كتب - محرّر الشؤون السياسية:
تتنافس الكتل النيابية على رئاسة اللجان الدائمة بمجلس النواب خلال الفصل التشريعي الثالث المرتقب، ففي حين يرى نواب ضرورة حسمها لصالح الكتل الأكثر أعضاءً، يطرح آخرون فكرة استبعاد الكثرة معياراً للأحقية واعتماد الكفاءة والتجربة دون سواهما.
ويأتي التنافس في وقت فشلت فيه الكتل باجتماعها الأسبوع الماضي، في التنسيق والتفاهم حول توزيع رئاسة اللجان، بسبب غياب بعض الكتل عنه.
وفي إطلالة على تاريخ مجلس النواب منذ 2002 وتداول رئاسة اللجان داخله، ندرك أن اللجان الأهم في المجلس خضعت لرئاسة نواب ينتمون إلى الكتل ذات الثقل في المجلس. وتولى د.عيسى المطوع من كتلة الأصالة الإسلامية رئاسة لجنة الخدمات في دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الأول لـ«النواب”، فيما انتخب د.عبداللطيف الشيخ من كتلة المنبر الإسلامي رئيساً للجنة الشؤون التشريعية والقانونية، وفي الدور الثاني من الفصل نفسه اختير العضو المنبري د.علي أحمد لرئاسة لجنة الخدمات، وأُعيد انتخابه في نفس المنصب للدورين الثالث والرابع من الفصل التشريعي ذاته، وانتخب حمد مهندي لرئاسة لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في مستهل الدور الثالث من الفصل الأول. وذهبت رئاسة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني في الفصل التشريعي الثاني إلى جمعية الأصالة الإسلامية ممثلة بالنائب عادل المعاودة طلية 3 أدوار انعقاد، قبل أن يتركها في دور الانعقاد الرابع للنائب المستقل أحمد بهزاد، فيما ظلت رئاسة لجنة الخدمات حكراً على عضو كتلة المنبر الإسلامي د.علي أحمد على مدى الأدوار الـ4 للفصل التشريعي الثاني.
ومع انطلاقة الفصل التشريعي الثالث وبعد انتخابات تراجعت خلالها حظوظ الكتلتين الإسلاميتين “المنبر والأصالة” بشكل كبير، بدا أن رئاسة اللّجان الدائمة بالمجلس أصبحت من نصيب كتلٍ جديدة ظهر أنها الأكثر حظاً في تلك الانتخابات، إضافة إلى مستقلين وجمعيات أخرى لم يعد لها حضور في المجلس. وفي وقت يستعد فيه النواب لافتتاح دور الانعقاد الثالث، كشف عضو كتلة المستقلين الوطنية النائب خميس الرميحي عن جهود لانعقاد اجتماع تنسيقي جديد موسع تحضره جميع الكتل إضافة إلى المستقلين قبل نهاية سبتمبر “للتوصل إلى حلّ لقيادة اللجان وتوزيعها بشكل عادل” دون الحاجة للتصويت.
وحذّر الرميحي من أن “ترك الحبل على الغارب للانتخابات لاختيار رؤساء اللجان يُحدث مفاجآت غير مريحة تغضب البعض، وربما يعصف بالكتل النيابية ويضر بعمل المجلس”.
وقال إن اجتماعاً تنسيقياً غير رسمي جرى بين عدد من النواب، وتناول توزيع رؤساء اللجان بمجلس النواب خلال الدور المقبل، دون التوصل إلى حل “بسبب غياب كتل نيابية كان يُفترض حضورها للتوصل لتنسيق تام واتفاق على قيادة اللجان الخمس بالمجلس”. وبخصوص أسباب عدم نجاح اجتماع الأسبوع الماضي قال الرميحي “إننا نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً”، مضيفاً أن البعض تحدث عن الرغبة في الالتقاء والتشاور لرئاسة اللجان ولكن “الواقع يؤكد أن هناك عزوفاً وصدوداً من البعض لا نعلم دواعيه”.
وأردف “إذا كان القصد من عدم الحضور الهيمنة على رئاسة اللجان فهذا خطأ، إذ لا تستطيع كتلة أو كتلتان في الوضع الحالي الهيمنةَ على لجان المجلس، لأن هناك كتلاً أخرى ونواب مستقلين لا يوافقون على هذا التوجه”. وأضاف “لا يمكن أن نقبل باتفاق لا يشمل جميع الكتل”، معتبراً أن التنسيق بين كتلتين أو 3 لا يحلّ القضية، وإذا لم يتمّ التنسيق بين الكتل على هذا النحو تحدث فوضى في رئاسة اللجان”.
وأكد الرميحي أن المعيار في رئاسة اللجان يجب يكون للكفاءة فقط، وقال “لا نريد رؤساء يتوارون عن الأنظار وإنما نريد رؤساء بارزين يناقشون الموضوعات في قاعة المجلس على أحسن وجه وأتم صورة”.
ولفت إلى أن تفاوت القدرات بين النواب أمر طبيعي، مضيفاً “بعض النواب لديهم القدرة على إدارة اللجان دون غيرهم، وهذا لا يعني انتقاصاً من قدر النواب الآخرين”. واعتبر أن كل كتلة من الكتل الخمس بالمجلس، من حقها أن ترشح لرئاسة اللجان من بين 37 نائباً يُشكّلون مجموع أعضاء المجلس عدا الرئيس ونائبيه. ودعا الرميحي إلى عدم احتكار أي كتلة سياسية لمناصب رئاسة اللجان التي من المفترض أن تتجاوز 12 لجنة بما فيها اللجان الخمس الدائمة واللجان النوعية والفصلية، مضيفاً “من الوارد تشكيل عدد من لجان التحقيق خلال الدور المقبل”.
وحثّ الرميحي على توزيع اللجان على جميع الكتل النيابية، داعياً النواب إلى التحلي بنكران الذات وعدم الاستحواذ على اللجان. من جهته أكد عضو كتلة المنبر الإسلامي محمد العمادي، ضرورة اعتماد الكفاءة في إدارة اللجان بمجلس النواب، والابتعاد عن منطق المحاصصة واعتبارات أغلبية الأصوات. وأضاف أنه “يجب ألا تعتمد المحاباة على حساب الكفاءة في إدارة اللجان باعتبارها مطبخ عمل المجلس ومرتكز إنجازه، ما يجعلها تحتاج إلى إدارة القوي الأمين بعيداً عن مبدأ المحاصصة السياسية”.
وبخصوص الاجتماع التنسيقي للكتل النيابية الذي كان مقرراً الأسبوع الماضي، لفت العمادي إلى أن الدعوة بخصوصه وصلت كتلة المنبر متأخرة جداً، ما لم يُمكّن أياً من أعضائها من الحضور، نافياً أن تكون لديه أية تفاصيل حول الاجتماع.
ودعا العمادي النواب إلى المشاركة بفاعلية في عمل اللجان والحرص على حضور جلساتها في أوقات انعقادها الاعتيادية، لافتاً إلى الغياب الكبير عن حضور اجتماعات بعض اللجان خلال الدور التشريعي الماضي، وعدم اكتمال النصاب القانوني لانعقادها، ما شلّ عمل اللجان وأثّر على دراسة المشاريع بقانون والاقتراحات وغيرها من مجالات عمل المجلس.