معالي السيد فيلي سوفندال المحترم
وزير خارجية الدنمارك
تحية طيبة وبعد..
نكتب إليكم هذه الرسالة بعد اطلاعنا على تصريحكم لوسائل الإعلام الدولية يوم أمس حول الأحكام التي أصدرها القضاء البحريني بشأن قضية التنظيم الإرهابي لمجموعة (21)، وجاء في التصريح ما وصفتموه بأن الحكم «مخيّب للأمل»، ودعوتكم للإفراج عن عبد الهادي الخواجة الذي يحمل الجنسية الدنماركية. وجاء في تصريحكم أيضاً «من المهم أن يستمر المجتمع الدولي في جعل البحرين تدرك أهمية أن تحترم البلاد حقوق الإنسان الأساسية».
نتفهم اهتمام معاليكم بقضية الخواجة باعتباره مواطناً دنماركياً بالنسبة لكم، ولكنه في الوقت نفسه يحمل الجنسية البحرينية، وأعتقد أنه من حق البحرين أن تطبق القانون على من يتجاوزه على أراضيها سواءً كان من مواطنيها أم من المقيمين الأجانب.
معالي الوزير..
سيادة القانون في مملكة البحرين مسألة لا يمكن المساومة عليها نهائياً، ولست هنا متحدثاً باسم شعب البحرين، ولكن رسالتي بلاشك تعبّر عن شريحة واسعة من المواطنين والمقيمين التي تنظر بعين الإساءة وعدم القبول لتدخلات بلادكم في شؤون السلطة القضائية البحرينية، وهي تدخلات ليست بجديدة، وتكررت كثيراً منذ أزمة فبراير 2011، وهي تدخلات مرفوضة في العرف الدبلوماسي، وفي سياق العلاقات الدولية التي ينبغي أن تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وفقاً لميثاق الأمم المتحدة المعلن في اتفاقية سان فرانسيسكو 1945.
دعا معاليكم المجتمع الدولي إلى الاستمرار في جعل البحرين تدرك أهمية احترام حقوق الإنسان الأساسية، وهو أمر مبالغ فيه، وليس مقبولاً أن تقوم كوبنهاغن بتعليم المنامة حقوق الإنسان، فهي معروفة والبحرين لديها التزاماتها الحقوقية الدولية التي تعرف كيفية صيانتها، والتجربة أثبتت ذلك، وحتى إن أخطأت الدولة البحرينية تجاه هذه الالتزامات فإن لديها القدرة والشجاعة على الاعتراف بمثل هذه الأخطاء، وقادرة على تصحيحها والاستعانة بمن تراه مناسباً للاستفادة من خبراته في هذا المجال.
معالي الوزير..
بلادكم تطالب بتسليم مواطن تورط في أنشطة إرهابية ضد الدولة البحرينية، وهي أنشطة مازالت تداعياتها قائمة حتى يومنا هذا، وليس مقبولاً أن تخالف الدولة سيادتها الوطنية ودستورها، وهذه الحقيقة أعتقد أن الدنمارك حريصة أيضاً على عدم تدخل الدول الأخرى في شؤونها الداخلية وفي أنشطة سلطتها القضائية.
وإذا كانت كوبنهاغن تطالب بتسليم الخواجة، وتصر على ذلك باستمرار، فإننا نذكرها بالرفض الدنماركي التام لتسليم المواطن الهندي كيم ديفي المشهور بـ (ميلز هولك) والمتورط في قضية بيع الأسلحة للإرهابيين في العام 1995 إلى بلاده الهند. في قضية ديفي طبعاً سبب الرفض لا يتعلق بوضع حقوق الإنسان في الهند كما يتم التحجج به إعلامياً، وإنما يتعلق برفض كوبنهاغن التدخل الهندي في شؤونها الداخلية. فكيف تطالب الدنمارك البحرين تسليمها أحد الإرهابيين إذا كانت هي ترفض تسليم الإرهابيين للدول الأخرى؟
ولذلك نقول إن ازدواجية المعايير مرفوضة بحرينياً حتى في علاقاتنا الخارجية، فكما هو مطلوب من البحرين احترام القضاء الدنماركي وعدم التدخل في شؤونكم الداخلية، فإنه مطلوب من بلادكم احترام القضاء البحريني، وعدم التدخل في شؤوننا الداخلية.
معالي الوزير..
مازالت ذاكرة البحرينيين وكذلك الخليجيين تتذكر الرسوم الكارتونية الدنماركية المسيئة للدين الإسلامي والموقف غير المسؤول لبلادكم تجاهها قبل سنوات عدة. وأعتقد أن بلادكم بحاجة للتذكير بتأثير المقاطعة الشعبية للمنتجات الدنماركية التي لم تشمل البحرين فحسب، وإنما دول مجلس التعاون والعديد من البلدان الإسلامية في العالم.
اليوم الجماهير البحرينية والخليجية مستاءة جداً من الموقف الدنماركي تجاه البحرين، فالبحرينيون ينظرون إليها على أنها تدخل في شؤونهم الداخلية، والخليجيون ينظرون إليها على أنها بداية تدخل آخر سافر في شؤونهم الداخلية أيضاً من خلال بوابة البحرين.
أخيراً، إننا نذكر بلادكم بأنه حتى لو وافقت حكومة البحرين على تسليم الخواجة لكم، وهو بلاشك أمر مستبعد، فإن الجماهير لن توافق على مثل هذا القرار باعتباره مساساً بسيادة البلاد وتدخلاً مرفوضاً في شؤونها. وأعتقد أنه من المكلف جداً للدنمارك معاداة شعب البحرين وشعوب دول الخليج الأخرى الشقيقة.
تمنياتي بتفهمكم
يوسف البنخليل