تحمل رسالة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، للمنتدى الحضري العالمي السادس بإيطاليا، وعياً متزايداً بأهمية استيعاب دروس التاريخ في مجال العلاقات الدولية، ودراية بالآثار الكارثية التي خلفتها الحروب والنزاعات على العديد من المجتمعات والشعوب والتي لا تزال تداعياتها مستمرة حتى الآن في انتشار الأمراض والأوبئة والفقر.وتعكس رسالة سموه، عمق إدراك سموه لطبيعة التحديات التي يواجهها العالم المعاصر بسبب الصراعات والنزاعات التي تهدد حاضر ومستقبل الإنسانية، وتلقى بظلال تأثيراتها السلبية على جهود التنمية بشكل عام. كما تؤكد رغبة صادقة من سموه، في ضرورة توجيه أنظار العالم إلى الاستفادة من هذه الدروس بشكل إيجابي يسهم في تقدم البشرية من خلال شراكة عالمية في مجال التنمية الحضرية المستدامة ترتكز على رؤية مشتركة تتوفر لها الإمكانات والموارد المادية، والخبرات التي تمكنها من وضع الأسس الراسخة لبناء مجتمع مستدام.إنَّ المتابع لرسالة صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموجهه للمنتدى الحضري العالمي، سيلاحظ أنها أكدت على جملة من المضامين التي تعكس رؤية المملكة للتنمية الحضرية المستدامة من منطلق كونها دولة ذات تجربة متميزة، وتعد من الدول التي حققت إنجازات واضحة في مجال تطوير المدن والمناطق الحضرية، وهو ما تعكسه الأرقام والبيانات التي تمت الإشارة إليها آنفاً.. ولعل من أبرز المضامين التي تناولتها الكلمة، تأكيد سموه على أهمية المنتدى، فصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان، يرى أن المنتدى أضحى أحد أهم الفعاليات العالمية في مجال التنمية الحضرية المستدامة، بما يوفره من فضاء خصب لبحث وتوجيه مسار الجهد الدولي نحو التحول الحضري، نظراً لما يمثله من تجمع نوعي يضم كافة المهتمين بقضايا التنمية الحضرية على مستوى العالم.وتؤكد رسالة سمو رئيس الوزراء، أهمية التحول الحضري عالمياً، فوفقاً لرؤية سموه، فإن شعوب العالم لا تزال بحاجة إلى جهد أكبر للإسهام في التحول الحضري وتوفير مقومات الحياة بشكل يكافئ الحركة المتسارعة للنمو السكاني، وهو ما يتطلب توجيه الجهود وتوحيدها نحو غايات تحقيق «التنمية من أجل الإنسان» بدلاً من تشتيتها في الصراعات والحروب، لاسيما وأنَّ تحقيق التنمية المستدامة أقل كلفة مادياً وبشرياً من السير في نفق الصراعات المظلم بما تحمله نهايته من دمار ونتائج كارثية على حياة الشعوب.وتشير الرسالة إلى ضرورة الاهتمام بتنفيذ الشراكة الدولية من أجل التنمية الحضرية المستدامة، فالمجتمع الدولي وبحسب صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء مطالب باستيعاب دروس التاريخ وتكريس الاهتمام بتنفيذ هذه الشراكة بصورة كاملة، مع دفع الجهد الدولي لمجابهة التحديات الماثلة في هذا المجال وتفعيل الالتزامات التي جرى التعهد بها على المستوى الأممي، وذلك من خلال رؤية مشتركة تتوافر لها الإمكانات والموارد المادية، وكذلك الخبرات التي تمكنها من وضع الأسس الراسخة لبناء مجتمع مستدام يضمن حياة أفضل للبشرية في حاضرها ومستقبلها.ويرى سمو رئيس الوزراء، أنّ الدول النامية والفقيرة الأكثر احتياجاً لدعم جهودها لتحقيق التنمية المستدامة، والأكثر احتياجاً لمدّ يد العون لها وحشد الدعم الدولي لجهودها نحو تحقيق التنمية الحضرية المستدامة والعمل على تحفيز النمو الاقتصادي بها، من خلال تنفيذ سياسات اقتصادية تعمل على تعزيز التدفقات ورؤوس الأموال لتحسين نوعية وجودة الحياة في هذه البلدان، مع الوضع في الاعتبار أن على الجميع أن يشارك في تحمل هذه المسؤولية لتمكين هذه المجتمعات من اللحاق بركب التنمية وتوفير حياة أفضل لشعوبها.وتؤكد الرسالة أن التنمية الحضرية المستدامة أساس نهضة البحرين، ووفقاً لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان أن البحرين أولت عبر البرامج الحكومية والخطط التنموية قضايا التنمية الحضرية المستدامة اهتماماً كبيراً ومتزايداً، وهو الأمر الذي أسهم في تحقيق نهضتها الشاملة، حيث كان ومازال الهدف هو إنجاز العديد من المشاريع التنموية وفق أهداف بعيدة ورؤية مدروسة وجهد متواصل بحيث يؤدي في النهاية إلى توفير بيئة معيشية مستدامة لمواطنيها تتيح مستوى متقدم من الخدمات والبنية التحتية التي تهيئ واقعاً معيشياً ملائماً في الوقت الحاضر وبيئة أفضل للأجيال القادمة، كما يؤكد سموه ما توليه الحكومة البحرينية من اهتمام ودعم للجهد الدولي الذي يتناول قضايا التنمية الحضرية، وحرصها على الاستفادة من التجارب والخبرات العالمية في هذا المجال الهام.