كتب - علي الشرقاوي:
كل كتابة عن بيت العجاجي في فريج الفاضل، كتابة قاصرة، إن لم تحاول أن تحتوي العوالم والمناخات التي زرعها هذا البيت فيما حوله ومن حوله، لأن هذا البيت شكل معالمنا وأجسادنا واكتشافاتنا الأولى في الحياة، بمعنى أن الأطفال الذين عاشوا حوله في منتصف الخمسينات، شربوا من ظله وتعلموا من جدرانه وحوطته وعتباته، وأكلوا من خيراته وجراده الذي يأتي مشوياً مملحاً في أكياس محملة من السعودية، وشاهدوا تلفزيون أرامكو في غرفه، وشاهدوا قطيع الأغنام والأبقار والثيران، التي كانت تمر من أمامه، وعديد من الأمور الحياتية التي صاغت تجربتهم، صقلتها أو لم تصقلها. المهم إن هذا البيت العريق، دفع بعضهم، وأنا واحد من هذا البعض، لأن يتعلم الدروس الكثيرة التي كان يبثها هذا البيت بصمت وهدوء ومحبة.
من التمور إلى جنرال موتورز
يذكر الباحث البحريني بشار الحادي أن صاحب “شركة محمد بن عبدالعزيز العجاجي وإخوانه” والتي تعد من أكبر الشركات على مستوى الخليج في وقتها، وصل إلى البحرين بين العامين 1922 و1923 واستقر بها يمارس التجارة والبيع والشراء، ويتناوب مع أخيه عبدالرحمن في إدارة الشركة بالبحرين. ويذكر أن العجاجي بدؤوا تجارتهم بالرز، والتمور، والدهن، والأخشاب، كما عملوا بتجارة الذهب، والأقمشة، والسجاد، والعطورات، والساعات، والبشوت، وأجهزة المذياع، والثلاجات، ثم دخلوا في تجارة السيارات عندما أصبحوا وكلاء شركة جنرال موتورز في البحرين كما أصبحوا وكلاء شركة فايرستون للإطارات.
ويضيف بأن آل عجاجي كانوا من المقربين لشيوخ البحرين آل خليفة، كالشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، ومن بعده نجله الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، وكانوا باعتبار كثرة وكلائهم وحسن علاقاتهم من أغلب حكام الخليج، ينفذون طلبات شيوخ البحرين آل خليفة ومن تلك الطلبات كان استيراد البشوت الفاخرة من الأحساء لحكام البحرين، حيث يقوم بصناعتها أمهر الصُناع، وكذلك يستوردون التمور والرطب من الأحساء إلى البحرين، وكذلك يحضرون فسائل الرطب من أحسن الأصناف ليتم زراعتها في البحرين، وكذلك كان لهم دور مهم في شراء سيارات حاكم البحرين وتصريفها، وكذلك إصلاحها وصيانتها إذا ما تعرضت لبعض الأعطاب. أما آل سعود فكانت علاقتهم بهم قديمة جداً ومميزة تمتد إلى الدولة السعودية الأولى والثانية، وقد ربطت في فترة المترجم له علاقة خاصة بين محمد بن عبدالعزيز العجاجي الأخ الأكبر وأمير الأحساء الأمير عبدالله بن جلوي، حيث كان العجاجي مستشاره المقرب، وصديقه الأمين. وبعد حياة حافلة توفي حسن العجاجي إلى رحمة الله تعالى وأوصى بـ5% من ثروته أن تصرف لفعل الخيرات والإحسان.
موقع بيت العجاجي
يقع بيت حسن العجاجي على شارع أبو العلاء الحضرمي الممتد من قهوة معرفي في الشرق إلى داخل سوق المنامة، يحده من ناحية الشرق بيت التاجر عبدالوهاب جمعان والد كل من علي ومحمد والبنات دلال ومريم وشيخة وفاطمة، ومن الغرب بيت عبدالرحمن الباكر وهو أحد قادة الهيئة الوطنية العليا في منتصف الخمسينات. ويتكون هذا البيت من بيتين كبيرين، هما بيت فهد العجاجي وحسن العجاجي، بينهما حوطة كبيرة تحتوي على عديد من الأخشاب والأكياس وان لم تخن الذاكرة، كانت هناك ثمة منجرة لقطع الأخشاب.
