عواصم - (وكالات): بدأت واشنطن بنشر قوات لمواجهة تظاهرات معادية للأمريكيين أسفرت عن عدد من القتلى في صفوف المحتجين على بث فيلم «براءة المسلمين» المسيء للإسلام الذي أُنتج في الولايات المتحدة، فيما رفضت الحكومة السودانية طلباً أمريكياً لإرسال قوات أمريكية خاصة لحماية سفارتها في الخرطوم التي تعرضت لهجوم من قبل متظاهرين. كما عبر البرلمان اليمني عن رفضه لقدوم عناصر من «المارينز» لحماية سفارة بلادهم في صنعاء.
وقد أرسلت واشنطن 100 من مشاة البحرية الأمريكية «المارينز»إلى ليبيا، حيث قتل السفير الأمريكي كريس ستيفنز مع 3 موظفين آخرين، وإلى اليمن حيث قتل 4 متظاهرين بعدما دخل محتجون السفارة بالقوة.
وأعلن وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا «يجب أن نكون مستعدين لفرضية خروج هذه التظاهرات عن السيطرة». وذكرت مجلة فورين بوليسي التي سألته رأيه في الامر، أن وزارة الدفاع الأمريكية تقوم بمناقشة مسألة إرسال 50 عنصراً من المارينز لحماية السفارة الأمريكية في السودان، حيث تمكن 10 متظاهرين من دخولها، لكن لم يتخذ أي قرار يتعلق بإرسالهم بعد.
وتظاهر عشرات آلاف المسلمين في العالم العربي خصوصاً للتنديد بالفيلم وقتل متظاهران في تونس واثنان في السودان وواحد في لبنان واثنان في مصر و4 في اليمن.
وقد ألهب الفيلم المسيء إلى المسلمين والنبي محمد والذي نشرت مقتطفات منه على موقع يوتيوب، الشارع في مصر وليبيا، قبل أن تتمدد الاحتجاجات التي استهدفت السفارات الأمريكية إلى بلدان أخرى.
ودعت حركة الشباب في الصومال وحركة طالبان الباكستانية المسلمين إلى مهاجمة الغرب رداًص على هذا الفيلم.
وفي القاهرة، تواصلت المواجهات بين عناصر من الشرطة ومتظاهرين حتى إخلاء ميدان التحرير القريب من السفارة الأمريكية حيث ساد هدوء حذر صباح أمس.
وأُصيب عشرات الأشخاص من عناصر الشرطة والمتظاهرين في صدامات اندلعت في الأيام الأخيرة.
واعلنت وزارة الداخلية أنها اعتقلت 142 شخصاً.
ودان الرئيس المصري محمد مرسي الفيلم وانتقد أعمال العنف التي تلته. وسحبت جماعة الإخوان المسلمين دعوتها إلى التظاهر.
وفي تونس، قتل 4 أشخاص وأُصيب 49 آخرون بجروح خلال المواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن في محيط السفارة الأمريكية بتونس. وأعلنت وزارة الداخلية توقيف 75 شخصاً في إطار التحقيق في الهجوم على السفارة.
وأكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الولايات المتحدة «ستصمد» في وجه أعمال العنف التي تستهدف سفاراتها ورعاياها.
وشددت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على أن بلدان الربيع العربي لم «تستبدل طغيان ديكتاتور بطغيان الغوغاء»، ملمحة بذلك إلى التظاهرات العنيفة التي ازدادت في العالم العربي وفي كل من إيران وباكستان وبنغلادش وأندونيسيا وحتى في أستراليا وبريطانيا.
واعتبر مجلس الأمن أن أعمال العنف هذه «غير مبررة» وذكر بواجب البلدان المضيفة حماية البعثات الدبلوماسية.
وطلب الاتحاد الأوروبي أيضاً من سلطات البلدان التي اندلعت فيها أعمال العنف هذه تأمين «سلامة» الدبلوماسيين ودعا إلى «السلام وضبط النفس على الفور».
من جانبه، قال رئيس المؤتمر الوطني الليبي محمد المقريف إن الهجوم الدامي على القنصلية الليبية في بنغازي كان «مدبراً ومخططاً له».
