كتب – جعفر الديري:البخل عادة مذمومة، إنها إحدى العيوب التي تحرص الفتاة على السؤال عنها عندما يتقدم الشاب لخطبتها، لإدراكها مدى المشكلات التي تتسبب بها بين الزوجين.هناك بالطبع زوجات لا يفرقن بين الزوج البخيل والزوج المدبّر، الذي لا يبذر بل يدخر من المال ما يفيض على حاجته، لينفقه على مطالب الزوجة والأبناء. لكن هناك أيضاً أزواج بخلاء، تعاني الزوجة من بخلهم كثيراً. فما هو الحد الفاصل بين البخل والاعتدال؟ وهل يحق للفتاة أن ترفض من تقدم لخطبتها لكونه بخيلاً؟ ثم ما رأي الشباب أنفسهم في مسألة البخل؟ وهل هم حريصون فعلاً على رفض هذه العادة، أم يتقبلونها ويلجأون إلى تعليلها؟ نجد الإجابة في الاستطلاع الآتي...تقول الشابة أمينة يوسف –الاسم ليس حقيقياً- متزوجة حديثاً: لم تمض على خطبتي سوى أربعه أشهر، ومع ذلك أجد نفسي مشغولة البال، ونفسيتي متعبة جداً، أخاف من المستقبل، ومن الحياة مع زوجي، والسبب اكتشافي أنه بخيل بشكل مخيف. هل السبب أنه يدرس ويحتاج المال لإكمال دراسته، أم أن هذا الطبع أصيل فيه، وسيستمر معه حتى آخر العمر؟!. وتضيف يوسف: تصور أنه يتضايق من الذهاب إلى المطاعم، ويعلل ذلك بأن أكلها غير صحي، كما يرفض الذهاب للمجمعات التجارية، ويعلل ذلك بأنها بنيت فوق أرض مغتصبة! تعليلات لا تقوم على أساس، ولا تقنعني، لعلمي أنه بخيل لا يرغب في الإنقاق علي! ولو حتى في أبسط الأشياء. أتساءل: إذا كان لا يراعي خاطري في فترة الخطوبة وهي أكثر فترة في حياة الفتاة سعادة، فكيف سيكون حالي معه عندما أتزوجه وأنجب أبناءً؟!. وتواصل: حتى عندما نذهب إلى أسواق البحرين الشعبية، لا يبادر بسؤالي: هل أرغب بشراء شيء، ولو بسيط، مثل شراء عطر أو قطعة قماش، بل حتى شراء عصير من كافتيريا!. إنه يتعلل دائماً بأسباب واهية، ويدّعي أنه يفتقر للمال، لكنه يعمل في وظيفتين، كما إن أبوه وأمه وحتى أخواته لا حاجة لهنّ بالمال، ولا ينفق عليهن شيئاً، ولا يدرس في جامعة أو معهد! فأين يذهب براتبه إذن؟. الزوجة البخيلة مقبولة ويرى الشاب محسن علي أن الزوج البخيل، ليس مقبولاً أبداً، لكن الزوجة البخيلة مقبولة، ويرغب كثيرون في الاقتران بها. ويضيف علي: أتذكر يوماً أني رشحت إحداهن إلى شاب للاقتران بها، فتحمّس، فسعدت بذلك، لكني عندما أخبرته أنها بخيلة والبيت الذي ربيت فيه معروف بالبخل، توقّعت أن يستاء الشاب، لكن الغريب أنه وجد في ذلك مزيّة، بل وتحمّس أكثر، رغم أنه أبعد الناس عن البخل. وأكد لي أنه لا يضرّه أبداً هذا الأمر بل سيستفيد منه. ويتابع علي: ربما لا يمثّل هذا مقياساً لجميع الشباب، لكنه بالتأكيد يشير إلى وجود فئة منهم تنظر باستحسان لبخل الزوجة، بل وتبحث عنهن، وتعتبرهن عطية من الله تعالى. لكني شخصياً لا أحبّذ للشباب الزواج بزوجة بخيلة، فالبخل ليس عشقاً للمال فقط، بل هو مجمع للرذائل والأخلاق الفاسدة، والزوجة البخيلة امرأة