كتب – جعفر الديري:
وسط السّعادة التي تخيّم على حياة الزوجين المتزوجين حديثاً، يكتشف الزوج أنه عقيم! أي أنه لا يستطيع أن يهب زوجته الطفل الذي تتمناه كلّ أنثى!.
إنه ظرف صعب، يتحامل عليه الزوجان بالتفاؤل والأمل والعلاج، خصوصاً عندما يكون الحب والاحترام الأساس الذي قام عليه زواجهما- قد ينتهي بتحقق ما ينشدان، وفي أحيان أخرى بالفشل. فماذا يفعل الزوج عندها؟ وماذا يمكن للزوجة أن تفعل؟! أتصبر وتحتسب رغم أن الأمل ضعيف؟ أم تطلب الطلاق، وتتطلع إلى زوج آخر، يهبها ما عجز عنه زوجها الأول؟!.
في السطور التالية، طرحنا هذا السؤال عل عينه مختارة من الرجال والنساء، من مختلف الأعمار فخرجنا بالآراء التالية...
يقول الموظف ورب الأسرة عبدالنبي علي: لاشك أنه موقف صعب للغاية، لكني شخصياً لن أقبل لو كنت عقيما بتخلي زوجتي عني، بل إني أعدّ ذلك سوءاً في خلقها، فليس حلاً أبداً أن يطلق المرء زوجته، وليس من العدل أن تطلب الزوجة ذلك.
ويتساءل علي: أين العشرة؟ أين الحب؟ أين الأيام الجميلة؟ أين خوفه عليها ورغبته في إسعادها؟! أليس لكل ذلك ثمن في عرف الزوجة؟! ثم هل تضمن الزوجة الزواج مرّة ثانية؟، وإن تزوجت، هل تضمن زوجاً طيباً كما هو حال زوجها؟. بلى على الزوج أن يزيد من عنايته بزوجته وأن يشعرها بأنها عزيزة عنده، أن يحسسها بأنه يقدر لها موقفها هذا، وأن يشعرها أنها بأمان معه، وليس مع سواه، وأنه هو حافظها بعد الله تعالى وليس الأبناء أو الإخوة، ذلك حقها لا شك.
لا ذنب لي
من جانبها تؤكد السيدة رباب عبدالله أن الزوج العقيم ليس له أي ذنب في ذلك، مشيرة إلى أن المرأة العاقلة المحبة لبعلها لا يمكن أن تتخلى بسهولة عنه، إلا إذا كان حبها للأمومة أكبر من مودتها لزوجها.
وتضيف عبدالله: نحن لا نستطيع أن نقيس المودّة بالمسطرة والقلم، فهي مشاعر وأحاسيس، لكن الزوجة يمكنها أن تجلس مع نفسها، وتشاور من تثق بهم من أهل الرأي والخبرة، ثمّ تتخذ قرارها. أقول ذلك مراعاة لخاطر الزوج، فكما أنه لا ذنب له، كذلك من حقه أن يعيش الحياة دون قلاقل، فأن تختار الزوجة الانفصال عنه، أفضل من أن تظل معه وهي متحيرة، لتوقعه في الحيرة والشقاء.
ماذا لو كانت عقيماً؟
من جهته يتساءل الشاب محمود سيد حسن –متزوج حديثاً- لماذا لا تفكر الزوجة بطريقة مختلفة؟! لماذا لا تفكّر في تصرّف زوجها لو كانت عقيماً؟! أكانت تقبل منه أن يتخلى عنها لمجرد أنّها لا تنجب؟! ماذا لو أصيبت بمرض مثلا؟ أتقبل منه أن يرميها رمية الكلاب لأنه لا ينال منها مثلا حقّه الشرعي؟!.
ويؤكد حسن أن على الزوجة أن تفكر جيدا وتتقي الله تعالى.. «أنا لا أقول أنّ على كل زوجة أن تعيش مع زوج لا ينجب، لكن من العدل والإنصاف أن لا يظلم الزوج، وأن نقيس الأمور بالعقل؛ فكما إنّ الزوج مسؤول أمام الله تعالى؛ كذلك الزوجة مسؤولة أمامه تعالى».
ويردف حسن: أتأمل في حال بعض الزوجات افترقن عن أزواجهم، بسبب الرغبة في الولد، فأجدهن تعيسات، ربما أنجبن الولد، لكنهن لم يحظين بزوج أفضل من السابق!.
