يعد الكذب سلوكاً اجتماعياً مكتسباً من البيئة المحيطة، وهو شيء لا يورث، شأنه شأن نقيضيه الصدق والأمانة. ويعتبر الكذب بكل أنواعه سلوكاً غير سوي ينتج عنه إن عاجلاً أو آجلاً العديد من المشكلات الاجتماعية. إلا أنه قد يكون من المغالاة وصف سلوك طفل ما بين عمر الثلاث إلى الست سنوات بالكذب رغم أنهم قد يبتدعون ويحرفون الكلام ويطلقون العنان لخيالهم في أمور ليس لها أساس من الصحة. وقد يصل بهم الأمر إلى عدم التمييز بين الواقع والخيال في هذه المرحلة السنية المبكرة. وربما يكون الكذب في السنوات الأولى ضرورة للطفل، لكن ينبغي التحفظ على ذلك الرأي إذا كان سلوكاً مبالغاً فيه وإذا كان الكذب هو إخبار الآخرين بما يعرف أنه مخالف للحقيقة حتى لا ينمو هذا السلوك إلى طور التعود. أسباب كذب الأطفال أسرية؛ وهنا تظهر أهمية القدوة الحسنة، فمشاهدة الصغير للكبار يكذبون يعد من الأسباب الرئيسة التي تدعم هذا السلوك، كأن يجد الطفل الوالدين أو الإخوة يقولون لمن يقرع الباب أو يتصل بالتليفون إنه غير موجود، وهو موجود أو يرى الكبير يتغيب عن العمل ويدعي أنه كان مريضاً، الهرب من العقوبة، عامل الشعور بالنقص والتعزيز: وهو إما تعزيز مقصود من الكبار مثلما يرتضى أحد الوالدين أو كلاهما تبريرات الطفل لبعض المواقف والأخطاء، وهم يعلمون أنها كذب، أو يدفعونه لقول الكذب أمام المدرس أو المدرسة حتى لا يقع عليه عقاب. أشكال الكذب الكذب الخيالي: سعة خيال الطفل قد تقوده إلى ابتداع مواقف؛ لا أساس لها من الصحة؛ ليجد نفسه بين الآخرين ولا يتجاهله من حوله، كذب الالتباس: قد يقع الطفل في الكذب أحياناً عن غير قصد؛ كأن تلتبس عليه الحقيقة أو لا تسعفه ذاكرته على سرد التفاصيل؛ فيحذف أو يضيف إليها بما يتناسب وإمكاناته العقلية، كذب التفاخر: يشعر بعض الأطفال بنقص يجعلهم يلجؤون إلى تفخيم الذات أمام الآخرين، فقد يدعي الطفل غنى أسرته أو منصباً كبيراً لوالده. الكذب انتفاعي: وهو الأكثر شيوعاً بين الأطفال، ويكون بهدف الهروب من عقوبة أو التخلص من موقف محرج فينسب الأحداث لغيره، الكذب بالتقليد (المحاكاة): وهو تقليد المحيطين لمن حوله كأسلوب المبالغة الذي يبدو من الوالدين أو أحدهما. كذب اللذة: ويمارسه الطفل أحياناً ليخلط الأمور على الكبير ويوقعه في بعض المواقف أو يقاوم سلطته الصارمة. الكذب الكيدي: قد يلجأ الطفل إلى الكذب حتى يضايق من حوله، لإحساسه أنه مظلوم أو لشعوره بالغيرة التي تسيطر عليه نتيجة حصول الآخرين على امتيازات. كذب عدواني سلبي: كأن ينتحل الطفل عذراً غير حقيقي أو مبالغ فيه ليظل سلبياً عندما يطلب منه عمل شيء أو تحقيق هدف، كذب جذب الانتباه حينما يفقد الطفل اهتمام من حوله رغم سلوكياته الصادقة أو السوية، فقد يلجأ إلى السلوك غير الصادق حتى ينال الاهتمام والانتباه. الكذب المرضي: حيث يلجأ الطفل إلى الكذب بطريقة لا شعورية وقد يستمر معه حتى مرحلة متأخرة قد تصل لسن الرشد وقد يتطور إلى الكذب المتقن الذي يرتبط باضطراب السلوك المتضمن مشكلات أخرى مثل السرقة أو الهروب من المدرسة. الحلول لمعالجة كذب الأطفال يلزم مراعاة أن العقاب وسيلة مضللة لتعديل سلوك الكذب، حيث يتوجب على الأبوين دعم فكرة أن الاعتراف بالخطأ ليس من العيوب وأن الصدق في قول الأحداث، كما وقعت يؤدي إلى تجاوز العقاب، توافر القدوة الحسنة في ممارسة السلوكيات الصادقة، توفير قصص للأطفال عن نتائج الكذب وما يقع على الكذاب من عقاب في الدنيا والأخرى، عدم انزعاج الوالدين وكذلك الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة ويفضل أن يوضح الوالدان للطفل الفرق بين الخيال والحقيقة، البعض عن تحقير الطفل لأن ذلك يخفض من مفهومه لذاته ودعم الثقة بالنفس لديه وإظهار مواطن التفوق ودعمها، البعد عن القسوة عند ارتكاب الأخطاء من قبل الصغار وعدم التفرقة في معاملة الأخوة، البعد عن السخرية من الطفل أو تأنيبه لأتفه الأسباب، مراجعة العيادات النفسية في حالة الكذب المرضي مع عدم إخبار المقربين من الطفل بمشكلته أو سلوكياته، وربما احتاج الأمر إلى علاج عائلي يركز على فهم تركيبة الأسرة ودينامياتها، بهدف تغيير بعض التفاعلات الأسرية الأكثر إسهاماً في ظهور الكذب لدى الطفل، وأحياناً يحتاج الأمر إلى جلسات منتظمة لأكثر من شهر مع أسرة الطفل لإعطاء معلومات وملاحظات عن سلوكه، وتنفيذ أساليب خاصة داخل المنزل ويطلق على ذلك التدريب: التدريب العلاجي للآباء.