يبدو للوهلة الأولى أن بلدة سوكاماجو تتمتع بمزايا الأرياف الإندونيسية جميعها، فحقول الأرز الخضراء تلوح في الأفق والطائرات الورقية تحلق في سمائها وضحكات الأولاد تتعالى من إحيائه، لكن نهر سيتاروم يجري فيها.
تنتشر الروائح النتنة وسط البلدة الذي يجري في أسفله نهر سيتاروم مع جبال النفايات والأكياس البلاستيكية المرمية على ضفافه والقمامة التي تعوم في مياهه التي باتت خضراء اللون.
وتمتد هذه المزبلة المائية على 297 كيلومتراً عبر جزيرة جاوا وسط إندونيسيا، وهي تصب في العاصمة الإندونيسية جاكرتا.
ويعتبر النهر “أكثر الأنهر تلوثاً في العالم”، بحسب اللجنة الخاصة التي أنشئت بهدف تنقية مياه النهر، لكن ثمة أنهر أخرى في العالم تنافسه على هذا اللقب.
ويشكل نهر سيتاروم مصدر المياه الوحيد لسكان جاوا الذين يعيشون على ضفافه والبالغ عددهم 15 مليون نسمة، وذلك على الرغم من المخاطر المحدقة بصحتهم ومحاصيلهم. وتقع البئر التي تمد بالمياه الحمامات العامة في ساحة البلدة الصغيرة، وهي موصولة مباشرة بمياه النهر، نظراً لنقص الموارد.
وتضم المنطقة 1500 مصنع أقمشة تصب كل يوم في نهر سيتاروم 280 طناً من النفايات السامة، بحسب المعطيات الحكومية.
وقد اكتست المياه في قنوات الري المنتشرة في حقول الأرز لوناً أحمر غامقاً يميل إلى السواد.
ويشرح ديني ريسوانداني وهو مواطن إندونيسي أن السبب “يعود إلى الصبغات التي تستخدم في المصانع. ويتغير اللون كل ساعتين، ويؤثر هذا التلوث مباشرة على نوعية الارز”.
وبجوار المزارع، يقع مبنى رمادي ضخم تحيط به أسلاك شائكة يضم مصنعاً يصدر الأقمشة ويصب بانتظام نفاياته السامة في مجرى المياه الواقع مباشرة بالقرب من حقول الأرز.
وأضاف ريسوانداني أنه “يحظر على المصانع رمي النفايات في المياه من دون معالجتها، وحتى لو قامت المصانع بذلك، ينبغي فرض عقوبات كبيرة عليها. وتقول الحكومة إنها تراقب الوضع بانتظام، لكن الأمور على حالها في الميدان”.
وقد وضعت الحكومة الإندونيسية إزالة التلوث من النهر وسواعده الاثنين والعشرين في قلب أولوياتها الوطنية، وأطلقت في 2010 ورشة إعادة تأهيل كبيرة تمتد على 15 عاماً وتبلغ ميزانيتها الإجمالية 3.5 مليار دولار، قدم مصرف التنمية الآسيوي 500 مليون دولار منها.=