الزوج الصالح نعمة
بدورة يتلو الموظف يوسف جواد قول الله تعالى (ومن يبدّل نعمة الله من بعد ما جاءته فإنّ الله شديد العقاب) صدق الله العظيم، مشيراً إلى أن الزوج الصالح من مصاديق النعمة الإلهية.
يقول جواد: الحقيقة إني لا أجد علاقة بين الزواج الناجح وإنجاب الأبناء من عدمه! فهناك زيجات كثيرة ناجحة بدون أطفال. وكلّ ذلك بسبب تواجد الزوج الصالح، الذي يهب زوجته السعادة. فلماذا لا تعي الزوجة النعمة التي هي فيها، ولماذا تستبدلها بالمجهول؟! إن أي فرد يتمنّى أن يناله نصيب من الخير، وهذا الخير هو الزوج الصالح والزوجة الصالحة، صحيح أن الأمومة غريزة في المرأة، لكن وجود الزوج الصالح إلى جانبها هو الأهم في رأيي.
لانزال جوار لكم
بينما تعبر الطالبة زهرة يوسف عن غضبها للنظرة الضيقة التي مازال بعض الرجال ينظرون بها للمرأة التي حققت اليوم ما عجزوا عن تحقيقه.
وتضيف يوسف: ما أزال عندي رأيي بأن المرأة الشرقية، لا كيان لها في مجتمعاتنا الشرقية، فالرجل الشرقي عندما يتزوج ثم يكتشف أن زوجته عاقر، يعطي لنفسه الحق في الزواج من أخرى، بحجة أنه يريد أولاداً يحملون اسمه من بعده ، أما المرأة فلا شيء، فلا يمكنها أن تصرّح برغبتها في أن تكون أما، كما أنه لا يمكنها أن تطلب الطلاق، وإلا أكلتها عيون الناس، واعتبرتها دون أخلاق! غريب ذلك فعلاً! فما البأس في أن تطلب الزوجة الطلاق، لكي ترتبط بإنسان يحقق لها هذا الحلم؟! أتودّون منها أن تكبت أحاسيسها لكي تصاب بالأمراض النفسية؟! لماذا لا يدعها الرجل تمارس حقها؟! أليست من روح ودم؟! ولماذا عليها أن تدفع ثمن نعمة تتمناها كل فتاة؟! في حين أن الزوج قد يرميها رمية الكلاب؟!.
الفشل مآل هذا الزواج
أما الموظف حسن إبراهيم، فيؤكد من وحي تجربة لمسها عن قرب، أن زواجاً مثل هذا لن يصمد أمام تحديات الحياة، ورغبة الفتاة في الأبناء، وكثرة المشكلات، معللا ذلك بأن رغبة الفتاة في إنجاب الأبناء؛ غريزة أصيلة أودعها الله فيها، ولا يمكن نزعها منها، فهي حتى لو قررت قضاء بقية العمر مع زوجها العقيم، فلن تتمكن من الصبر طويلا، ربما تخفي حزنها وألمها، لكنه حزن سيظهر في النهاية على وجهها وفلتات لسانها.
وينصح إبراهيم كل شاب يكتشف وجود هذه العلة فيه، بالتأكد من نسبة نجاح العلاج، فإن كانت النسبة لا تتعدى الـ 50% ، فان عليه أن لا يتعب نفسه، ولا يتعب زوجته. وأن عليه أن يكون قوياً ويتخذ قرار الانفصال متى شعر بأنها لا تحبذ المواصلة معه.
ويشير إبراهيم إلى أن «هناك حالات يلزمه التفكير فيها جيداً، فربما تكون زوجته تخطت سن الثلاثين من عمرها، أو أنها ليست بذلك المستوى من الجمال، الذي يغري غيره بالزواج منها، أو أنها لم تنل من التعليم النظامي سوى النزر اليسير، تلك أسباب ربما تشفع للزوج العقيم، حين لا ينفصل عن زوجته. أما إذا كانت الزوجة صغيرة السن وجميلة ومتعلمة، وهو يدرك تماماً أن فرصتها في الزواج كبيرة، فإن عليه الانفصال عنها متى شعر أنها تميل إلى ذلك.
