أكد أستاذ القانون العام المساعد بكلية الحقوق في جامعة البحرين د.مروان المدرس أن الجمعيات السياسية تعد إحدى مرتكزات الديمقراطية، بل هي ضرورة للنظام الديمقراطي وضمانة حقيقية للحرية.
جاء ذلك في ورشة عمل بعنوان «دور الجمعيات السياسية في عملية البناء الديمقراطي» نظمها معهد البحرين للتنمية السياسية في وقت سابق من الأسبوع الحالي ضمن برنامجه المتكامل لتعزيز ثقافة الديمقراطية، حضرها عدد كبير من مختلف فئات المجتمع البحريني.
وقال المدرس «إن الجمعيات السياسية عبارة عن تنظيم يضم مجموعة من الأفراد لها تصور فكري مشترك، وتعمل على تعبئة الرأي العام لصالحها من أجل الوصول إلى السلطة التشريعية».
نشأة الجمعيات
ورأى د.المدرس أن هناك اختلافاً في ظروف نشأة الجمعيات السياسية باختلاف الظروف التي تمر بها الدول، إذ إن أغلب الجمعيات والأحزاب في دول العالم المتقدم نشأت نتيجة التطور الاقتصادي وما صاحبه من ثورة صناعية وحركة استكشافات جغرافية، في حين نشأت أغلب الجمعيات والأحزاب في دول العالم الثالث نتيجة ظروف الاستعمار وما ترتب عليه من نتائج.
وتابع «أما دول العالم الثالث في غالبها وبعد نيل الاستقلال، فتحولت فيها الأحزاب والجمعيات التي قادت حركة التحرير إلى مواقع السلطة، وهي لم تكن مؤهلة لقيادة العملية الديمقراطية، أو لم تكن تؤمن بالديمقراطية، أو كانت تدعو إلى سرعة النهوض بالبلد وتعويض سنوات الاستعمار. ورغم أن قيام الأحزاب والجمعيات يعد واحداً من مظاهر الديمقراطية، إلا أن تأسيسها بحاجة إلى شروط وظروف لم تتوفر في أغلب دول العالم الثالث، كالوعي السياسي وسد الاحتياجات اليومية».
وأكد د.المدرس أن وظائف الجمعيات السياسية في الدول المتقدمة تختلف في مضمونها عن تلك الوظائف التي تؤديها في دول العالم الثالث، فالجمعيات في الدول المتقدمة تسعى إلى غرس القيم الديمقراطية في المجتمع، والتمثيل والتعبير عن المصالح المختلفة، إضافة إلى القيام بدور الوسيط بين النظام السياسي والمجتمع من خلال تجميع المطالب وتنقيتها وصياغتها وترتيبها ومن ثم بلورتها في برامج وسياسات تقوم بنقلها إلى النظام السياسي.
وأضاف «أما دورها في دول العالم الثالث فيتمثل في تنشيط الحياة السياسية عبر المشاركة السياسية، وتحقيق التكامل القومي بهدف تجاوز المشاكل التي تعاني منها تلك البلدان، إضافة إلى التنشئة السياسية وخلق قيادات مستقبلية، وتوعية الرأي العام، وإعادة ترتيب الأولويات، ومن ثم تعبئة الرأي العام، كون الأحزاب والجمعيات هي التي تقود المجتمع، وليس المجتمع هو من يقود الجمعيات، وأخيراً المساهمة في تحقيق الاستقرار السياسي».
دور إيجابي
وأكد د.المدرس على ضرورة أن يكون للجمعيات السياسية دور إيجابي من خلال الاشتراك مع المشرِّعين في صياغة القوانين التي تناسب كل مرحلة يمر فيها المجتمع، والقبول بنتائج الانتخابات وتثقيف الأفراد ثقافة قبول الفوز أو الخسارة، خصوصاً في الانتخابات، والالتزام بالنظام القانوني، مع مراعاة أن تضم الجمعيات مختلف شرائح وطبقات وأطياف المجتمع، وأن تكون الجمعيات ديمقراطية، وأن تعمل على تأكيد مبدأ الديمقراطية بين أعضائها وترسخه.
وبين أن «الديمقراطية الحزبية تتحقق من خلال إشاعة النمط الديمقراطي في تنظيمات الجمعية وأجهزتها على كافة المستويات، واعتماد صفة الدورية في عملية الانتخابات الحزبية مع مراعاة تجديد القيادات بصورة دورية وعدم الاستمرار في قيادة الجمعية لأكثر من دورتين للأشخاص ذاتهم، إضافة إلى كفالة المشاركة السياسية لأعضاء الجمعية من خلال المساهمة في نشاطاتها وقراراتها وكافة شؤونها».
تأثير متبادل
وأشار د.المدرس إلى ضرورة أن يكون التأثير متبادلاً بين الجمعيات السياسية والنظام الديمقراطي، لافتاً إلى أن الجمعيات تدعم النظام الديمقراطي من خلال استخدام الوسائل الديمقراطية، وتفعيل الأدوات القانونية، وزيادة الوعي لدى الأفراد، وممارسة الانتقاد البناء بهدف الإصلاح وكشف الأخطاء، وإعداد برامج وطنية، والابتعاد عن البرامج المناطقية أو ذات الصبغة المحلية، والتحالف في المسائل المتفق عليها، ووضع أسس لا يجوز المساس بها كالوحدة الوطنية.