كتب - حسن خالد:
يتوسع مفهوم الرياضة العام، فالعديد يصف هذا الأسلوب الحياتي بأنه يهدف لتقوية وتنشيط الجسد، ولا ينظرون للرياضة بأنها وفي الوقت المعاصر أصبحت وسيلة وصل بين حضارات، التي أصبحت أداة أخلاقية يستطيع أن يعبر من خلالها الفرد، وصورة اجتماعية جميلة بإمكان المرء الاستفادة منها في سائر نظم الحياة؛ بتكاتف اللاعبين، ودور المدرب، والسعي نحو الهدف المنشود، وليس من هدف منشود سوى رفع راية الوطن، ومن هذا الطريق نكاد نعيش بأن هناك شيئاً ما يقول لنا: بدأت اللحمة الوطنية تعود، بل وستعود.
الرياضة تقتل وتبيد هموم السياسة
لعل أجمل ما في الرياضة متعتها التي تزيح كل الهموم التي يعاني منها المجتمع البحريني وسط هذه الفترة وبالكاد يكون أبرزها السياسة التي صارت تتناول بشكل ضوضائي في شرائح المجتمع، ولكن مع الزمن بات يدرك الجميع أن للسياسة أهلها، فالالتفات نحو الواجبات الفردية المجتمعية عاد من جديد ليقضي على الهموم السياسية، ومنها وسيلة لعودة ما افتقرناه من تكاتف بين شتى الطوائف المحلية، فالفريق الواحد إذا انقسم لقسمين بسبب السياسة، سيعود من جديد لهدفه ومشروعه الرياضي ناسياً بذلك ما مضى في فكره من سياسة، لأن الرياضة تجمع ولم تفرق يوماً، لأن هدف الرياضة لم يكن يوماً سبباً في استئصال شريحة مجتمعية هامة، لأن المشروع الرياضي الوطني يجمع عصارة وجهد فريق عمل كامل، فمن باب هذا التكاتف والعمل الدؤوب تعود أصالة تكوين مجتمعنا البحريني من جديد، من دون طائفية ولا قبلية، بل بحرينية وطنية.
فريق واحد.. هدف وطني واحد
التجمعات التي تتكون بين أي فرقة أو حملة أو تنظيم في العالم هي من دون شك عامل كبير جداً في تطوير وتنمية العلاقة في ما بينهم، فالعلاقة من دون شك تختلف اختلافاً جذرياً بين فريق يلتقي كل شهرين مرة واحدة وآخر يلتقي كل أسبوعين، هو ذلك التجمع يزيد من وحدة الترابط بين هؤلاء الأفراد، ويخلق بذلك ترابطاً اجتماعياً لو استمرت تلك الجدولة، مكوناً في المنتخبات الوطنية خصوصاً تعاوناً اجتماعياً مغلفاً بالحس والغيرة الوطنية، فلو توازن العنصر الاجتماعي مع الآخر الوطني فسيشكل ذلك دعامة رصينة وتكويناً نسيجياً متماسكاً جداً وسهم لا ينطلق إلا لهدف رفع راية الوطن، فنحن لو أردنا لأن نزيد ونفعّل الوتيرة الاجتماعية لدى أي تنظيم رياضي منقسم، علينا أن نجمع الشمل بأي طريقة كانت للعودة إلى باب المجد الرياضي، يجب أن نكون أكثر دقة في تشكيل هذه الوظيفة العلاقاتية من بين شرائح الفريق الرياضي، لأنهم غصن رئيسي من شجرة المشروع الوطني، ونضرب بذلك عصفورين بحجر واحد، بالوصول للمجد الكروي، وتحقيق أسمى وأجمل أشكال اللحمة الوطنية.
الإعلام قنبلة ذات حدين!
