فاطمــــــــــــــــة النــــــــــــــــزر أخصائية علاج نفسي

لا أدري إن كان من الطبيعي أن أتكلم عن فن المواجهة؛ في زمن أصبح الخيط رفيعاً بين المواجهة وبين الوقاحة. إن فن المواجهة أحد أكثر البرامج النفسية التدريبية على الإطلاق، ولا يحتاج هذه المهارة فقط ضعاف الشخصية كما يروج الكثيرون أو المقبلون على العمل أو الموظفون الجدد، بل يحتاجها في الأغلب بعض ممن يقال لهم الشخصيات القوية وبعض المدراء، ورغم أن المواجهة هي في مجملها إرادة قوية وسرعة في اتخاذ القرار، إلا أنها في المقابل باقة في التعبير وصراحة غير مؤلمة. لكن هل من السهل أن نتعلم فن المواجهة دون أن تتحكم بنا عواطفنا ومشاعرنا الداخلية؟ ومن هم أكثر الناس قدرة على تعلم فن المواجهة؟ أعتقد أنه ليس من الصعب تعلم فن المواجهة ، فالمواجهة هي في أغلب الأحيان نوع من رد الفعل على وقع أو مشكلة إصابتنا، وفي أحيان أخرى هي اتخاذ قرار لفعل من الممكن أن ينتج عنه ردة فعل وهنا يكمن التعقيد. أما أكثر الناس قدرة على تعلم فن المواجهة، فلعلي أبين من هم بكلمات مختصرة هنا. إن الوالدين يواجهان أطفالهما في رفض بعض من متطلباتهم وتصرفاتهم، والزوج يواجه زوجته في تقصيرها، والزوجة تواجه زوجها في خيانته، والمدير يواجه الموظف في قراراته والموظف يواجه المدير في ظلمه. إذن فإن كل الأفراد لديهم القدرة على تعلم هذه المهارة فهي مجموعة متشابكة من العلاقات الإنسانية، تظهر كثيراً من صراعاتنا الداخلية بين ما هو مقبول ومحدود يمكن إظهاره من مشاعر وما ليس مقبولاً ولا يعتبر من أساليب المواجهة بل إسقاطاتنا الداخلية وخلفيتنا الشخصية. إن من أهم أساسيات المواجهة هي عدم الإساءة للآخر أو جرح مشاعره مهما كان موضوع المواجهة. كما يجب أن يكون موضوع المواجهة محدد الهدف ليكون أكثر فعالية وليس متخبطاً ويعكس غضبنا الداخلي، وقابلاً للإصلاح، ويمس الطرف الآخر وقد يهدد علاقات أو ارتباطات أخرى، وربما يكون الأمر الأكثر أهمية هو الاعتذار بعد المواجهة، إن اكتشف خطأ مواجهته فمن الأنسب له أن يعتذر، فالاعتذار في كثير من الأحيان مواجهة أقوى من المفهوم المتعارف للمواجهات، حيث تواجه بها طرفان متناقضان وهما نفسك وكبريائها والآخرون بصحة وجهة نظرهم. لؤلؤة مواجهة النفس هي أصعب أنواع المواجهة على الإطلاق، فهل نبرع فيها أم هي أضغاث أحلام؟