كتبت - هدى عبدالحميد: سيطرت الفوضى على الموقف في مدرسة الدير الابتدائية للبنين، عندما سيّس أولياء أمور مؤخراً علاقة مديرة المدرسة بالتلاميذ الصغار، وأمروا أبناءهم -الذين لايدركون شيئاً من الدنيا بعد- بالتغيب عن المدرسة لإحراج المديرة ووزارة التربية والتعليم ولفرض أمر واقع يحقق ما يريدون، ويبتغون من وراء تحركهم الغريب، وصار أنْ أُبْعِدَتْ المديرة عن المدرسة وتولت مكانها المديرة المساعدة مؤقتاً، وهو ما يُعَدُّ سابقة خطيرة فى مسيرة التربية والتعليم في مملكة البحرين، إذ اصطنع أولياء الأمور هؤلاء أزمة لاعلاقة لها بالعملية التعليمية، وإنما ترجع لأسباب أخرى ربما تكشف عنها الأيام المقبلة. «الوطن” حاولت الاتصال بكل أطراف القضية، إلا أنَّ الجميع التزم الصمت بما فيهم وزارة التربية والتعليم، التي امتنعت حتى عن إعطائنا رقم المديرة لنفهم منها ما جرى، والشخص الوحيد الذي تكلَّم هو نائب الدائرة عباس ماضي إذ أكَّد انتهاء مشكلة مدرسة الدير، والتي شهدت خلال الأيام الماضية تغيّب عدد كبير من الطلبة، وأشاد بتجاوب الوزارة السريع لحلِّ المشكلة ورجوع الطلبة مرة أخرى لمقاعدهم الدراسية، مضيفاً أنَّ ذلك نابع من حرص الوزارة على الحفاظ على سير العملية التعليمية وتحقيق مصلحة التلاميذ. وأشار ماضي إلى تدخله شخصياً وبشكل سريع لإيجاد حلٍّ للأزمة، حرصاً على الطلبة إذ أنهم كانوا يتواجدون خارج أسوار المدرسة ويجوبون الشوارع بينما الدراسة مستمرة في جميع المدارس الأخرى، وكل يوم يمر على هؤلاء الطلبة بدون دراسة يؤثر على مستقبلهم الدراسي، ويفقدون معه قدراً من التحصيل الدراسي فهؤلاء الطلبة أولادنا ولم نسع إلا لتحقيق مصلحتهم”. وأكَّد النائب أنَّ “المشكلة نتجت عن سوء فهم بين المديرة وبعض أولياء الأمور والطلبة، وبعد عدة محاولات وعقد اجتماع بين المديرة وأولياء الأمور قرر أولياء الأمور عدم ذهاب الطلبة إلى المدرسة”. وأضاف ماضي: “أنه قابل وكيل وزارة التربية والتعليم لشؤون التعليم والمناهج عبد الله المطوع، وبعد أنْ ألمت الوزارة بجميع جوانب المشكلة وحرصها منها على مصلحة الطلبة، تمَّ الاتفاق على نقل مديرة المدرسة والتي قد تقدمت من قبل بطلب نقل وتمَّ تسليم المديرة المساعدة مهام الإدارة مؤقتاً”. وعبَّر النائب عن رفضه لأنْ تصل الأمور في أيِّ مدرسة لمثل ما كان عليه الحال في مدرسة الدير لأيِّ سبب كان، متمنياً أنْ ينتظم سير العملية التعليمية في كل البحرين، وأنْ تكون البيئة المدرسية مريحة للجميع، لأنَّ أيَّ مشكلة تحدث داخل الحقل التعليمي تنعكس بالسلب على الطلبة وهم الخاسر الأول والأكبر. ومن جانبه، اعتبر منسق برامج التطوير المهني في كلية المعلمين بجامعة البحرين، والمدير السابق في أحد مدارس المملكة مفتاح الدوسري أنَّ ما حدث في مدرسة الدير هو بمثابة “مولوتوف تربوي” تمَّ إلقاؤه من قبل جمعية الوفاق، لأنها تسعى إلى تنفيذ أجندات خارجية، وأكبر دليل على ذلك اتهام الوفاق للمديرة بأنها تمارس سلوك غير تربوي ضد الطلبة، في حين أنَّ المديرة لم تطبّق سوى لائحة الجزاءات التي أقرتها الوزارة نتيجة قيامهم بسلوكيات مخالفة. وأضاف مفتاح أنَّ أسلوب الضغط الذي مارسه أولياء الأمور بتغيب الطلبة عن الدراسة، كان بتوجيه من الوفاق وهذا ليس بغريب عن تلك الجمعية، وقد حدث ذلك من قبل خلال الأحداث المؤسفة، وانتقد المنسق قرار الوزارة بنقل المديرة عن مدرسة الدير، معتبراً أنَّ تلك سابقة خطيرة في مسيرة التربية والتعليم، قد تؤدي فيما بعد إلى أنْ يمارس مثل هذا النوع من الضغط في مدارس أخرى لتنفيذ كل مطلب سواء كان مشروعاً أو غير مشروع. تلك المقدمات تؤكد أنَّ حلَّ مشكلة مدرسة الدير اتخذ لانقاذ الموقف والحفاظ على مصلحة التلاميذ الصغار، رغم وجود مؤشرات تسييس للمشكلة بتحريض من جمعية الوفاق، لكن حقيقة الأمر تظلُّ غائبة والتساؤلات معلقة، لحين الكشف عن لماذا حدث ما حدث؟ وكيف تطوّرت الأمور إلى حد تحريض تلاميذ وإجبارهم عن التوقف عن الدراسة؟ وهل هناك أسباب جوهرية تدعو إلى إقالة المديرة؟ أم أنَّ المصالح الطائفية الضيقة كانت وراء تفجير الأزمة؟