أكد خطيب جامع أحمد الفاتح فضيلة الشيخ عدنان القطان أنه لا يرعى المسؤوليّةَ من ترك أولاده نهباً لأصحاب الأفكار المضللة المفسدة، والتجمعات والأحزاب المشبوهة في البلاد ولرفقاء السوء الذين يحرضونهم على زعزعة الأمن والاستقرار في أوطانهم.
وقال الشيخ عدنان القطان، في خطبة الجمعة أمس حول «التربية والتعليم بمناسبة افتتاح المدارس»، «المربّون، أنتم مؤتَمَنون على تربيةِ أجيالِنا وإعدادِ أولادِنا وتوجيهِ مستقبَلنا في تطويرٍ وتجديد ومواكبةٍ للجديدِ مع الأصالةِ والثباتِ المستمَدّ من شريعة الإسلام، نعَم الأصالةُ والتميُّز المستمِدّةُ منهجَها من الكتابِ والسنَّة، الهادِفةُ إلى تعبيدِ الناس لله ربِّ العالمين والالتزام بأوامره ونواهيه، وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم والسير على نهجه، وطاعة ولاة الأمر من المسلمين في المعروف، وتنشئةِ المواطنِ الصالحِ المنتِج الواعي السَّالم من شطَطِ التفكير ومَسالِك الانحرافِ والفوضى والتخريب والتفجير».
وأضاف «مع بداية مواسِمِ الدّراسة في المدارس والمعاهد والكليات والجامعات، تكثُر الأطروحاتُ التعليميّة والتنظيرات التربويّة، ويستنفِر الجميعُ للحديث والمساهمة في هذا الجانب، وما ذاك إلاَّ لإدراكِ النّاس ما للتّربية والتّعليم من أهمّيةٍ بالغة وأثرٍ فاعل في بِناء الأجيال وإعداد المجتمعات».
وأشار إلى أنه لا يخفى على عاقلٍ فضلُ العلم المقرونِ بالتربية الصالحة، فبه يعبد المسلم ربَّه على بصيرة، وبه يعامِل الناسَ بالحسنى، وبه يسعَى في مناكبِ الأرض يبتغي عند الله الرزقَ، وبالعلم تُبنى الحضارات، وتُبلغُ الأمجاد، ويحصُل النماءُ والبناء. العلمُ يُجلِسُ صاحبَه مجالسَ الملوك، وإذا اقترن بالإيمان رفعَه الله في الدنيا والآخرة.
وقال «وإذا كان العلم مجرَّداً من التربيّة خواءً من المبادِئ فهو وبالٌ ونقمة؛ ولذا ارتبطتِ التربية بالتعليم، والعِلم بالعمَل، والمفردات بالمبادِئ والسلوك».
وأضاف «وإذا قال المنظِّرون: إنّ التربيةَ والتعليم عمليّةٌ تكامليّة، فما دورُ الآباء والأمّهات في هذا التكامل؟ وما دور وسائِلِ الإعلام في التربية والتوجيهِ والنّصح والتعليم؟ وهل أدّى الأمانة من أيقظَ ابنَه للمدرسة وأهملَه في صلاة الفجر أو العصر؟!».
وأوضح القطان أن «كلُّ أمّة تنشِئ أفرادَها وتربّيهم على ما تريد أن يكونوا عليه في المستقبَل، إذًا فالتربيّةُ والتعليم في حقيقتِه هو صناعةُ الأجيال وصياغةُ الفكر وتشكيلُ المجتمع وتأهيلُه وتوجيهه، وكلُّ الأمم والدوَل مهما كانت غنيّةً أو فقيرة متقدِّمةُ أو متخلّفة تدرِك هذا الجانبَ، وتسعى بما تستطيعُ لترسيخِ مبادئِها وأهدافِها عن طريقِ التربية والتعليم، وتعتبر ذلك من خصوصيّاتها وسيادتِها وسماتها التي لا تساوِم عليها».
