كتب - حسن خالد:
لا يريد المشاهد أن يرى أسبوع الفيفا بقدر ما هو يريد أن يرى ناديه في إحدى عظام الدوريات الأوروبية، و من دون شك فإن هذه الفترة الأسبوعية بكل شهرين التي ينظمها الاتحاد الدولي للعبة هي لا تخرج عن تنظيم إحدى المباريات الودية الاستعدادية، و لعل ذلك التخوف من المشاهد لم يأت من فراغ، بل لأنه يخشى أن يفقد ناديه رتمه التصاعدي و ينخفض، و لعله يخشى أن يصاب نجم ناديه الأول كما أصيب خلال هذه الفترة نجم خط وسط روما الإيطالي دانييلي دي روسي، و ما ذكرته سيجلب العديد من النقاط، و لنحاول فك طلاسم النظرة الجماهيرية السوداوية لهذا الأسبوع، و هل لها إيجابياتها و سلبياتها الخاصة ؟
هاجس الإصابات من أكثر ما يراود اللاعب و الجماهير في الوقت نفسه، هو كما سماه خوان لابورتا الرئيس السابق لنادي برشلونة بفيروس الفيفا، هذا الهاجس الذي قد يبعد لاعب رسم مخططاته للوصول لإحدى الجوائز الفردية و لكنه قد يتعثر، و لربما تكون تراكمات المباريات عليه سبباً في إصابته و لكن حينها سيصفّ النادي المعين رأيه إلى جانب رأي الجمهور بحيث لو أصيب مثلاً كريستيانو رونالدو في إحدى مباريات المنتخب البرتغالي، فإن النادي و جماهير النادي سينادون بهتاف أن المنتخب هو السبب في ذلك، و لعل السبب يكون بإصابة غير ملموسة في الليغا و لكن النادي و الجمهور ذاته سينظر على إن فيروس الفيفا أتى بسبب “أسبوع الفيفا”.
المشاهد من دون شك متعود على روتين معين من التواقيت الزمنية التي يشاهد بها مبارياته الأسبوعية، ففي كل يوم جمعة ينتظر الدوري الألماني ليشاهد ناديه المفضل، و من ثم تأتي عاصفة المباريات الأسبوعية من شتى الدوريات، فهنالك من يشاهد الدوري الإنجليزي و هنالك من يجابه الكالتشيو و آخر ليس لديه من عشق سوى اللا ليغا الإسبانية، و في ظل وصول الفريق لقمة و ذروة نشاطه و تعاونه و مستواه فإن هذه المباراة الدولية الوحيدة في الأسبوع قد تقطع ذلك الشريط من استمرارية مواصلة النشاط و الرتم، لذا فإن العودة قد تسبب العديد من العراقيل، و لنا في الموسم الماضي دليل، عندما عاد لاعبو فريق برشلونة من منتخباتهم ليلعبوا ضد خيتافي على أرض الأخير، فقد عاد النجوم من رحلة شاقة و خصوصاً لاعبي أمريكا الجنوبية، فخسر الفريق في ظل التشتت الذهني و الانحدار البدني الكبير رغم إنه كان قد جاء من سلسلة انتصارات كبيرة، و لكن كان أسبوع الفيفا هو السبب.
و في ظل تلك المساوئ فإن لابد من وجود ولو إيجابية ضئيلة من هذا الأسبوع، فبالكاد أن هذا الأسبوع من المباريات الدولية تجعل من اللاعب يلتمس الأساليب الفنية الأخرى من المدرب، فعلى سبيل المثال خافيير ماسكيرانو الذي يلعب مؤخراً و في آخر موسمين كقلب دفاع في برشلونة، و لكنه يعود مع المنتخب ليلعب في مكانه الأصلي في الوسط الدفاعي “الارتكاز”، فما بين هذه و تلك تجربة غنية يستطيع أن يطور اللاعب من قدراته الفنية في كلا المركزين، ففي برشلونة يكون قد تمرس كفاية على مركزه و بات يصنف حالياً ضمن أفضل المدافعين، و مثال آخر إنييستا في المنتخب الإسباني الذي يلعب كمهاجم أيسر و يلعب في برشلونة كخط وسط حر، و علاوة على ذلك فإن المباريات الأسبوعية تنمي قدرات اللاعب و تعطيه فكرة أكثر شمولية مليئة بالخبرة بلعب المباريات مع المنتخب الأول، و الجميع يعلم بالتأكيد ما هو الخيط الرفيع ما بين اللعب في النادي و اللعب الدولي، فالضغوط تزداد ولا يتبقى إلا فقط لأن تكون مستهدفاً، فإن حققت المجد أصبحت رمزاً قومياً كما فعل ذلك دييغو مارادونا عام 1986، و لكن عندما تفشل للوصول إلى ذلك المستوى الذي أهديته لجماهيرك مسبقاً، لعل عقابك يكون أكثر رحمة منهم كما حدث لبرازيل عام 2006.
أسبوع الفيفا قد يمنحنا مشاهدة مباريات كلاسيكية بين منتخبات كبار، و في ذلك الوقت يحرمنا من مشاهدة بعض اللاعبين بسبب الإصابات التي قد يتعرضون لها، فأسبوع الفيفا يكون مغامرة شهرية نخبوية لا أسبوعية يومية مملة.