كان هناك بيت ناصر الميشاري ومن أبنائه ميشاري وفهد، كان مقابلاً لبيت حسن العجاجي من زوجته الثانية، وهي أم حمد وغسان ونعمان، أما البيت الآخر لحسن، فكان مقابلاً لبيت بدري، الذين انتقلوا إلى منطقة أخرى في البحرين.
والبيت المقابل الحوطة هو بيت يوسف فخري وهو بيت كان مستأجراً، كما ذكر يوسف العجاجي، من بيت عائلة ناصر بن حيمد التي عادت إلى السعودية في نهاية الخمسينات وبداية الستينات.
أمام بوابة الحوطة، يقع الطريق الطويل الممتد من بيت ناصر الميشاري بيت التاجر عبدالله الحاجة، وبيت جاسم بوزيري وبيوت لوري. في الطريق هذا، الذي كان يمثل لنا كل العالم منتصف الخمسينات، كانت تقع بيوت ناصر الميشاري وبيت يوسف مبارك أجور وبيتنا وبيت عبدالرحمن تقي وإخوانه وبيت جاسم محمود ومنهم صديقنا الجميل يوسف العامي الذي أعتبره واحداً من الذين يمتلكون البصيرة، وبيت محمود وجاسم المردي وبيت التميمي وبيت سيار وبيوت الخاجة.
جدران حوطة حسن العجاجي
في أوائل الخمسينات لم تكن جدران الحوطة مرتفعة، ثم رفعت بمسافة مترين ونصف أو ثلاثة، وكانت هذه الجدران بمثابة مكان للتمرين اليومي لنا نحن الأشقياء الصغار الذين نتسلق الهواء، فما حالنا ونحن نرى جداراً من الممكن أن نركض ونتسلقه، صاعدين إلى الأعلى، ثم قافزين على الأرض، كما يفعل أبطال الأفلام الهندية من “بامبي والي” إلى أفلام “طرازان”.
كنا نقفز من أعلى الجدار، كما تقفز القرود، دون أي اهتمام بالألم، فكل واحد منا يتصور نفسه طرزاناً، ربما لهذا السبب، بعد فترة طويلة، قمت بإجراء أكثر من عملية “فتاق” للتخلص من آثار مرحلة “الشيطنة”.
كانت علاقتنا غير المباشرة مع عبدالله حسن العجاجي ويوسف حسن العجاجي، اللذين كانا في مرحلة المراهقة في الوقت الذي كنا في الصبا، لذلك كنت مع ابن أخيهم صالح وهو خالد صالح العجاجي الذي رافقنا في هذه المرحلة لأنه كان في عمرنا تقريباً، ويذهب لمدرسة رأس رمان الابتدائية، ويلعب في فريق كرة القدم، إضافةً إلى كل من حمد وغسان اللذين كانا أصغر سناً منا، إلا أن ارتباطهما بنا كان وثيقاً.
بين فريق «الناشئين» والنسور
في منتصف الخمسينات تأسس فريق الناشئين، وهو عبارة عن فريق أشبال لنادي النسور، حيث كان الإخوة الأصغر لأعضاء فريق النسور الذي يعتبر نادي العائلات القريبة التي تسكن هذه المساحة من فريج الفاضل، مثل عائلة حمزة ومنهم محمد وعبدالله وإبراهيم، وعائلة تقي ومنهم سامي محمد تقي وأحمد عبدالرحمن تقي ومحمد عبدالرحمن تقي، وعائلة بهلول وعائلة العجاجي وعائلة الخاجة وعائلة كمنكة والصباغ، إضافةً إلى عائلة الديلمي. وفيما كان عبدالله العجاجي يلعب مع فريق النسور وبالذات كرة السلة، كان يوسف العجاجي أحد مؤسسي نادي الفجر، الذي لم يعمر طويلاً، رغم السمعة الكبيرة التي حصل عليها في البحرين، فقد سمعنا أنه كانت هناك خلافات وقعت بين الأعضاء أدت في نهاية المطاف إلى إغلاق النادي. وكنا نعرف ونحن صغاراً أن هذه الخلافات كانت لأسباب أيديولوجية، بمعنى أصح خلافات بين القوميين والماركسيين.
