^  من السابق لأوانه الحكم على دلالات الانتخابات الرئاسية المصرية الجديدة باعتبارها تمثل منعطفاً تاريخياً ليس للقاهرة فحسب، وإنما لمنطقة الشرق الأوسط برمتها، ولكن بالإمكان تقديم ملامح رؤية بحرينية تجاه هذه الانتخابات وتداعياتها على المنطقة، والمنامة تحديداً التي تشهد حراكاً سياسياً غير اعتيادي. القاهرة على المحك هذه الأيام، ليس بسبب التوقعات والنتائج الأولية أو النهائية لانتخابات الرئاسة المصرية، أو ما يسفر عنها من فوز لأحد المترشحين والسياسات المتوقع أن يتبعها على الصعيد الداخلي أو الخارجي. بل نتيجة لحالة التحول السياسي التي تشهدها مصر وما تمثله للمنطقة، ونقصد بها مدى نجاح الرغبة في التغيير السياسي لدى الجماهير المصرية، فالجدل كان محتدماً منذ قيام ثورة يناير 2011 بشأن نجاح الثورة وقدرتها على التغيير، والتغيير هنا إما أن يكون تغييراً للنظام السياسي المصري، أو تغييراً للنخبة التقليدية الحاكمة منذ أكثر من نصف قرن باعتبار ذلك من أهداف الثورة المعلنة شعبياً على الأقل. ما يدفعنا لقول ذلك هو التشكيك المستمر في نجاح الثورة، والتزام أحد اتجاهات التحليل بشأن الأوضاع السياسية المصرية أن الثورة لم تغيّر النظام ولم تغيّر النخبة الحاكمة، وهذا ما ستحسمه نتائج الانتخابات الرئاسية الراهنة. بحرينياً فإن القاهرة مهمة جداً للمنامة نظراً لما تشكله من ثقل سياسي واقتصادي وعسكري وبشري للنظام الإقليمي الخليجي. فإذا كان المراهنون على أن الثورة المصرية ستساهم في تغيير النظام السياسي المصري، فإن نتائج الانتخابات الرئاسية ستحسم ذلك بوضوح من خلال صناديق الاقتراع التي تمثل إرادة الشعب المصري. مع قيام الثورة المصرية مطلع العام المنصرم كانت هناك مخاوف بحرينية من أن تشكل هذه الثورة امتداداً للثورة التي قامت بها المعارضة الراديكالية في البحرين رغم اختلاف البيئة والظروف السياسية بين البلدين. وزادت هذه المخاوف أكثر فأكثر عندما انساقت بعض القوى السياسية المصرية لدعم الجماعات الراديكالية في المنامة اعتقاداً بأنها تمثل امتداداً للثورة الشعبية وتعكس إرادة الشعوب العربية في تغيير أنظمتها السياسية. ولكن هذه المخاوف سرعان ما تلاشت عندما اتضحت الرؤى والتصورات لدى النخب السياسية المصرية المختلفة وتبدلت المواقف سريعاً بعد انكشاف طبيعة الأجندة السياسية التي تحملها المعارضة الراديكالية البحرينية باسم مجموعة شعارات تتستر بها مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة ومحاربة الدكتاتورية. الموقف المصري الرسمي والشعبي والنخبوي حتى تجاه الأوضاع السياسية في المنامة بات أكثر وضوحاً الآن من ذي قبل. والقاهرة أدركت تماماً أن ما تعرّضت له من قبل مؤسسات المجتمع المدني الأجنبية والموجهة نحو دخول النفوذ الإيراني لأراضيها هو ما تواجهه المنامة، وبالتالي فإن البلدين في سياق سياسي واحد ينبغي الوقوف معاً لمواجهته. هذه المعطيات مهمة لكي نفهم تداعيات الانتخابات الرئاسية المصرية، وقبل الحديث عن التوقعات التي يمكن أن تؤثر بها مؤسسة الرئاسة الجديدة على منطقة الشرق الأوسط. كما إننا نتطلع لمواصلة الموقف المصري الواضح تجاه الأوضاع السياسية في المنامة بدلاً من تركها تخضع لأجندة القوى السياسية الراديكالية المحلية والخارجية.