ويعتبر صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء جائزته للمستوطنات البشرية بمثابة دعم من البحرين لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، وذلك من أجل الارتقاء بأداء البرنامج وتنفيذ رؤيته المرتبطة بتحقيق أهداف الألفية الإنمائية عبر تحفيز الدول والمؤسسات على تنفيذ المشاريع التي تخدم التنمية المستدامة.وكتأكيد من سمو رئيس الوزراء على اهتمام المملكة بالقضايا ذات الصلة بالتنمية المستدامة على المستوى الإقليمي ألمح إلى استضافتها عام 2008 للاجتماع التحضيري الإقليمي لدول غرب آسيا حول التنمية الحضرية المستدامة والذي كان من الاجتماعات الناجحة التي أدت إلى إرساء الحوار وتبادل الخبرات الدولية بشأن تنفيذ آليات الأهداف الإنمائية للألفية.وتعكس جائزة الأمم المتحدة، التقدير الدولي لجهود البحرين التنموية، إذ أن منح صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء جائزة الأهداف الإنمائية للألفية وفقاً لسمو رئيس الوزراء، كان بمثابة حافز لتحقيق المزيد من النجاحات وتحسين حياة المواطن البحريني في مجالات الصحة والتعليم والإسكان، حيث إن مثل هذا التقدير أوضح الجهود المتميزة التي بذلتها حكومة وشعب البحرين بالتعاون مع المجتمع الدولي في تحقيق جزء كبير من أهداف الألفية الإنمائية.ويؤكد سموه أنَّ مستقبل المدن، مرتبط بمدى القدرة على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بجعلها مكاناً أكثر ملاءمة للعيش الكريم، وذلك من خلال توفير الخدمات الضرورية والعمل على تنمية روح الابتكار والحلول الإبداعية لضمان الاستدامة للجهد التنموي.ولعل ما يؤكد الأهمية المتعاظمة التي تكتسبها التنمية الحضرية المستدامة في الوقت الحاضر، هو ما يصفه سمو الأمير «خليفة بن سلمان « بالنمو المتسارع للمدن، لاسيما وأن عدد سكان العالم حالياً يبلغ حوالي 7 مليارات نسمة أكثر من نصفهم يعيشون في المدن، مع وجود توقع بأنْ تصل نسبة الذين يعيشون في المدن إلى 60% من سكان العالم في الـ 25 عاماً القادمة، وذلك بفضل التحول الحضري الكبير المستمر في عدد من الدول النامية.ويتناول المنتدى عدة محاور، تتمثل في» التخطيط الحضري، المؤسسات والتشريع وجودة الحياة، والمساواة والرخاء في المدن، توزيع الثروة والفرص، إنتاجية المدينة، المدن المبتكرة والمنافسة والطاقة والبيئة»،هي من وجهة نظر سمو رئيس الوزراء موضوعات ذات أهميه كبيرة تتطلب بحثها والتحاور بشأنها والاستفادة من أفضل الممارسات المتبعة في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء وذلك لتكوين رؤية مشتركة للمدن في المستقبل.وتعد رسالة سمو الأمير خليفة بن سلمان للمنتدى الحضري العالمي، تعبيراً عما توليه مملكة البحرين من اهتمام بالتنمية الحضرية المستدامة، لاسيما في ظل حرص المملكة على المشاركة والتواجد بصفة دائمة في أعمال المنتدى من أجل مشاركة العالم في جهوده نحو دعم التحول الحضري والارتقاء بالأوضاع المعيشية للإنسان في كل مكان. كما إنَّ تلك المضامين التي تحملها رسالة سمو رئيس الوزراء علاوة على أنها تعكس رؤية مملكة البحرين للتنمية الحضرية المستدامة وتنقل تجربتها الرائدة في هذا المجال، تؤكد أهمية التعاون والتشارك الدولي في دفع جهود التنمية المستدامة في الدول النامية والفقيرة، وإن قيمة هذه الرسالة تأتي من أنها تجيء معبرة عن أفكار سمو الأمير «100خليفة بن سلمان» وهو رجل دولة له خبرته الطويلة في مجال العمل والبناء التنموي، إذ بفضل عمله الدؤوب تمكنت البحرين من الانتقال إلى مصاف الدول الحديثة والتي حققت نجاحات لافتة في مجال التنمية المستدامة حتى باتت ووفقاً للمؤشرات التنموية الدولية نموذجاً تحتذي به غيرها من الدول.ومجمل القول إن حرص سمو رئيس الوزراء على توجيه هذه الرسالة الهامة للمنتدى، تعكس إيمان سموه بأهمية التعاون الدولي في الارتقاء بأوضاع المجتمعات الفقيرة وتوفير حياة أفضل لشعوبها، متجاوزاً سموه الفكرة التقليدية التي تكتفي بتقديم المساعدات والمعونات إلى الدعوة إلى تبني خطط لتحفيز النمو الاقتصادي في هذه الدول، من خلال تنفيذ سياسات استشارية تعمل على تعزيز التدفقات ورؤوس الأموال اللازمة لدفع عجلة التنمية.
970x90
970x90