ليست محبوبة من الناس، ستمنع زوجها من فعل الخير، حتى لم كانوا في حاجة شديدة للمال. إن إنساناً عادياً لا بالكريم ولا بالبخيل يمكن أن يتعايش مع زوجة بخيلة، لكن الزوج الكريم السخي سيعاني الأمرّين من الزوجة البخيلة، فشتّان بين نفسية راضية قانعة بما رزقها الله تعالى، لذلك تجدها تنفق في سبيله، ولا تخاف المستقبل لعلمها بأنه بيد الله تعالى، وبين نفسية تجمع المال خوفاً من غوائل الأيام، ليتحوّل بخلها إلى لؤم، على نفسها وزوجها وأبنائها.لن أقبل به ومن جانبها لا تخفي الشابة ليلى “...” امتعاضها من الزوج البخيل، ولا ترغب في الاقتران به حتى لو ظلّت دون زواج، وتعلل ذلك بأن “الحياة اليوم ليست كالأمس، وإذا كانت الزوجة بالأمس يمكنها أن تتناول الرز الأبيض مع السمك أو اللبن، كما إنّ ملابسها بسيطة، وحاجاتها معدودة!، ما يجعلها لا تجد فارقاً كبيراً بين الزوج الكريم والآخر البخيل، فإن الفتاة اليوم تصرّ على الاقتران بشاب كريم ينفق بسخاء. فهي لا تقبل بالبخيل، بل أني أقول لك بثقة أن لديها من الشجاعة الكثير لأن تنفصل عنه، ولا تعيش مع زوج بخيل لئيم، لا تتحرّك نفسه غيرة على زوجته، حين يجدها تتمنى شيئاً ولا تناله، رغم أن باستطاعته تلبية طلبها. فنحن الفتيات أكثر ما يهمنا في الزوج هو الطيبة والكرم. مظاهر حديثة للبخلومن ناحيتها تعتقد ربة البيت خديجة السيد بوجود مظاهر حديثة للبخل، مشيرة إلى أن وجود أزواج تشقى معهم الزوجة، خصوصاً وأن الفتاة تنتظر طوال عمرها الزوج، وعندما يقبل تتصورّه طائر السعد الذي ينتشلها من بين أنقاض الحياة التعيسة إلى الحياة الكريمة التي تلبى فيها جميع مطالبها. لكن مظاهر البخل اليوم لم تعد تقتصر على قبض اليد وعدم الإنفاق على الزوجة، بل هناك مظاهر أخرى؛ فهناك شباب يبحثون عن الزوجة الموظفة، خصوصاً في الوظائف الحكومية، أو من تنال راتباً كبيراً على أقلّ تقدير، وهم يتعللون بأن ذلك من أجل تلبية متطلبات الحياة والبناء للمستقبل، لكن الحقيقة هي أن الشباب لا يرغبون في الإنفاق على الزوجة، وهم يجدون في وظيفتها عذراً مقبولاً، فهي تنفق على نفسها، وحتى لو رغبت في شراء سيارة جديدة مثلاً، لن تتعب رأس زوجها، بل ستلجأ إلى القروض البنكية، حتى لو رغبت في السفر، فلن تكلّفه شيئاً طالما أنها تستطيع الإنفاق على نفسها وحتى على أبنائها. راتب الزوجة لها لكن الموظف زهير عبدعلي يجد في مثل هذه النظرة إجحافاً كبيراً في حق الزوج، مبيناً أن الرجل البخيل سواء، في حال وجود زوجة عاملة أو ربّة بيت، وكذلك الرجل الكريم، لن يعبأ بزوجة عاملة أو ربّة بيت. وأن من الإنصاف أن نقول إن متطلبات الحياة تعددت، بحيث أصبح راتب الزوج لا يوفيها، فكيف سيكون الحال بوجود زوجة وأبناء؟!.