأنٍ، وتمعن مشترك عند الإشارة الرابعة، وهي الزوبعة التي ما تزال تعصف بالمكتب التنفيذي، ومن ورائه المجلس الوطني السوري المعارض، والتي قادت إلى الموافقة على استقالة أو ربما إقالة رئيسه برهان غليون، الذي أعلن فور قبول الاستقالة بأن “انسحابه من رئاسة المجلس الذي يضم 313 عضواً فور اختيار بديل له، تجنباً لمزيد من الانقسام”. وتناقلت وكالات الأنباء حينها أن “ قبول استقالة غليون، يأتي بعد حوالي أسبوع من بروز الانقسامات مجدداً داخل المعارضة السورية، حيث وصلت الصراعات الداخلية إلى القمة حول المنصب الذي كان يشغله غليون”، إلى جانب الخلافات حول الموقف من التدخل الخارجي في سوريا. ونصل إلى الخامسة، وهي ذات علاقة بالتداعيات التي أعقبت الاتهامات التي وجهت للجيش السوري الحر، وتحميله مسؤولية “خطف مجموعة من الحجاج الشيعة اللبنانيين في سوريا”، رغم نفيه ذلك، كما جاء على لسان رئيس المجلس العسكري للجيش الحر، الذي يتخذ مقرًا له في تركيا، مصطفى الشيخ، الذي قال لوكالة فرانس برس، “إن الجيش السوري الحر غير مسؤول أبداً. نحن لا نؤمن بهذه الطريقة. هذه محاولة لتشويه الجيش الحر”، وما تلا ذلك من مقتل الشيخ أحمد عبدالواحد الذي كان متوجهاً لحضور اعتصام لأهالي حلب في لبنان، عند مروره على حاجز للجيش اللبناني، وبين الحدثين، كانت تصريحات الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، بشأن خطف الجيش السوري الحر للبنانيين التي قال فيها إن “قيادتي حزب الله وحركة أمل سيتعاطيان مع موضوع خطف اللبنانيين في سورية بطريقة مسؤولة جداً”، مضيفاً :«هناك دول وقوى إقليمية مؤثرة في هذا النوع من الملفات”. في ذلك القول إشارة واضحة إلى الأحداث اللبنانية – السورية بإعادة تركيب سياسي قريب لمنطقة الشرق الأوسط. وننتقل إلى السادسة، وقبل الأخيرة، وهي احتمالات نتائج الانتخابات الرئاسية في مصر، التي تنذر، من وجهات النظر، الإسرائيلية والغربية – خاصة الأمريكية – والإيرانية، بوصول جماعة الإخوان المسلمين في مصر، الأمر الذي يعني إعادة رسم خارطة النفوذ السياسي، والانتماء العقائدي والمذهبي على حد سواء، من جديد، بما لا يتفق والمصالح الاستراتيجية والعقيدية للدول الثلاث، بالتقاطع وليس بالتوافق، ما لم يجرِ تغيير جذري في مشروع جماعة الإخوان إزاء المنطقة. وننتهي بالسابعة، وهي نتائج قمة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت قبل أيام من لقاء إيران مع مجموعة (5 + 1)، وفي أعقاب زيارة الرئيس الإيراني أحمد محمود نجاد، التي صاحبتها ضجة إعلامية إثر التصريحات الاستفزازية التي أطلقها خلال تلك الزيارة، ثم تلتها دعوة إيران مواطنيها للتظاهر عقب صلاه الجمعة للاحتجاج علي ما وصفته بخطه أمريكيه تهدف إلي ضم البحرين للسعودية. وحث مجلس تنسيق الدعاية الإسلامية الإيراني، الذي ينظم المظاهرات نيابه عن الحكومة الإيرانية، “الإيرانيين على الاحتجاج على الخطة الأمريكية الهادفة لضم البحرين للسعودية، بحسب وصفهم