أكدت فعاليات شعبية في ذكرى وفاة المرحوم الشيخ الشاعر أحمد بن محمد آل خليفة تمتع المرحوم بالمكانة الكبيرة في نفوس لمتابعتهم إنتاجه الشعري منذ شبابه حين كانت بعض المجلات الكويتية القديمة تنشر له بعض القصائد، الرقيقة المحببة إلى النفوس، ولا يجد قارئها أي صعوبة في اللفظ أو ارتباك في المعنى. وقد تواصل الشاعر مع قراءه ومحبيه بشعره العذب الذي لا ينقطع معينه، وهو الذي ضمه في عدد من دواوينه المطبوعة التي تسعد الجميع بقراءتها.
وزادت مكانة الشيخ في نفوس الكويتيين حينما رأوه يتحدث عن الكويت، ويثني عليها وعلى أهلها، ثم رأوه يتحدث عن الكويت وما تعرضت له إبان الغزو العراقي الغاشم الذي وقع عليها في 2/8/2012. وعندما انتقل رحمه الله كانت وفاته خسارة لوطنه وللكويت معاً. وهذه القصيدة كتبت في ذكراه، لكنها لم تنشر في شهر مارس الماضي لعدم التمكن من ذلك في حينه. لذا فإن نشرها الآن ينبغي ألا يكون مفاجأة لأن الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة يستحق أن يذكر في كل حين “رحمه الله”.
في يوم ذكراك يبكي الأهلُ والدارُ
وتستفيض على البحرين أكدارُ
مُذْ يوم غبت ودَوْحُ الشعر مُكتُئبُ
فلا ازدهت فيه أشجار وأثمار
ولا تغنّت على الأغصان من طرب
لما مضيت لظهر الغيب – أطيار
قد صوُح الروضُ إذا فارقته أسفاً
ولم تَعُد فيه أوراق ونُوّارُ
أسىً عليك ومازالت مُرَددةً
شجواً بشعرك بعد الفقد سُمار
يا أحمد الشعر من آل الخليفة كم
غَنّى بشعرك رُكبانُ إذا ساروا
وكم تردد هذا الشعر منبعثاً
من خاطر فيه آمال وأوطار
تَثني عليك الطروس الغُرّ ما صدحت
بفيض شعرك فوق الأيك قيثار
أمضيتَ عُمرَك تُذكي في النفوس لَظىً
يحيي الشعور فيبدو منه إعصار
جلوت فيه أول العرب منطلقاً
فأقبلت ذاتَ حسن وَهْيَ معطار
لقد صدعت بقول الحق متخذاً
من القصيد جُمانا منه تختار
فرددت كل حين ما نطقت به
من أعذب الشعر أمصار وأقطار
غنيت للوطن الغالي فما برحت
لما تغنيت بين الناس آثار
وصرت للمجد داعيه فقام له
بين الندامى على الأيام تذكار
ولم تزل والليالي قد مضت قُدُماً
عنا، وذكراك أشعار وأفكار
نرجو لك الخير في دار نزلت بها
الفضل فيها على مثواك مدرار
فقد بذلت الذي ما طاله أحد
لم تحجب الشمسَ من مسعاك أستار
وقد عملتَ بما أضنى الجميعَ وما
أضفى على الناس إذ غادرت (آذار)
وانت في نفس خالدُ أبداً
يا طالما حفظت ماضيك أحرار
^ ^ ^
يا راقداً في ثرى البحرين داهَمنَا
همُ أَلّم، ولم تُطفأ له نار
فاعلم بأنّك في كل القلوب هنا
وأن قَدْرك لا يوفيه مقدار
إن الكويت وقد جل المصاب بدت
أُمّا تُشَتَتُها دنيا وأقدار
لم تنسَ ما قلتَ مما قد شدوتَ به
أو تنسَ شعرك يوم الغزو إذ جاروا
بما تعاظم من حقد يُؤجَجهم
فَعَمّت الأرض أحزان وأخطار
حتى إذا اضطرمت بالنار كُتلتهم
لم يُنــِجْهم من جحيم الحرب إنذار
جُزيت بالخير عنا من أخي ثقة
وأسْعدَتك بدار الخلد أنوار
كُويتنا وأُوال منذ فجرهما
صنوان ضمهما حب وإصرار
على المودة عاش الأهل يجمعهم
تعاون وتجارات وأسفار
هم يدفعون الأذى عنهم بكل يد
إذ يرفع الرأسَ تاجُ العز والغارُ
كانوا جميعاً وكان الحب رائدهم
وهم إلى اليوم أعوان وأنصار
قد كان ذلك والتاريخ شاهدنا
وفي شهادته صدق وإقرار
عاشت لنا أُلفة الدارين سامقة
وعاش أهلُ متى دَارَ العُلا داروا
د. يعقوب يوسف الغنيم