للإعلام دور رئيسي في بناء تلك العلاقة المجتمعية الرياضية التي تدور في منتخب ما أو إحدى الأندية، فهو الذي يستطيع أن يشعل فتيل مشكلة وهو بدوره وبمهنيته يستطيع أن يطفئ لظى تلك المشكلة، فهذه المهنية الإعلامية يجب أن تجعل بوصلتها واحدة، وهي الوطن ولا غير سواه، فيجب أن تنظر في طرحها عن ما يفيده وما يضره، أيضاً ترى في ما إذا كان الطرح لا يجّذر أحد عناصر المنتخب ولا يقسم في ما بينهم، وهو أيضاً يستطيع أن يعود بشملهم بعدة وسائل، بالأعمدة والمقالات بحيث يحدد الكاتب من نفسه موقفاً، أو باستضافة أحد الرياضيين الذي يدعو لشمل العناصر، وكما هو العنوان، فإن الإعلام الآن خصوصاً، ليس سلاحاً ذا حدين، وإنما قنبلة، تستطيع أن تفجر وتستأصل لحمتنا الوطنية، وكذلك تستطيع أن تفجر وتبيد من يريد لهذه الأرض الطيبة الخلاص والفناء.
في أطفالنا مستقبل رياضتنا
لنجعل أطفالنا يغدون ويغردون في الرياضة، ففي الرياضة رقي فكري واجتماعي وثقافي حتى، فعلى سبيل المثال، لم نكن نعرف منتخب نيوزيلندا جيداً إلا عندما لعبنا معه، فبحثنا عنه وتعرفنا عليه، ومن ذلك الباب تعرفنا على حضارة نيوزيلندا، وتعرفنا على الجانب التاريخي لهذا البلد، فالعملية هنا باتت ثقافية أكثر من أنها رياضية ولكنها لم تفتح إلا من مفتاح الرياضة، ولنأخذ من الجماهير السعودية أقرب وأبسط الأمثلة، التي تركت كل الهموم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وذهبت باتجاه الرياضة التي احتضنتهم وكونت لديهم ثقافة كروية رفيعة، فيجب علينا أن نبعث في أطفالنا حب الرياضة والعمل الرياضي، بعيداً عن المجالات التي تدخلهم في الصراعات الوهمية ولا تجلب لهم سوى مشاكل حقيقية، فهم الجيل الذي سيخلف جيلاً سيمحوه الزمن، فيجب أن نغرس بهم كل ما هو رياضي وطني ونبعد عنهم البغض والحقد والتطرف، لأن في العمل الرياضي الوطني ضالة هادفة نافعة مستقبلاً، فحتى لو حدثت أي من الأزمات التي تفرق لاعبينا، يكون أولئك الذين غرسنا بهم كل ما هو حكيم و نافع، فنراهم هم الذين يتعاطون مع المشكلة ويتجهون نحو الصواب في الحل.
للمحرر كلمة
ما أجمل التكاتف والتلاحم لصنع اسم الوطن، وإذا لم تكن الجهات السياسية والاجتماعية والثقافية قادرة على استعادة هذه الخصلة الوطنية، فإن الرياضة قد استعادتها منذ مدة، برجوع بزوخ نجومية كرة السلة العام الماضي بدوري زين، وها هي الآن كرة اليد تصنع تاريخاً جديداً بالعمل الرياضي وبعودة عناصرها للحمتها الوطنية، فالرياضة ليست كرة يداعبها مَن في الملعب، بل أسلوب حياة يتجذر منه كل من، التنظيم والعمل والأخلاقيات والجهد والحصاد، وأجمل ما في ذلك الحصاد هو رجوع التكاتف الوطني، فكم هو جميل ما سطره الزميل فهد بو شعر بالأمس في آخر حروف مقاله عندما قال بأن من حضر لمؤازرة المنتخب قائد رابطة نادي الرفاع إبراهيم بوعلي وقائد رابطة نادي الاتفاق حسن الدرازي مع قائد رابطة نادي الحد خالد بو سباع، فما أجملك يا وطن.