ويضيف عبدعلي: فلنتصور حال زوجة ترغب بشراء ملابس راقية مثلاً، تذهب مع زوجها إلى أحد المجمعات التجارية، تطلب منه شراء هذا اللون من اللباس، وهو هنا أما أن يشتريه لها وهو يعلم أنه لا طاقة له بثمنه، ليقصّر من جانب آخر، أو يعوّض المبلغ بجهد مضاعف من العمل، يغيب فيه عن زوجته وأبنائه! أو أنه يخبرها بعدم استطاعته، لتثور عليه وتتّهمه بالبخل! لكنها لو كانت زوجة موظفة، لما حدث شيء من ذلك. يهتم بأمّه دوني أما الموظفة زهرة فاضل “الاسم غير حقيقي” فتعرب عن ضيقها بتصرفات بعض الأزواج دون مراعاة لمشاعر أزواجهم. تقول فاضل: هناك من الأزواج من يعنون بتلبية رغبات أمّهاتهم، دون أن يعنون بزوجاتهم؟! لي صديقة تعاني هذه المشكلة وتشكو لي كثيراً من هذا الوضع؛ تقول إنها كلما ذهبت إلى السوق مع زوجها ورغبت بشراء شيء، كلّما وجدته متردداً في ذلك، لكنه لا يتردد أبداً بشراء أي شيء تطلبه أمّه؟ حتى إذا سافر -وهو كثيراً ما يسافر بسبب ظروف عمله- كان أول ما يشغله جلب الأشياء التي تطلبها أمّه، أما زوجته ففي الدرجة الثانية!. وتتابع فاضل: طبعاً، ليس من حق الزوجة أن تحرم أمّاً من برّ ابنها! لكن عليه أيضاً أن يشعر بزوجته فهي من لحم ودم؟! لماذا يزعل منها عندما تصفه بالبخل؟! في حين أنه لا يلبي أبسط ما تتمناه. إلا الأبناء وترجّح الأم لطفلين بتول عباس أن يكون خوف الفتاة من الاقتران بالشاب البخيل؛ مردّه خوفها على أبنائها من الحرمان. فلا شيء أقسى على الزوجة من أن تشاهد الرغبة في امتلاك الأشياء في عيون أطفالها، وهي لا تستطيع تلبيتها لهم؛ إنها عندها ستمتلأ غمّاً، لشعورها بأن أبناءها غير سعداء. تواصل عباس: رغم أني لا أحبّذ للفتاة أن ترفض شاباً لمجرّد شعورها بأنه بخيل، إذا إن كثيراً من أحكامنا مرتجلة، إلا أن الزوج البخيل متعب بالفعل، ومن الصعب على فتاة تربت وسط أبوين كريمين أن تعيش في كنف زوج بخيل. وحتى لو صبرت، فلن تصبر على حرمان أبنائها. باقة ورد «طالما أنّ الأمر لم يكن ليخرج عن محيط الأسرة، فلا خوف منه، أما وقد برز للجيران الجدد، فإن المسألة اتخذت بعداً كريها، ينذر بنفسية ستتعب أكثر مما هي عليه. لقد جاء الجيران مرحبين، بالجيران الجدد، حاملين معهم باقة ورد، ومنذ أن جلسوا إلى جانب زوجها وابنه، حتى أصبح خشبة مسندة، لا تنطق بحرف، يطالع باقة الورود بحنق وكأن بينه وبينها ثار. حتى إذا لم يعد يتحمل أكثر، أمسك بباقة الورد، ورفعها أمام ضيفه وجاره وزوجته، وصار يردد: لقد اشتروا لنا ورداً، ورداً يا ناس. الزوجة التي تعرف زوجها البخيل جيداً اكتفت بالصمت والبكاء، أم الضيفين الجارين الكريمين، فخرجا من البيت رأفة بالزوجة المسكينة”!.20 شطيرة بالجبنة! «كأن الأمر مجرّد دعابة، لا حقيقة؛ لقد ذهلت إلى الحد الذي لم تستطيع أن تنطق فيه بحرف واحد. ماذا؟ إنه يطالبها بكل فلس دفعه لها، إن أرادت الطلاق! لقد أخرج ورقة سجل فيها كل حرف، وبدأ بقــــــــراءتهـــــــا وأولهــــــا: 20 شطيـــــــرة كبـــــــــدة بدينارين. حتى إذا أكمل القراءة سقطت المسكينة مغمى عليها”.