وكان مقر نادي الناشئين في دكان من دكاكين بيت السيد، على شارع أبو العلاء الحضرمي، المنطقة الفاصلة بين بيت السيد وسور مدرسة عائشة أم المؤمنين للبنات، وأيضاً بيت الموسى ومن أبنائهم عبدالعزيز وموسى. وقد بدأ هذا الدكان بشراكة بين يوسف جاسم محمود وأخي حسين، متى تم ذلك؟ لا أذكر بالضبط، الذي أذكره جيداً أن هذا الدكان ظل كمقر لفريق الناشئين إلى أن انتقلوا إلى دكان مقابل بيت إبراهيم قمبر والد شوقي وفريد ونبيل وعبدالحميد، قريباً من بيت علي زين الدين وبيت عبدالله التاجر، الذي مات وترك زوجته فاطمة عمدة الفريج ووالدة محمد عبدالله التاجر، ومجموعة من البنات، تزوج خالي إحداهن وتركها باحثاً عن زوجة أخرى.
هناك أيضاً دكان “سمبوسة عبدالقادر”، الذي جاء هذه المنطقة واستقر بها فترة طويلة إلى أن انتقل في الستينات إلى مكان نادي التضامن، ثم انتقل المقر/ الدكان العام 1973 إلى دكان على شارع أبو العلاء الحضرمي، قريباً من قهوة معرفي التي تعتبر مدخلاً إلى هذه المساحة من فريج الفاضل، وأخيراً على شارع الشيخ عيسى قريباً من متجر الشرق الأوسط، المحاذي لبيت المستشار، مكانه الآن مقابل مركز ابن سيناء الصحي.
منطقة عبور المتعلمين والمثقفين
في مقر فريق الناشئين، دكان يوسفوه، مر كثير من اللاعبين الذي انتهوا بالخروج من الفريق الصغير إلى الفريق الأكبر. وأذكر منهم هاشم الباش وإقبال ومحمد حسن الجشي. والعديد منهم ذهبوا للدراسة والبعض الآخر مدرس، وهو في مرحلة الثاني ثانوي، ما يعادل الثاني إعدادي الآن، وحصولهم على مهنة التدريس، جاء بسبب نقص المدرسين في البحرين.
ولا أعرف كيف أقنعني أخي حسين ويوسفوه بالبيع في الدكان، أثناء عدم تواجدهما، سواء للصلاة، أو لأمور حياتية أخرى. إذ كان أخي حسين يعمل موظفاً في شركة بابكو، ومن خلال أحاديث الأكبر سناً في الدكان، كنت استمع إلى كثير من النقاشات السياسية، فعرفت في سن مبكرة الانتماءات الفكرية السياسية للعديد من الأشخاص. غير أن الجلوس في الدكان كان من أسوأ أيام حياتي، لأنه كان يحرمني من الذهاب إلى أم شعوم وعذاري، أو مرافقة الربع للعب كرة القدم في ساحة فريق الناشئين، التي كانت أمام بيوت لوري في القضيبية، قبل أن تبنى عليها مباني وزارة التربية والتعليم.
نادي التضامن
ربما تأسس نادي التضامن أوائل الستينات، وهو ناد يجمع عديداً من الأسماء السياسية المنتمية إلى حركة القوميين العرب وبعض الأفراد من جبهة التحرير. وكان هذا النادي مهتماً اهتماماً كبيراً بالمجال الثقافي ورفع الأثقال، أي ما لم يكن يهتم به فريق النسور وفريق الناشئين. وكان المسرح من ضمن اهتماماته، إضافةً إلى جريدة الحائط، وأذكر منها كتابات أولى للشاعر إبراهيم بوهندي الذي كان مهتماً في تلك الفترة بكتابة كلمات الأغاني.
بدايات عائلة العجاجي
يذكر بشار الحادي في كتابه (أعيان البحرين في القرن الرابع عشر الهجري) أنه قبل العام 1919، كان للإخوة آل عجاجي وكيل يدير تجارتهم في البحرين، وهو الحاج سليمان فهد البسام، ثم بعد ذلك قدموا إلى البحرين، وبدؤوا بالعمل بجد ونشاط. كانت التجارة عبارة عن شراكة ما بين الإخوة الأربعة محمد وإبراهيم وعبدالرحمن وحسن أبناء عبدالعزيز العجاجي، وقد سميت هذه الشركة بـ: “شركة محمد العبدالعزيز العجاجي وإخوانه”، وكان عبدالرحمن هو أول شقيق من الإخوة الأربعة استقر في البحرين بشكل دائم، وهو الذي يدير تجارة الأسرة بها، ثم انضم إلى جانبه أخيه حسن، ثم أصبحا فيما بعد يتناوبان على إدارة الشركة في البحرين حتى الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، كما تشير إلى ذلك الوثائق، وفي تلك الأثناء حصل اختلاف بين الأخ الأكبر محمد العجاجي وباقي الإخوة إبراهيم وعبدالرحمن وحسن، أدى إلى انفصال الأخ الأكبر محمد عن باقي الإخوة وقسمة الحلال “الأملاك” بين الشركاء إلى قسمين.
