كتب - طارق مصباح:
أكد سفير دولة فلسطين لدى مملكة البحرين طه محمد عبد القادر أن الكيان الصهيوني يستغل الحراك الذي يجري في بعض الدول العربية وانشغال العالم العربي بظروفه الأمنية والسياسية الداخلية لتهويد أكبر نسبة من الأراضي الفلسطينية بوتيرة متسارعة، بخاصة تلك التي تقع في مدن القدس الشريف وخليل الرحمن وبيت لحم مهد المسيح، وأكد أن هذا الكيان الغاصب يعمل جاهداً لزيادة المستوطنات ومصادرة وابتلاع الأراضي الفلسطينية وهدم المنازل وممارسة كافة أنواع السياسيات القمعية والضغوطات على السكان الفلسطينيين.
وكان السفير عبد القادر وضع في كلمه له خلال استضافته في مجلس جمال داوود في مدينة حمد الأربعاء الماضي، رواد المجلس في صورة آخر تطورات القضية الفلسطينية، خاصة ما تتعرض له مدينة القدس المحتلة من سياسات تهويد إسرائيلية مسعورة وحفريات أسفل المسجد الأقصى وقبة الصخرة تهدد بانهيارهما بأي وقت وتطرق إلى سياسة هدم المنازل والحصار وإغلاق الطرقات ومصادرة الأراضي ومواصلة الاستيطان والتضييق على المواطنين العزل.
وأكد السفير أن الحكومة الفلسطينية ترفض أي تدخل خارجي تتعرض له مملكة البحرين، كما ترفض أي تدخل خارجي في أي دولة عربية، مشيداً بطيبة شعب البحرين ودماثة أخلاقه وتعاون أفراده وتسامح بعضهم مع بعض، معرباً عن تفاؤله قائلاً “سيتجاوز البحرينيون هذه الأزمة من خلال الجلوس على طاولة الحوار وهناك بوادر تقارب وجهود طيبة لتغليب مصلحة الوطن فوق الجميع”، مشيداً بالبحرين وبقيادتها الحكيمة على رأسها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ورئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وولي العهد نائب القائد الأعلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، كما أشاد بشعب البحرين الأصيل الطيب والحاضن لفلسطين وللشعب الفلسطيني، متمنياً كل الحب والخير والتقدم والازدهار للملكة ولشعبها الشقيق.
وأوضح السفير أن بعض الإخوة والأخوات المتضامنين مع قضيتنا من البحرين شدوا الرحال مرتين في الآونة الأخيرة إلى فلسطين وزاروا المسجد الأقصى وأحيوا ليلة القدر فيه، كما زاروا العديد من المحافظات واطلعوا على معاناة المواطنين جراء الاحتلال، وتضامنوا مع شعبنا الفلسطيني.
وأكد السفير أن الوفد الأهلي الذي شكلته لجنه أصدقاء القدس البحرينية أدى فريضة دينية ووطنية بشد الرحال إلى المسجد الأقصى، وضم الوفد بعضويته نخبة من رجال الدين والأعمال والتجار وممثلي بعض الجمعيات وقادة الرأي والشخصيات الاعتبارية بينهم فضيلة الشيخ على مطر، ومعالي الوزير السابق الدكتور فيصل الحمر.
وشكر السفير الوفد لما قدمه من تضامن ودعم معنوي ومادي لبعض المؤسسات التي تقدم خدمات ورعاية صحية وإنسانية واجتماعية لأبناء الشعب الفلسطيني في القدس وفي العديد من المخيمات والمحافظات.
وخص السفير بالشكر جمعية النور البحرينية التي تبرعت لتمويل وإنشاء قسم سرطان الأطفال في مستشفى جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية التي تعتبر إحدى قلاع الصمود المقدسي الفلسطيني بالقدس، ناقلاً لجمعية النور شكر وتقدير وامتنان محافظ مدينة القدس عدنان الحسيني، ومفتي القدس والديار الفلسطينية، فضيلة الشيخ محمد حسين، وإدارة المستشفى وأهل القدس، على هذه المكرمة التي تدعم صمود أهلنا في مدينة القدس.
الموقف الإيراني
وفي رده على سؤال أحد رواد المجلس حول الأهداف الإيرانية من توجيه دعوتين رسميتين في ذات الوقت للرئيس محمود عباس، ولرئيس الحكومة المقالة بغزة إسماعيل هنية، لحضور قمة عدم الانحياز نهاية شهر أغسطس الماضي في العاصمة طهران، قال السفير:«إن هذا الموقف المؤسف من القضية الفلسطينية في الاجتماع الأخير للقمة يعمل على ترسيخ الانقسام بين شطري الوطن، وهذا ما ترفضه القيادة والشعب الفلسطيني، ونرفض أي تدخل خارجي في هذا الإطار بالشأن الفلسطيني الداخلي، والحريص على لم الشمل الفلسطيني يعمل عبر القنوات الرسمية والشرعية الفلسطينية لتوحيد صفوفنا ويدعم صمودنا في مواجه الاحتلال الإسرائيلي”.
الوضع السوري
وفي رده على سؤال حول الموقف من ما يجري في سوريا قال السفير”إن الموقف الرسمي والشعبي الفلسطيني لا يتدخل في أي شأن داخلي للدول العربية الشقيقة وفي نفس الوقت نحترم مطالب الشعوب العادلة وإرادتها وما تقرره وسنكون مع ما تجمع عليه لمصلحتها ومصلحة قضاياها الوطنية والقومية وما يحقق لهم مستقبلاً أفضل”.
