تزايدت المطالبات الشعبية والبرلمانية خلال الأيام الماضية بإسقاط جنسية المتورطين في التحريض وأعمال العنف والإرهاب، وخاصة الذين اكتسبوا الجنسية منهم ولم تكن جنسيتهم بحرينية في الأصل.
وتتركز المطالبات على سحب جنسية عيسى قاسم رجل الدين الذي يمارس دوراً تحريضياً بارزاً منذ سنوات، وهو إيراني الأصل اكتسب الجنسية في الستينات من القرن العشرين.
وتأتي هذه المطالبات إثر الدعوات العلنية والتحريضية التي أطلقها عيسى قاسم من خلال المنبر الديني، وأشهرها فتوى (اسحقوهم) التي وجهها لاستهداف رجال الأمن بأعمال العنف والتخريب والإرهاب، ولم تفلح الدعوات التي أطلقت من قبل المسؤولين في الدولة بضرورة احترام سيادة القانون والانضباط به وعدم تجاوزه، بوقفه عن التحريض.
رئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس النواب النائب أحمد الملا علق حول الموضوع قائلاً: «إن النظام التشريعي البحريني أقرّ ضوابط صارمة لمنع استغلال الجنسية البحرينية في الإضرار بالوطن، وأناط سلطة إسقاط الجنسية بجلالة الملك في حالات الخيانة العظمى والإضرار بأمن الدولة وهي «جرائم يرتكبها عيسى قاسم علناً» على حد وصفه.
وفي باب الحقوق والواجبات العامة من الدستور البحريني نصت المادة 17 أن «الجنسية البحرينية يحددها القانون، ولا يجوز إسقاطها عمّن يتمتع بها إلا في حالة الخيانة العظمى، والأحوال الأخرى المحددة بالقانون».
وفصّل قانون الجنسية البحريني لعام 1963 حالات يجوز فيها إسقاط الجنسية، ونصّت المادة 10 من قانون الجنسية أنه «يجوز بأمر عظمة الحاكم إسقاط الجنسية البحرينية من كل من يتمتع بها في الحالات الآتية (أ) إذا دخل الخدمة العسكرية لإحدى الدول الأجنبية وبقي فيها رغم الأمر الصادر له من حكومة البحرين بتركها، (ب) إذا ساعد أو انخرط في خدمة دولة معادية، (ج‌) إذا تسبب في الإضرار بأمن الدولة».
وأوضح الملا أن المادة السابقة لم تشترط الإدانة بحكم قضائي مثلما هو الحال في بعض حالات سحب الجنسية ممن اكتسبها إذا أُدين في جريمة تمس شرفه أو أمانته.
وشملت المادة التي تجيز إسقاطها في حالات معينة جميع حاملي الجنسية بالأصالة أو بالاكتساب، وأشار الملا إلى أن عيسى قاسم ليس بحرينياً بحسب الأصل، وإنما حصل على الجنسية البحرينية في وقت لاحق، ما يعني أنه لم يولد لا هو ولا أبوه على أرض البحرين.
ووفقاً لهذا الرأي فإن جميع جرائم قاسم المرتكبة علنية، ومجرد إلقائه خطابات تنادي بقتل الشرطة أو تبث الطائفية والعنف في الشوارع، فإن ذلك يعتبر من الناحية القانونية إضراراً بأمن الدولة.
وزادت خلال الفترة الأخيرة المطالب بإنفاذ القانون ضد الجرائم ذات الخطورة على المجتمع والمؤدية إلى العنف والانقسام الطائفي، فيما نالت خطب ومحاضرات عيسى قاسم انتقادات حادة بسبب ما اعتبر تحريضاً على العنف والانقلاب على الدولة، لاسيما الخطبة التي دعا فيها إلى سحق رجال الشرطة.
ورغم التبريرات المساقة من المعارضة عقب الدعوة، إلا أنها أطلقت شرارة أعمال عنف ضد رجال الأمن تصاعدت منذ ذلك الحين وحتى اللحظة، تشمل أعمال حرق وقطع الطرق وتظاهرات غير مرخصة عادة ما تنتهي بأعمال عنف واستخدام للقنابل الحارقة.
التجربة الفرنسية
فرنسا واجهت تحدياً مشابهاً للذي تواجهه البحرين بقيام مجموعة من الأشخاص الذين اكتسبوا الجنسية حديثاً بأعمال إرهاب وعنف ضد الممتلكات العامة والخاصة وضد رجال الأمن أيضاً، حيث قرر الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي عـــــام 2010 سحـــــب الجنسية الفرنسية من كل من يستخدم العنف ويعتدي على الشرطة أو الموظفين العموميين، أعقبه تصويت الجمعية العامة الفرنسية بالموافقة على قانون جديد يرمي إلى سحب الجنسية الفرنسية ممن يرتكبون جرائم ضد أفراد الأمن.
وجاءت التعديلات إثر أحداث عنف وشغب واسعة عمت بعض المدن الفرنسية، وأدت إلى مواجهات مع الشرطة وأعمال تخريب وحرق للممتلكات العامة والخاصة. وتضاف القرارات الفرنسية الجديدة إلى شروط سحب الجنسية المطبقة فعلاً، والمحددة بحالات الإدانة بالإرهاب أو الإساءة لأمن الدولة.
وسبق القرار الفرنسي صدور قانون في 1998 يتيح إمكانية تجريد الحاصل على الجنسية الفرنسية، من هذه الجنسية إذا صدر عليه حكم في قضية إرهاب، إلا أن الإمكانية تم توسيعها الآن لتشمل من يدان بقتل رجال الشرطة والقانون والإطفاء، من الحاصلين على الجنسية الفرنسية قبل أقل من 10 سنوات.
من جانبه أكد النائب حسن الدوسري أهمية سحب الجنسية ممن يتآمرون ضد المملكة وينتمون لوطن آخر. لافتاً إلى أن البحرين كان قدرها منذ السبعينات وأحداث الثمانينات والتسعينات وإلى يومنا الحاضر أن تقف في وجه المؤامرات الإيرانية. مضيفاً: «لا نستغرب إن كان من بيننا الآن رجال دين عاشوا في إيران وتجنسوا في البحرين بل وأصبحوا ممثلين للمرشد الإيراني على خامنئي في البحرين».
التجربة البريطانية
لا تختلف بريطانيا كثيراً عن فرنسا التي قررت مواجهة رجال الدين والأشخاص المحرضين ضد الإرهاب بإسقاط جنسياتهم، حيث قررت إسقاط الجنسية من أبوحمزة، وهو شيخ دين من أصل مصري حكم عليه بالسجن سبع سنوات في المملكة المتحدة لدعوته للقتل والكراهية.
واللافت في لندن أن وزير الداخلية لديه الصلاحيات لإسقاط الجنسية من المتجاوزين للقانون، وليس من صلاحيات رئيس مجلس الوزراء.