القسم الأول يضم: إبراهيم، وعبدالرحمن، وحسن، سمي باسم “شركة إبراهيم العبدالعزيز العجاجي وشركاؤه”.
أما القسم الثاني فكان يضم محمد بن عبدالعزيز العجاجي وأولاده، وكان الذي يدير الحلال “الأملاك” نجله الحاج فهد بن محمد العجاجي رحمه الله، وقد سمي هذا القسم بـ: “شركة محمد العبدالعزيز العجاجي وأولاده” ويذكر أن الذي قسم الأملاك بين الإخوة كان هو المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود، فأعطى للأخ الأكبر محمد الثلث ولباقي الإخوة الثلثين.
الملعب الأثير
في المساحة الفاصلة بين بيت يوسف فخري، الذي كان يعمل موظفاً في المحكمة، وبين التاجر ناصر الميشاري، الذي يقابل مباشرة فتحة الحوطة في بيت حسن العجاجي، كانت الساحة هي الملعب الذي لا يتوقف فيه الأطفال عن ممارسة لعب كرة القدم وكرة اليد. طبعاً كان الجميع يشارك في اللعب، حتى الشباب الأكبر سناً منا، الذين كنا نعتبرهم شحاتين، “مغازلجية”، وكلمة “شحاتين”، مأخوذة من فيلم “شحات غرامي”.
أسرة حسن العجاجي
أما والده فهو الحاج عبدالعزيز بن محمد بن سيف العجاجي (1865-1917) كان تاجراً، وتوفي العام (1917)، وأما والدته فكانت السيدة نورة بنت عبدالرحمن المانع، أما إخوته فهم: محمد بن عبدالعزيز العجاجي (1885-1967) ولد في الرياض ووالدته من السويلم. تزوج ورزق بـ: ناصر، وفهد، وسليمان، وعبدالعزيز. وكان من المقربين من الأمير عبدالله بن جلوي آل سعود أمير الإحساء، ثم من ابنه الأمير سعود بن عبدالله بن جلوي وهو مؤسس شركة محمد العبدالعزيز العجاجي وإخوانه، ثم انفصل عن باقي إخوته وأسس شركة أخرى سميت بـ: شركة محمد العبدالعزيز العجاجي وأبناؤه رحمه الله.
إبراهيم بن عبدالعزيز العجاجي (1898-1984) ولد في الإحساء ووالدته هي السيدة نورة بنت عبدالرحمن المانع تزوج ورزق من الذرية بـ: أحمد وعبدالله وعلي وعبداللطيف، وصالح، وأما البنات فهن: هيا، وفاطمة، والجوهرة، ومنيرة، وقد كان ضمن شركة محمد العبدالعزيز العجاجي وإخوانه، وبعد أن انفصل الأخ الأكبر محمد عن باقي الشركاء أسس إبراهيم مع باقي الإخوة شركة أخرى تحت اسم “إبراهيم بن عبدالعزيز العجاجي وشركاؤه”.
وقد استمرت هذه الشركة حتى وفاته. عبدالرحمن بن عبدالعزيز العجاجي (1901-1972) ولد في الإحساء. وهو أول من استقر من آل عجاجي في البحرين، وصلها حوالي العام 1919، وبقي بها سنوات طويلة إلى أن قدم شقيقه الأصغر حسن، حيث بدأ بالتناوب على إدارة الشركة كل منهما يمسكها فترة معينة.
تزوج ورزق بـ: سعد، وفهود، وعبدالعزيز، وعدنان، ولطيفة، ونورة ونوال. وأما حسن بن عبدالعزيز العجاجي (1905-1970) فقد ولد في الإحساء بالمملكة العربية السعودية. وبها نشأ وأدخله والده إلى الكتاب “المطوع” فتعلم القراءة والكتابة والخط والحساب وحفظ قسطاً وافراً من القرآن الكريم، وكان له عناية بالأدب والشعر وكان مثقفاً واسع الإطلاع يقرأ الصحف والمجلات والكتب التي تصله من القاهرة بشكل دوري.