صمود 6 آلاف معتقل
وحول عدد الأسرى الفلسطينيين في سجود الاحتلال الصهيوني قال عبدالقادر إنه بلغ عددهم حوالي 6000 أسير منهم حوالي 120 معتقلاً قبل توقيع اتفاقية أوسلو، و21 قضوا ولا يزالون في الأسر منذ أكثر من 25 سنة أي أكثر من ربع قرن ونطلق عليهم اسم “جنرالات الصبر” والبقية مكثوا في السجون بين 10 إلى 20 عاماً، مبيناً أن صمودهم مستمر وإصرارهم لعودة الأرض الفلسطينية لأصحابها لا يحيد عن هذا الهدف بكل ثقة رغم ظلمة أقبية السجون وفداحة الظلم الذي يمارس عليهم من قبل الاحتلال.
ضغوطات لإخراجنا من أرضنا
وتفصيلاً للضغوطات التي تمارس على الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة قال عبد القادر إن اشتباكات يومية تحدث بين المقدسيين من مسلمين ومسيحيين من جهة وقوات الاحتلال الغاشم الذي يمارس ما لا يخطر ببال أحد، من الجهة المقابلة، وذكر منها الضرائب الباهظة التي يطلق عليها ضريبة “الأرنونا” التي تفرض على المواطن الفلسطيني حيث إنها تضاعف قيمتها على الفلسطيني أضعاف مضاعفة مقارنة بما يدفعه الإسرائيلي مثل إيجارات المحلات وطلب ترميم منزل، وكذلك من الضغوط هي فرض توطين عائلات إسرائيلية بطرق غير قانونية وشرعية وسط المناطق الفلسطينية الآهلة بالسكان، ووضع جيش من الحراسات الأمنية المشددة عليهم تقوم هذه الحراسات بخنق حركة وتحركات المواطن الفلسطيني بحجة توفير الأمن للإسرائيلي، مشيراً إلى أن تلك السياسة العنصرية تهدف لجعل الفلسطيني يفكر بالهجرة من داره ومن مقر عمله وهذا ما لم يتحقق بفضل صمود شعبنا وتحديه بإصرار شديد لهذه الممارسات الوحشية.
وأشار السفير أن أحدث دراسة في القدس أجراها باحث فلسطيني تفيد أن 66% من المقدسيين أي أكثر من ثلثي المواطنين المقدسيين معرضون للتهجير بسبب الديون التي تفرضها سلطات الاحتلال عليهم بمبالغ كبيرة جداً، وبسبب هذه الضريبة الملعونة والغير قانونية، وأضاف أن الدراسة أكدت أن أكبر نسبة من ديون المقدسيين تذهب لصالح ضريبة المسقفات المعروفة إسرائيلياً بـ “الأرنونا”، تليها مؤسسة التأمين التي تعتمد قانون سحب المواطنة من الفلسطينيين عند تخلفهم عن دفع الديون المترتبة عليهم، محذّراً من تداعيات تزايد المديونية على المقدسيين لتشكّل “عامل تهجير وطرد اقتصادي ومعيشي سيستغله الاحتلال لتهجير المقدسيين، خاصة أن نسبة الفقر في القدس هي 78 في المائة (حسب تقارير حقوقية وبحثية)، فإن المقدسيين لن يستطيعوا دفع ديونهم وبالكاد يستطيعون العيش، وحيث إن قوانين المؤسسات الصهيونية هو حجز الممتلكات أو مصادرتها بحجج الديون المترتبة على المقدسيين، فإن الخطر سيداهم المقدسيين عن طريق الديون”.
المسيحيون والمسلمون معاً!
وفي لفتة أكدت على أن عداوة الاحتلال الإسرائيلي شملت كافة طوائف الشعب الفلسطيني قال السفير طه عبد القادر إن تلك الممارسات الصهيونية على الشعب الفلسطيني تمارس على المسيحيين والمسلمين على حد سواء، مؤكداً على أن المسيحيين والمسلمين يقومون يداً بيد بجهود جبارة من أجل الحفاظ على المقدسات المسيحية والإسلامية للحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية، مؤكداً أن تلك الجهود تشكل إحراجاً كبيراً للكيان الصهيوني خاصة لدى الرأي العام العالمي.
وعلق عبد القادر على تلك النقطة مبيناً أن إرادة الشعب الفلسطيني قوية ويعيش حالة من الوحدة لا نظير لها في وجه عدوه المتغطرس.
تثمين الجهود البحرينية
وأشاد السفير عبد القادر بالبحرين وبقيادتها الحكيمة على رأسها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ورئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وولي العهد نائب القائد الأعلى صاحب السمو الملكـــــــي الأميـــــر ســــلمان بــــــن حمد آل خليفة، كما أشاد بشعب البحريــــــن الأصيل الطيب والحاضن لفلسطين وللشعب الفلسطيني، متمنياً كل الحب والخير والتقدم والازدهار للملكة ولشعبها الشقيق.
مشيداً بجهود جلالة الملك والحكومة البحرينية في دعم القضية الفلسطينية من خلال بناء المستشفيات والمدارس والمرافق الحيوية في فلسطين ودعم القضية معنوياً، وثمن مبادرات جلالة الملك وتناوله للشأن الفلسطيني في المحافل العربية والدولية.
ونوه السفير عبد القادر أنه منذ أكثر من ستين عاماً لم تطأ أقدامه أرض بلاده ولم يزر القدس ومسقط رأسه في الجليل كونه أحد الذين هجروا مع والده من فلسطين في العام1948، وأنه زارها لأول مرة بصحبة الوفد البحريني المتضامن مع شعبنا خلال الزيارة التي قام بها الوفد البحريني من قبل لجنة أصدقاء القدس حيث زار بيته الذي ولد فيه وأدى الصلاة في المسجد الأقصى وأحيا فيه مع أعضاء الوفد ليلة القدر.