كتب – حسن خالد:
تختلف القدرات باختلاف اللاعبين في كل أنحاء العالم، ومن دون شك أن المنتخب والنادي معياران هامان في قياس قدرة اللاعب على العطاء، وبذلك يتم تقييمه، وها هي الوطن الرياضي تطرح أكثر المواضيع الخاصة بالكرة العالمية جدلاً و تساؤلاً وسط الشارع الرياضي، ووسط المستويين المختلفين الذين يقدمانهم ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو في نادييهما ومنتخبيهما، فما السبب في ذلك وأين تكمن المشكلة ؟
هرميّة اللاعبين .. ودرجات الاحترافية الفطرية !
ينقسمون اللاعبين المحترفين حول العالم إلى 5 أقسام و درجات حسب ما يملكونه في عالم الكرة من مهارات، فالدرجة الخامسة للاعبين مغمورين أو كبار سن مثل لاعبي الفرق المغمورة في الدوريات الأوروبية واللاعبين الكبار الذين يمارسون اللعبة كهواية لا يستطيعون تركها، والدرجة الرابعة للاعبين متواضعين كمثال كارلوس فيلا لاعب سوسيداد، إيميل هيسكي، بيتر كراوتش، الحارس روميرو، و أندرسون بينما تتكون الدرجة الثالثة من لاعبين أمثال جيرارد، بيرلو ( في فترة ما قبل انتقاله لليوفي)، بيدرو، خضيرة و إبراهيموفيتش و تتكون الدرجة الثانية من لاعبين أمثال أوزيل و إنييستا، تشافي، بيرلو (بعد انتقاله لليوفي)، كاسياس، بوسكيتس و دي ماريا، بينما الدرجة الأولى لا تتكون سوى من لاعبين لا يوجد من يماثلهما في القدرات و المهارات في عالم كرة القدم و هما كريستيانو رونالدو وليو ميسي نجمي ريال مدريد و برشلونة، فإن هذه الدرجيّة و الهرميّة في تقسيم اللاعبين واقع طبقاً لما يقدمه هؤلاء، وإن اختلفت الآراء فهم قريبين من درجات التصنيف و لكن على الدرجة الأولى فلا يوجد من يطابق رونالدو و ميسي حسب آراء أكبر نقاد كرة القدم العرب كالتمياط و حازم إمام و الأجانب كتريفور فرانسيس و لينيكر و تيري فينابلز.
الاختلاف الشاسع بين النادي والمنتخب .. المعالم والأسباب!
فرق شاسع لا يدركه الكثيرون بين المنتخب والنادي وهي النقطة التي يترصد لها منتقدي رونالدو ومنتقدي ميسي عندما يتفجرون تهديفياً وفنياً وبدنياً في الدوري الإسباني ولكنهم يقدمون مستويات متواضعة مقارنة بأداءاتهم في أنديتهم فما السبب؟
و لعل أهم الإجابات على ذلك السؤال الذي بات كالأزمة المتكررة في الأماكن التي يتناقش بها الرياضيون، فعشاق رونالدو ومحبيه يتهاتفون بمستوى ميسي الباهت في المنتخب عندما رونالدو يسجل هدفاً مع البرتغال و العكس صحيح، و لكن المسألة أبعادها أكبر محتوية تفاصيل أكبر بكثير.
بحيث يكون النظام في النادي معاكس تماماً لمنتخب هذين الاثنين اللذين وقعا مع ناديهما مع لاعبين أغلبهم حسب التصنيف الذي وضعناه أعلاه بالدرجة الثانية، ولكن عندما يواجهون بالمنتخب 90% من لاعبي الدرجة الثالثة و الرابعة فحتماً سيواجهون خللاً في نظام التعامل معهم، فالتعامل مع إنييستا و بوسكيتس ليس كالتعامل مع زاباليتا وكامبانيارو، كما هو الحال لرونالدو الذي يلعب أمام أوزيل وتشابي ألونسو ودي ماريا ثم يذهب بالمنتخب ليلعب أمام موتينهو وكواريسما.