من جهة أخرى، ذكر مركز أمريكي متخصص في مراقبة المواقع الألكترونية أن «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» أعلن أن الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي هو «انتقام» لمقتل أبو يحيى الليبي، الرجل الثاني في قيادة التنظيم الأصولي.
من جانب آخر، ذكرت تقارير أن الفيلم المسيء للإسلام أنتجته مجموعة دينية أمريكية تطلق على نفسها اسم إعلام من أجل المسيح «ميديا فور كرايست» وقام بإخراجه متخصص في الأفلام الإباحية.
ويبدو أن الرجل الذي يقف وراء إنتاج هذا الفيلم الذي يحمل عنوان «براءة المسلمين» في المقطع المعروض على يوتيوب وتبلغ مدته 14 دقيقة مصري قبطي يقيم في الولايات المتحدة ومحتال لم يلتزم بشروط الإفراج عنه بكفالة، كما قال مسؤولون أمريكيون.
أما مخرج الفيلم فهو آلن روبرتس الذي عمل خصوصاً من قبل على أفلام إباحية أو أفلام إثارة، من بينها «الشابة ليدي شاترلي 2» و»كاراتيه كوب»، كما ذكر موقع غوكر الإلكتروني.
وتحدث الموقع إلى عدد من الذين مثلوا أدواراً في الفيلم أكدوا أنهم فوجئوا عندما ظهروا في ما كان أصلاً في فيلم يروي ملحمة خيالية ثم وضعت دبلجة فوق الحوار الأصلي في إطار حملة معادية للمسلمين.
والأسماء التي يحملها أبطال الفيلم الأصلي الذي أخرجه روبرتس هي جورج وكونداليسا وهيلاري. لكن في النسخة التي وضعت على يوتيوب أصبحوا النبي محمد وشخصيتين أخريين من القرآن.
وروجت للفيلم شبكة يمينية قبطية ومسيحيون أنجيليون معروفون بعدائهم للإسلام مثل الأمريكي المصري الأصل موريس صادق والقس تيري جونز الذي اشتهر بإحراقه المصحف علناً.
وعمل ستيف كلين الذي حارب في فيتنام وأسس جمعية «المسيحيون الشجعان موحدون» «كوريجوس كريستشن يونايتد» المعروفة باحتجاجاتها أمام المساجد ومعابد المورمون.
والفيلم بحد ذاته لا ينطوي على أي مخالفة للقوانين الأميركية. لكن نيقولا باسيل نيقولا وهو مصري قبطي يعتقد أنه كاتب الفيلم ارتكب مخالفة لشروط الإفراج عنه من السجن.
وقال ناطق باسم المكتب الإداري للمحاكم الأمريكية أن «وضعه يخضع للمراجعة».
ويكشف محضر اتهام لمحكمة في كاليفورنيا يعود إلى 2009 أن نيقولا اتهم بالاحتيال على مصارف أمريكية عبر فتح حسابات وهمية وتمرير شيكات غير صحيحة.
وقد أفرج عنه منذ ذلك الحين بكفالة. وتفيد الوثيقة أنه وافق على الإدلاء بشهادة ضد زعيم الشبكة التي تعمل في تزوير الشيكات. وإذا تبين أنه خالف شروط إطلاق سراحه فقد يعود إلى السجن.
ومن شروط الإفراج عنه منعه من استخدام جهاز الكمبيوتر في منزله 5 سنوات ودفع غرامة قدرها 790 ألف دولار.
من جهته، أكد رئيس هيئة «فيلم ال ايه» بول أودلي وهي الهيئة التي تمنح تراخيص التصوير في لوس انجليس أن جمعية «ميديا اوف كرايست» منحت في أغسطس 2011 ترخيصاً ليوم واحد لتصوير فيلم بعنوان «مقاتلي الصحراء».
وأضاف أودلي في مقابلة «أتذكر أنني اطلعت شخصياً عليه قبل سحبه وكان اسم المنتج سام بوسيل». ويعتقد أن هذا واحد من الأسماء التي يستخدمها نكولا الذي قام بتحميل المقطع على الانترنت باسم سام باسيل.
وتوقفت مواقع جمعية «ميديا فور كرايست» وصفحتها على فايسبوك بدون أي تفسير. وهذه المجموعة معروفة بأنها يمينية محافظة وأسسها مصري قبطي يدعى جوزيف نصر الله عبد المسيح.