أكَّد رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة د.محمد عبدالغفار، أنه لا يمكن تجاهل القدرات العسكرية في تحقيق التوازن الإقليمي مشيراً إلى القدرة العسكرية لتركيا التي تملك جيشاً يعد أحد أكبر الجيوش في أوروبا وثاني أكبر قوة ضمن حلف الناتو.
وشدد مستشار جلالة الملك للشؤون الدبلوماسية د.عبدالغفار على ضرورة تبني الحوار منهجاً لتجسير الفجوات بين المواقف التركية والخليجية في مواجهة المهددات الإقليمية والدولية. مشيراً إلى أن كلا من مملكة البحرين وتركيا يتقاسمان رؤية مشتركة في جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، لافتاً إلى إمكانية استثمار هذه الرؤية في تحقيق تقدم إقليمي، فيما يخص ملف أسلحة الدمار بما فيها الأسلحة النووية.
جاء ذلك خلال الندوة الحوارية التي نظمها مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات” بالتنسيق بين كل من مركز كارنيجي لدراسات الشرق الأوسط، والمؤسسة التركية للدراسات الاقتصادية والاجتماعية، ومركز الخليج للأبحاث حول العلاقات التركية مع دول مجلس التعاون الخليجي، في ظل الأحداث الراهنة بالشرق الأوسط بمقر المركز أمس.
وافتتحت الندوة بكلمة رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة د.محمد عبدالغفار، الذي أكد خلالها أهمية الدور التركي في ظل الأحداث التي يشهدها الشرق الأوسط في فترة بالغة الحساسية، مشيراً إلى أن أحداث سوريا والأزمات الأخرى في المنطقة أظهرت الحاجة الماسة لتنسيق العمل والمساعي الإقليمية بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي لإيجاد آليات تخدم المصالح المشتركة، مشدداً على ضرورة تطوير واستثمار نقاط التقارب في الرؤى الخليجية والسورية لاستيعاب ومواجهة التهديدات المستقبلية خاصة غير المتوقعة.
من جانبه ذكر الخبير الأمني بمركز الخليج للأبحاث د.مصطفى العاني، أن تركيا برزت في الآونة الأخيرة في دائرة الاهتمامات الاستراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث أصبحت واحدة من ثلاث دول غير عربية ذات تأثير في الحسابات الاستراتيجية لدول الخليج إلى جانب إيران وإسرائيل، لافتاً أن طبيعة العلاقات بين هذه الدول الثلاث لها تأثير بالغ على الحسابات السياسية لدول المنطقة.
وشدد العاني على ضرورة تطوير العلاقات الدائمة مع تركيا وهو ما يستدعي التوجه إلى عمل مشترك يضع في الاعتبار المصالح السياسية بين دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا إلى جانب المصالح الاقتصادية التي يجب أن تبنى على أسس الشراكة الاستراتيجية المعاصرة. مشيراً لأهمية بناء الروابط الخليجية التركية على عامل الثقة.
ونوّه أن على كلا الطرفين الخليجي والتركي متفهّم لمصالح الطرف الآخر، مؤكداً في الوقت ذاته على دفع دول الخليج باتجاه منح تركيا دور أكبر في الشرق الأوسط مع مراعاة عدم تدخلها في الشؤون الداخلية، وهو ما عانت منه دول الخليج مع إيران ذات السياسة التدخلية، مشيراً إلى أنّ ملامح وطبيعة العلاقات التركية بإيران تلعب دوراً أساسياً في رسم ملامح العلاقات الخليجية التركية.
وأيّد مستشار المؤسسة التركية للدراسات الاقتصادية والاجتماعية، مدير مركز الاتجاهات السياسية العالمية د.منصور أكغان ما ذهب إليه العاني حول ضرورة قيام العلاقات التركية الخليجية على عامل الثقة، آملاً أن تسهم مثل هذه الفعالية في تعميق الفهم المشترك للمنظورين الخليجي والتركي متطلّعاً لإقامة ندوات ومؤتمرات أخرى تتناول هذا الشأن سواء في دول الخليج أو تركيا.
وسعت هذه الندوة من خلال أوراق قدمها باحثون وأكاديميون ومختصون من تركيا والبحرين ودول الخليج العربي ومعهد كارنيجي لاستشراف مستقبل العلاقات بين تركيا ودول المنطقة وملامحها على المديين القريب والمتوسط، كما استعرضت المنظور التركي الخليجي للأحداث السورية ودول الجوار الأخرى وبالأخص العراق وإيران، حيث ناقشت الندوة تطورات الملف النووي الإيراني والعقوبات الدولية المفروضة على طهران، ثم انتقلت الندوة لمناقشة تطورات العراق وتصاعد حدة التجاذبات ذات الصبغة الطائفية ومسبباتها وانعكاساتها على المنطقة. كما بحثت الندوة دور دول الخليج العربي على المستوى الإقليمي من حيث التأثُّر والتأثير، كما استعرضت نقاط التلاقي بين المنظورين التركي والخليجي لأحداث الشرق الأوسط وفرص التقارب آخذةً بالاعتبار المصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة. واهتمت الندوة بفرص خلق آفاق مستقبلية مشتركة تتيح لدول الخليج وتركيا الإسهام بفاعلية أكبر في قضايا المنطقة على المستويين الحكومي وغير الحكومي بما يسهم في خلق حالة استقرار وسلام إقليمية وجعل المنطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.