بالتأكيد فإن القدرة على التعامل مع لاعبي الدرجة الثانية أكثر مرونة وسرعة وسهولة من أن يتعاملون لاحقاً و بين الحين و الآخر مع لاعبي الدرجة الثالثة، كذلك الفترة التي هم مستمرين أن يلعبوا بها مع زملائهم في الأندية ثم يتوجهون للعب مع زملائهم البعيدين تماماً عن مستوياتهم، فأن يلعب هذين الإثنين فترة شهر أو شهرين مع النادي، وبمعدل في الأسبوع مباراتين بتدريبات شبه يومية و بعدها يتوجهون ليلعبوا مباراة واحدة في حصتين تدريبيتين تقريباً فحتماً سيكون هنالك إخلال وعدم توازن في اللعب.
لاعب واحد لا يصنع فارق .. واقع !
فقد كان رونالدو نجم المنتخب البرازيلي متألقاً بمنتخبه لأنه كان برفقة لاعبين من نفس درجته الاحترافية كرونالدينهو و بيبيتو وريفالدو على مر الزمن الذي لعب خلاله مع منتخب البرازيل، و قد كان زيدان عبقرياً مع منتخبه لأنه كان برفقة ديشامب و هنري “أفضل هداف و صانع ألعاب بتاريخ فرنسا” و ديسايي، و كذلك مارادونا الذي يعتبره الكثيرون بأنه النجم الأوحد في المنتخب و نسو زملائه كخورخي بورتشاغا و فالدانو، فبالتأكيد كانت عبقرية دييغو متفردة عنهم، و لكنه لم يستطع الوصول لهذا المجد مع المنتخب من دون مساعدتهم، فالمنتخب عبارة عن سلسلة تكاملية من لاعبين، يحدد جودة اندماجهم مع بعض جودة منتخبهم.
المدرب و تأثيره اللا ملحوظ !
للمدرب بلا شك تأثير كبير على اللاعب نفسه، فلا ننكر بأن لغوارديولا فضل كبير على مستوى ميسي الحالي عندما غير مركزه من جناح تقليدي إلى صانع ألعاب هداف أو كما يسميها البعض “مهاجم كاذب”، و كما فعل فيرغسون مع رونالدو عندما كان الأخير مهاجماً صريحاً و حوله لمركز الجناح التكتيكي الثابت، و انفجر فتيل الإثنين بعد ذلك، و في ظل الأيام التي يعيشها اللاعب مع المدرب ومع استمراريتها، فإن اللاعب يتعود على رتم معين من الجمل التكتيكية ويحفظها على إنها هي الحلول التقليدية في كل مباراة في حال إذا احتاجها المدرب منه، فتتكون بذلك شخصية متفردة للاعب، شخصية تكتيكية يمتلكها المدرب و يكون كالورقة التي يستفيد منها في كل مباراة، فعندما يطالب المدرب لاعبه بتغيير شيء ما في أسلوب لعبه بالتراجع أو بالالتزام بالمكان المعين فيكون اللاعب قد تعود على ذلك مسبقاً فيصنع ذلك العمل بكل يسر و مرونة دون وجود صعوبات، و لكن في ظل هذه الوضعية و هذه العناصر في المنتخب الأرجنتيني و البرتغالي، و بكون رونالدو و ميسي قد تعودا على نمط تكتيكي رصين مع مدربين كبار كغوارديولا سابقاً و الآن فيلانوفا ومورينهو في ريال مدريد، فنشاهد بالمقابل مدربين متواضعين مقابل مدربي الأندية و هذا واقع، فالمدرب الذي يريد صنع مجداً عليه أن يجد نادياً له بدل المنتخب، فنشاهد باولو بينتو يدرب البرتغال والآخر أليخاندروسابيلا، وللمنتخب بالتأكيد خططاً فنية و تكتيكية مغايرة تماماً و لكن بالوضع الذي يعايشه هؤلاء “السوبر ستارز” مع تغير الأمور الفنية التدريبية، فإن المرونة صعبة في ظل عدم وجود توازن بين درجات اللاعبين.
للمحرر كلمة
أحياناً تكون تفاصيل تفاصيل المشكلة هي السبب، فلا يعقل أن ما يفعله ميسي في أندية الليغا وفي دوري الأبطال يكون خاوياً عندما يلعب برفقة منتخبه، ولا يعقل أن آلة رونالدو التهديفية تتوقف و تكون عاجزة أمام المنتخبات الدولية بعدما يكون هاتكاً لأعراض أندية اللا ليغا، فلننظر بعمق أكثر، ولا نحجم نظرتها حول ونرميها باتجاه تعصبنا أو باتجاه حبنا لناد ما، فلنكن أكثر حكمة في تفصيل التفاصيل.