^ للـــولاة والحكمــــاء مكـــانــــة لعــــودة الأمــــن والاستقـــرار ^ يجـب سيادة مبدأ المحـاورة والمجادلة بالحسنـى كمـا أمـرنا الدين ^ لا خيــــــر في مـــــن يجـــــادل بــــالباطـــل ليـــدحض به الحق أكد إمام وخطيب الحرم المكي د.سعود الشريم أن المحاورة لا تعني تهميش “الآخر” كما إن الدعوة إليها لا تعني أن تكون المحاورة بلا زمام ولا خطام فحيث تطغى على الحقوق والحرمات وتكون تكأة لكل متشفٍّ، لاسيما حينما تطال مقامات لها في الاحترام والمرجعية والتقدير ما يستقيم به الصالح العام ولا يفتح باباً للفوضى والرمي بالكلام كيفما اتفق. وأشار د.سعود الشريم، في خطبته أمس، إلى أن الأمر يشتد خطورة حينما يكون عند العلماء والولاة الشرعيين من خلال جعل بعض المحاورات كلأً لمنابذتهم ومنابزتهم وقد جعل لهم الشارع الحكيم من الحرمة والمكانة ما تعود مصلحته على أمن واستقرار المجتمع بعيداً عن الإرباك والإرجاف بالمنظومة العلمية والقيادية. وشدد على الحاجة لسيادة مبدأ المحاورة والمجادلة بالتي هي أحسن في جميع شؤون الحياة كما علمنا ديننا الحنيف، إذ إنها أسلوب راقٍ ووسيلة مثلى توصل إلى الغاية بكل أمن وطمأنينة وتأثير، لأن اختلاف الناس وتفاوت عقولهم تفرض طَرق هذا المبدأ في زمن كثر فيه الجشع وشاعت فيه الفوضى حتى أصبح التافه من الناس يتكلم في أمر العامة، مضيفاً أن المحاورة هي تبادل حديث بين اثنين أو أكثر، يقصد به إظهار حجة أو دفع شبهة أو إثبات حق أو رفع باطل في قول أو فعل أو اعتقاد. وأوضح أن كتاب الله به عشرات الآيات التي تنص على هذا المبدأ والسنة المطهرة مليئة بهذا الأسلوب المنبعث من الهدي النبوي الحريص على هداية الناس، كما في قوله تعالى “لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم”، مشيراً إلى أن أي مجتمع يربي نفسه ونفوس بنيه على إيجاد إيصال الفكرة إلى الغير ناتج عن محاورة وشفافية كما يقولون ومجادلة بالتي هي أحسن لا بالتي هي أخشن، فستصل الفكرة بكل يسر ووضوح لا يشوبه استكبار، وإن لم تكن نتيجة ذلك إيجابية فعلى الأقل الحجة قامت والذمة برئت ولسان الحال حينئذ هو قول المؤمن “فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصيرٌ بالعباد”. ولفت الشريم إلى أن الحق هو الحق لن يتغير سواء بمحاورة أو غيره، وإنما التغير يكون في القناعة بالحكم وفهمه والرضا به ومعرفة حكم الشارع، إذ إنها لا تعني باللزوم اقتسام النتيجة بين المتحاورين، كما إن الوسطية لا تعني التوسط بين أمرين وإنما هي العدل والخيار الذي لا ميل فيه لطرف دون طرف بل أنّا وجد الحق فهو الوسط وإن كان أدعياؤه طرفين لا ثالث لهما، وتلك هي الغاية المرجوة من المحاورة، موضحاً أن من جادل بالباطل ليدحض به الحق، فقد قال الله عنه “الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتاً عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على قلب كل متكبر جبار”. وأضاف أن المحاورة بالحسنى خير سبيل موصل إلى الحق والرضا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، إذ إن مجرد النهي والزجر بعيداً عن أسلوب المحاورة الكفيل بنزع فتيل الإغراق في حب الشهوات لا يحصد من الفوائد ما تحصده المحاورة ذاتها، مشيراً إلى أن المحاورة في شريعتنا الغراء امتازت بأنها عامة في جميع شؤون الحياة ابتداء بأمور الاعتقاد وانتهاء بتربية الأطفال، كمحاورة كل نبي لقومه ومجادلتهم بالحسنى طمعاً في هدايتهم إلى صراط الله المستقيم.