مشكلة تتكرر في بداية كل عام دراسي، وهي أن تجد نفسك تبحث عن “شنطة” لابنك ليحمل فيها الكتب الدراسية. الحيرة هي ما يرافقك خلال تجوالك في المكتبات، لأنك دائماً ما تبحث عن “شنطة” سحرية خفيفة في حملها ولا تؤثر على العمود الفقري لابنك، وبالتالي سيكون طلبك مستحيلاً في المكتبات التي ستجول فيها بحثاً عن هذه “الشنطة” العجيبة.
هذه المقدمة ليست بالجديدة ولكنها مشكلة تتكرر كل عام، ووزارة التربية تتعامل معها كما يقول المثل “بن عمك اصمخ” حيث إنها لم تدرج هذه المشكلة في برامجها التربوية رغم أن العديد من أولياء الأمور رفعوها كشكوى من خلال اجتماعاتهم بالإدارات بالمدارس أو من خلال البرامج الإذاعية “البحرين تصبح” والصحف اليومية كمثال لكن الردود من الوزارة “لا من شاف ولا من دري” .
هذه الأيام يستعد أبناؤنا للعودة للمدارس ونستعد معهم للمعاناة الأزلية، والكثير من أولياء الأمور يتناولون الحلول بشيء من السخرية “المطنزة” بعد أن تقطعت بهم دروب التواصل مع المسؤولين في وزارة التربية، وكأن هؤلاء المسؤولين لا أبناء عندهم يعانون من “الشنط” أو أنهم يمتلكون خدماً يحملونهم إلى الفصل ومنه إلى السيارة والبيت. بعض المتندرين يقترح أن يكون هناك عامل يلف على البيوت وعنده عربة يأخذ “الشنطة”، وعليها اسم الطالب ورقم منزله وهاتفه، والطالب يذهب إلى المدرسة ليجد “الشنطة” بانتظاره في الفصل، وهكذا في حال الانصراف من المدرسة يعيدها نفس العامل إلى منزل الطالب، ويطلق عليه مشروع “عربة الشنط المدرسية ذات الوزن الثقيل”. مشروع آخر يقترحه أحد الآباء وهو “شغالة لكل شنطة” بأن تدرج مكاتب الخدم شغالات من الوزن الثقيل مدربات على العمل الشاق في بلدانهم كحمل أكياس الإسمنت أو الطابوق، ويتم إدراجهن في هذا المشروع باختيار الواحدة منهن لحمل “شنط” العيال من وإلى المدرسة، ولا علاقة لها بأعمال البيت.
وحذّر آخر من أن الصغار الذين سيتحملون حمل “الشنط” من المرحلة الابتدائية سيتخرجون في المرحلة الثانوية وهم يعانون من أمراض إعاقة منها، إنهم لن يصلحوا كأزواج للمستقبل بعد أن يتعرضوا لمشاكل في الظهر مزمنة ويفقدوا على إثرها بعض الفقرات في سلسلة الظهر.
كما إنهم سيتخرجون كرجال غير مستفاد منهم، بعد أن يكونوا زبائن دائمين في العيادات الطبية، وبعد أن يكونوا قد عانوا من كثير من التشوهات الخلقية والجسدية، وسيكون مكانهم إما دار العجزة أو التقاعد المبكر جداً قبل تجاوزهم الكشف الطبي الذي يؤهلهم لأي وظيفة أو زواج.
إن المشكلة بكل بساطة هي أن تجبر وزارة التربية المدرسات اللاتي لا همّ لهن سوى الحديث عن الموضة والطبخ وزيادة الرواتب وتقليص الحصص والإجازات المرضية والحمل والولادة، الالتزام بقرار تصدره الوزارة يقوم من خلاله مفتشون من الوزارة بمتابعة الموضوع في المدارس، وأن يكون القرار ملزماً ويعاقب من لا يعمل به باقتطاع جزء من مرتبه. أما القرار فهو بكل بساطة “أن يلتزم الطالب بالدرس اليومي وألا يحضر الكتب غير المطلوبة في شنطته” وبالتالي سيخف وزن “الشنطة” وسينجو الصغار من أعراض ما تترتب عليه من مشاكل.
ولي أمر عانى الأمرّين
عبدالرحمن الراشد