ويتابع إبراهيم: إذا كنت أدعو الشباب لسلوك هذا المسلك، فإني أحمّلهم نتيجة تقاعسهم عن ذلك، فأنا شخصياً لم أعش هذه التجربة، لكني عاينتها عن قرب، في شخص أحد أصدقائي. لقد عانى كثيرا طوال ستة أعوام وأكثر، حين اكتشف أنه عقيم. وقد أجرى أكثر من عملية ليحقق لزوجته هذا الحلم، لكن الله سبحانه وتعالى لم يأذن بذلك. وبعد اللتيّا واللتي اضطر إلى تطليق زوجته، فكان مثل ذلك الذي خيروه بين أكل البصل أو الضرب بالسياط، فاختار البصل ولمّا أكل منه وأحس بحرارته قبل بالسياط.
فحص ما قبل الزواج
بالمقابل تحمل الموظفة خديجة «...» الرجل مسؤولية التعاسة التي أوقع نفسه فيها، من حيث إنه لم يبادر بالكشف على نفسه.
وتردف خديجة: طبعاً هو أمر صعب أن تدعو شاباً يعتزم الزواج إلى الذهاب للطبيب، وتحليل الحيوان المنوي. لكن الشاب العاقل، خصوصا ًمن هذا الجيد الجديد المتعلم والمنفتح، لن يجد بأساً في ذلك، طالما أنه يخطط لحياته بشكل مدروس، بعيدا عن العواطف.
وتواصل: لقد كان آباؤنا يرفضون فحص ما قبل الزواج، لذلك وجدنا بينهم كثيراً من أصحاب الأمراض كالسكري وفقر الدم، لكن جيلنا ولله الحمد، تمكن من قهر الخجل، وقلّت مثل هذه الأمراض المتعبة. وأرى أن هذا الجيل هو أكثر حكمة ودراية، ولن يمانع من أن يضيف لكشف الزواج الكشف عن الخصوبة.
فخامة ووحدة
«كان كلّ همّها الاقتران به، كيف لا وهو وحيد أبويه، الشاب المدلل، الذي لمست عن قرب مدى محبتهما له، وكيف أنهما لا يرفضان له طلبا. وما زاد من اصرارها على الزواج به، أمها التي أخذت بتزيين هذا العرس لها. فاذا بها تنساق له دون أن تمنح نفسها فرصة للتأمل في أمور أخرى مهمة في الحياة. إن جميع أخواله يعانون العقم، ما يعني أنه مصاب به أيضا، حتى بعد أن صارحها بذلك، لم تكترث طويلاً، وإن كان هناك نداء خفيف يصل إلى سمعها محذراً إياها من ظروف صعبة ستمر بها. لقد اقترنت به وانتهى الأمر، وها هي في بيتها الفخم تشكو الوحدة، دون طفل ينير عليها البيت، وكلما سألت زوجها؛ أجابها بنفاذ صبر: لقد أخبرتك من قبل، ولا لوم علي!».
تحمّلني ما لا أطيق
«هكذا بكل بساطة تطلب الطلاق؟! أين ذهب الكلام الجميل، وذلك الاعتراف بالحب والمودّة؟ أين الليالي الرومانسية؟ كل ذلك ذهب أدراج الرياح، وها هو يسوق السيارة لا يعي من هو أمامه ومن هو خلفه؛ حتى الأمس فقط؛ كنت الحبيب الذي لا يمكن فراقه، وها أنا اليوم شخص غير مرغوب به؛ تتخلى عني لأني أعاني من مرض لا حيلة لي فيه؛ وهل أنا من رفض الولد؟! أليس أن الله تعالى هو مقسم الرزاق؟! لن ينسى أبدا ما عاش؛ كيف أنها باعت الأيام الجميلة واللحظات الرائعة، وحمّلته ما لا يطيق من ألم»!.
البنون قبل المال
«لو أنها عاشت مع الرجل الثري، لأغرقها بالمال والحلي، وأتاح لها أن ترى الدنيا بما فيها من مشاهد ومناظر رائعة، لكنها رفضت كل ذلك، ليس قبل أن تذوق طعم الغنى وهي الفتاة الناشئة في أسرة فقيرة، بل عافت نفسها الغنى بعد أن قضت مع زوجها ثلاثة أعوام دون أن تنجب الولد.
حسناء جميلة عرض عليها الزواج، فوفّر لها كل شيء إلا الولد. عندها صارحته برغبتها بالطلاق، فاستجاب لها. وها هي الآن تنظر إلى أبنائها العشرة باعتزاز، صحيح أن أحوالهم المالية صعبة، لكن هل كان المال سيغنيها عن الأمومة؟!».