ثم انتقل حسن إلى الكويت مع ابن أخيه ناصر بن محمد ودرس في مدرسة نظامية هناك، ثم انتقل للبحرين وعمل وتعلم على يد الرجل التقي التاجر المثقف محمد بن عبدالله القاضي الساكن في فريج الفاضل. تزوج حسن العجاجي من السيدة منيرة الجريوي وهي من أهالي الإحساء، ثم توفيت عنده فتزوج بعدها السيدة نورة الزغيبي وهي من أهل عنزة، ورزق منها بعدد من الأولاد والبنات هم: صالح، وعبدالمحسن، وعبدالله، ويوسف، وحمد، وغسان، ونعمان، ونورة، وفاطمة.
وصل حسن العجاجي إلى البحرين بين عامي (1922-1923) وكان عمره حينها حوالي 19 سنة، واستقر بها يمارس التجارة والبيع والشراء، ويتناوب مع أخيه عبدالرحمن في إدارة الشركة بالبحرين.
بداية العجاجي مع السيارات
كانت البداية من خلال سيارات اشترتها شركة العجاجي للتجربة وهي على الترتيب كالتالي: أول سيارة اشترتها شركة العجاجي كانت في أواخر العام 1927 من يوسف كانو وهي عبارة عن شاحنة “لاري” من نوع فيات موديل 1927وذلك لنقل البضائع من الفرضة إلى المحل.
أما ثاني سيارة اشترتها شركة العجاجي فكانت في 8 أبريل 1928 من شركة علي ومحمد يتيم وهي سيارة صالون من نوع هدسون بمبلغ وقدره 2218 روبية. أما ثالث سيارة اشترتها العجاجي فكانت في 5 يناير 1930 وهي شاحنة لاري من نوع فورد اشتراها من خليل كانو وأرسلها إلى محل العجاجي بالإحساء لاستخدامها في نقل وشحن البضائع بمبلغ 2175 روبية، أما رابع سيارة يشتريها العجاجي بتاريخ 22 أبريل 1930 من خليل ومحمد الباكر سيارة صالون من نوع فيات 7 سلندر بقيمة 1900 روبية ويظهر أنها كانت مستعملة. أما أول سيارة اشتراها العجاجي للأمير عبدالله بن جلوي آل سعود فكانت سيارة من نوع فيات موديل 1928 اشتراها من يوسف بن أحمد كانو وقد كلفت هذه السيارة مبلغاً وقدره 5797 روبية.
أما كيف بدأت شركة العجاجي في الدخول في تجارة السيارات والحصول على وكالة جنرال موتورز فهذه الوثيقة تشير إلى بعض التفاصيل. تقول الوثيقة: “دكان القطان يوسف مبارك أجور في أحد الأحاديث مع أنور أجور، قال إن الدكان التابع لمسجد مجبل أو مقبل الذكير، والذي كان مقابلاً لبيت حمزة، والذي كان يعمل فيه والده إلى أواخر حياته، كان المقر الأول لفريق النسور حيث بقوا فيه بعض الوقت إلى أن انتقلوا إلى مقرهم أمام مستشفى الإرسالية الأمريكية”.
لكن لا تتوفر لدينا الذكريات الواضحة لمن عاش هذه الفترة ولا الصور التي أخذت للدكان عندما كان المقر الأول لهذا الفريق العريق، والذي كان يمثل العاصمة في لعبة كرة القدم.
إن كل ما ذكرناه ليس إلا قليلاً من كثير يختزنه تاريخ هذه العائلة العريقة كعراقة النخلة البحرينية، عائلة قدمت ومازالت وقود العمل الاقتصادي والتجاري والثقافي والخيري، وكما أي حديث عن فريج الفاضل، لا يمكن أن يتم بدون بروز بيت العجاجي كأحد البيوتات الكبيرة التي أثرت الساحة البحرينية بكل أشكالها. ولا يمكن أن أتحدث عن طفولتي دون أن يكون بيت العجاجي، إحدى المحطات الهامة التي شكلت بدايات مساري في العالم الاجتماعي والسياسي والثقافي. وكل ما أرجوه أن أرى كتاباً كاملاً، بالصور والوثائق، أو عدة كتب عن بيت العجاجي، البيت الذي تعلمنا منه ومن قاطنيه، الشيء الكثير الذي مازال بعبق المكان والزمان، يتحرك في تجاويف الذاكرة، محاولاً اكتشاف ما لم يكتشف.