وقال إنّ العلومَ النافعة هي المقرِّبة إلى الله ولو كانت من علومِ الدنيا، وذلك باصطِباغها بصِبغة الإيمان والتقرُّب بها إلى الله وخِدمةِ دينه ونفعِ المسلمين وعمارةِ الأرض كما أراد الله، في توازُنٍ وشُمول ووسطيّة واعتدالٍ، أمّا إذا تجرَّد التعليمُ وأهدافه من الإيمان فأضحَتِ الوسائل والمقاصِد مادّيةً بحتة فهو الوبالُ والشقاء، وهذه حضارةُ اليوم شاهِدٌ حيّ على هذا النتاج، فشقِيت أمَمٌ بصِناعاتها واختِراعاتها، وأصبح التّسابُقُ في وسائِلِ الدمار لا في العَمَار والاستقرار، وأضحَى الظلمُ والطغيان وسرقةُ الأوطانِ هو شعار أقوَى الدّوَل وأظهرِها في الحضارة المادية، وها هي فلسطينُ وغيرها من بلاد المسلمين تدمَّر قُراها وتُسفَك دماها برعايةِ مبادئ الحضارةِ الزائفة، وما الفخرُ في بناياتٍ تعانِق السّحابَ إذا كانتِ الأخلاق والفضائل مدفونةً تحتها في التراب؟! وما الرّبح في كثرةِ المتعلِّمين إذا غُيِّبتِ المبادئ والحقائِق وصودِرَ الدين وشُغِل العامّة بالشّهوات واللّهَثِ وراءَ المادّة الجافّة في غفلةٍ عن الآخرة؟!».
وأوضح القطان أنه إذا كان هذا الزمنُ زمنَ صِراعٍ حضاريّ وعقائدي بين الأمم وضغوطاتِ لعولمةِ الفِكر وعلمنةِ التعليم فإنّ من علامةِ إخلاص ووعيِ القائمين على المناهجِ في بلاد المسلمين مواجهةَ هذا التحدّي والعناية بالمنطلقات والأسُسِ العقدية والفكرية الصحيحةِ حين بناءِ المناهج أو تطويرها».
وأضاف «وإذا كان ولاةُ الأمر في هذهِ البلاد وفّقهم الله يبذلون ويحرِصون ويوجِّهون ويتابِعون فإنَّ الواجبَ على المربّين والمتربِّين عموماً أن يكونوا على قدرِ المسؤوليّة في القيام بهذا الواجِبِ العظيم لأجلِ مستقبَل مضيءٍ بإذن الله بالعلمِ والهدَى والعطاءِ والبناءِ في ظلِّ دوحة الإيمان الوارفة».
وأوصى القطان الطلبة والطالبات بالجد والاجتهاد ودفع الكسل واحترام مدرسيكم ومدرساتكم، وتقديرهم وتوقيرهم وإجلالهم، لأن المعلم هو مدخل مدينة العلم، والذي لا يمكن أن يدخل إنسان إلى ساحة العلم إلا عن طريقه، حيث لا علم إلا بمعلم، فاعرفوا لهم قدرهم وفضلهم، فإن احترام المعلم يثمر الخشية والحياء والخوف والخجل، وأكرم بها من صفات حميدة.
وأشاد بمبادرة وتوجيه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى للمؤسسة الخيرية الملكية بإنشاء أربع مدارس متنقلة لأبناء اللاجئين السوريين في الأردن تستوعب أربعة آلاف طالب من المرحلتين الابتدائية والإعدادية، وإنها لخطوة مباركة تأتي مع بداية العام الدراسي لتسهم في تخفيف المعاناة عن أبناء أشقائنا في سوريا، وتدعمهم في مواصلة الصمود، في وقت تركوا فيه كل ممتلكاتهم، كما إنها خطوة تحمي آلاف الأطفال والأبناء السوريين من ضياع مستقبلهم وتوفر لهم أبسط حقوقهم في التعليم.