واشنطن - (يو بي أي، العربية.نت): كشف تقرير أمريكي، أن العديد من المصارف الأوروبية - التي تعهدت بوقف التعامل مع طهران واصلت إجراء تعاملات بمليارات الدولارات مع شركات إيرانية، في وقت يتجه اقتصاد طهران نحو الانهيار، فيما فقدت العملة جزء كبرياً من قيمتها.
وأظهرت مراجعة أجرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” لوثائق من هيئات تنظيم مالية ووثائق أخرى أن مصرف “دوتش بنك” الألماني أجرى تعاملات بقيمة 2.8 مليار دولار مع إيران العام الماضي، وأن مصارف أخرى لا تزال تجري تعاملات مع إيران بينها مصرف “بي أن بي باريبا” و«سانتاندار” الاسباني و«أي أن جي غروب أن في” الهولندي و«أتش أس بي سي” البريطاني.
وقالت إن الأرقام الدقيقة لقيمة التعاملات غير معلنة ولكنها أشارت إلى أنه بعد البحث والمراجعة مع مسؤولين في هذه المصارف، تبيّن أن هذه البنوك لديها عقود طويلة الأمد بمليارات الدولارات مع إيران.
ورأت الصحيفة أن هذه الصفقات تشير إلى أن إيران تواصل الولوج إلى النظام المالي العالمي رغم الجهود الأمريكية لعزلها وتتعارض مع اعتقاد بعض المراقبين بأن المصارف قطعت علاقاتها مع إيران.
غير أن هذه المصارف أكدت للصحيفة أنها لا تسعى إلى فرص مشروعات جديدة في إيران وأنها تقلّص من علاقتها مع الزبائن الإيرانيين الحاليين وأقرت في الوقت ذاته بأن الأمر ليس سهلاً.
من جهة أخرى، جاء الانهيار الدراماتيكي للعملة الإيرانية “الريال” خلال الأيام القليلة الماضية تتويجا لهبوط متواصل منذ عام للعملة الوطنية، مع زيادة وتيرة العقوبات ووطأتها على الاقتصاد الإيراني الذي يعتمد أساساً على صادراته النفطية للحصول على العملات الصعبة.
وأكد محللون أن الهبوط الحر للريال الإيراني، أمام الدولار الذي ارتفعت قيمته إلى نحو 26 ألف ريال، مقارنة بالسعر الرسمي المقرر بنحو 12 ألف ريال، كشف عن تخبط دوائر صنع القرار في طهران التي “فوجئت” بهذه التطورات، ووقفت عاجزة عن القيام بأي تحرك يوقف هذا السقوط. وفقاً لما ذكرته “الاقتصادية”.
يذكر أن هذا هو الانهيار الكبير الثاني للعملة الإيرانية هذا العام، حيث سجل الريال تراجعاً كبيراً أمام العملات الأجنبية في مطلع يناير الماضي حينما ارتفع سعر الدولار إلى 18 ألف ريال، بعد ما كان متوسط سعره يتراوح بين 13 و14 ألفاً.
ومنذ ذلك الوقت لم توقف العملة الإيرانية هبوطها المتواصل أمام الدولار وبقية العملات الصعبة، وذلك خصوصا بسبب ندرة هذه العملات في السوق، والتضخم المهول الناجم عن العقوبات الغربية على القطاعين النفطي والمصرفي الإيرانيين، وحاليا يتجاوز سعر الدولار 26 ألف ريال. ويجري تداول الريال بسعرين في إيران سعر “مرجعي” يبلغ 12260 ريالاً للدولار، وهو الذي يتعامل به البنك المركزي ومتاح لاستيراد السلع الأساسية فحسب، وسعر آخر أقل بكثير تحدده سوق مكونة من شركات صرافة صغيرة يشتري منها أغلب الإيرانيين احتياجاتهم من العملة الصعبة. وقال مصرفي في دبي: “كان الريال يحصل على الدعم لمدة أعوام، وهي سياسة كانت تهدف للحفاظ على أسعار رخيصة للواردات من السلع الأساسية، لكن الأزمة الحالية اتسمت بالفوضى، حيث اتسم رد الفعل الحكومي بالعجز عن اتخاذ القرار والارتباك”.
ويرى محللون أن إيران باتت تواجه “انهياراً اقتصادياً وشيكاً” ما لم يتم اتخاذ خطوات مالية واقتصادية جادة تعيد المؤشرات الاقتصادية إلى سابق عهدها.
وأضحت التداعيات الاقتصادية من جراء المقاطعة التي طالت المصارف الإيرانية في 2010 والنفط في 2012 ذات آثار كارثية قابلة لمزيد من الخسائر والتي بلغت حد عجز المركزي عن توفير العملات الأجنبية لتمويل استيراد الأغذية، ما اضطر التجار للبحث عن السوق الموازية بأسعارها التي تزيد 109.2 بالمئة.
وأكد رئيس لجنة الخطة والموازنة في البرلمان الإيراني غلام مصباحي الذي نقلت عنه وكالة “فارس” للأنباء قوله: “للأسف ارتكبت الحكومة أكبر خطأ في التاريخ بعدم ضخ الدولارات لتلبية الطلب في سوق الصرف”.
وأضاف: “أدى توقف إمدادات الدولار لارتفاع كبير في سعره في السوق”. وتشير المؤشرات الأولية إلى جملة من التداعيات الكارثية أخطرها اقتراب معدل البطالة من 50% بين الشباب، وتزايد نسبة التضخم إلى أكثر من 25%.