كتب - هشام الشيخ:أكد مؤسس بنك “جرامين” للفقراء البروفيسور محمد يونس أن مملكة البحرين مؤهلة للعب دور حيوي في توحيد جهود الشباب في مختلف الدول العربية لتطوير مجال الاقتصاد الاجتماعي بما يساعد على إيجاد حلول ملائمة لدولهم وحياتهم الخاصة، مشيراً إلى أن المملكة رائدة بهذا المجال لتمتعها بالثقة وسط محيطها العربي وهو ما يؤهلها لتكون محور نشر هذه الأفكار الجديدة بالمنطقة.ودعا يونس، في حديث للصحافيين على هامش مؤتمر ريادة الأعمال الاجتماعية، إلى إدراج أفكار الاقتصاد الاجتماعي في المقررات الدراسية وإنشاء مراكز لريادة الأعمال الاجتماعية في الجامعات تستطيع ربط وتبادل تلك الأفكار والاستفادة منها.ورداً على سؤال لـ«الوطن” حول الفرق بين مشاريع الأعمال الاجتماعية، وبين العمل الخيري، أوضح يونس أن المال يقدم في العمل الخيري ليؤدي الغرض منه دون أن يسترجع مرة أخرى، بينما يهدف الاقتصاد الاجتماعي لتحقيق الغرض نفسه لكن مع إعادة هذا المال مرة أخرى بحيث يمكن استخدامه مجدداً مرات عديدة لتحقيق الاستدامة.وأوضح أن الأعمال الاجتماعية تتطلب تحقيق ربح من أجل الحفاظ على استدامة عملها، والفرق بينها وبين التمويل والمشاريع التقليدية هو أن الربح في الأعمال الاجتماعية تحتفظ به الشركة الاجتماعية لخدمة الهدف من إنشائها ولا يحصل عليه شخص بعينه بهدف الربح المادي، على الأقل يمكن أن يشكل هذا النمط من الاقتصاد بداية واعدة لحل الكثير من المشكلات في العالم، مشيراً إلى أن البنك الصغير يقدم خدمة التمويل بينما تمتاز مشاريع الأعمال الاجتماعية بأبعادها المتعددة في التعليم والصحة والطاقة الشمسية، ونظم المعلومات، والزراعة والتسويق.وقال: إن عدد فروع بنك جرامين وصلت إلى 2600 فرعاً في مختلف مناطق بنغلاديش، مشيراً إلى وجود تعاون وأفكار مشابهة في البحرين وأبوظبي واليمن والسعودية والعديد من الدول الأخرى.وفي كلمته خلال افتتاح أعمال أسبوع ريادة الأعمال الاجتماعية الأول، أكد يونس أهمية المؤتمر من الناحية الاستراتيجية لدوره في تبادل الأفكار والاستفادة من الخبرات في تطوير ودفع الأعمال الاجتماعية لتوفير الحلول لمشاكل الناس في مختلف أنحاء العالم.ووجه البروفيسور الحاصل على جائزة نوبل على جهوده في مكافحة الفقر، انتقادات للنظام الرأسمالي الموجود في العالم اليوم، قائلاً إن “الأعمال التجارية وفقاً للنظام الرأسمالي تركز على هدف واحد فقط وهو تحقيق ربح مادي وتتجاهل البعد الإنساني”.وأوضح أن فكرة الأعمال التجارية الاجتماعية تمتاز بإيجاد حلول لمشكلات الناس أولاً، من خلال أفكار إبداعية ومستدامة.واستعرض تجربته في إنشاء عدد من شركات الأعمال الاجتماعية في بنغلاديش ، حيث أنشئت كل شركة للتغلب على مشكلة يعاني منها الشريحة الأكبر من السكان الأكثر فقراً، مضيفا أن التقدم التكنولوجي الذي يعيشه جيل الشباب الناشئ يؤكد أنه لا توجد مشكلة إلا يمكن إيجاد حل لها. وكمثال على دور الشركات الاجتماعية، تحدث عن نجاحها في التصدي لمشكلة غياب الكهرباء عن معظم القرى في بنغلاديش، موضحاً أن التفكير المبدع تجاوز التفكير التقليدي وقفز إلى إمكانية توفير مصادر للطاقة المتجددة.وقال: إن المشروع واجه تحدي كلفة وحدة الطاقة الشمسية، إلا أنه مع مرور الوقت تمكن المشروع من توزيع وحدات للطاقة الشمسية مخصصة لإنتاج الطاقة اللازمة لكل بيت مستقل، حيث بدأ بتوزيع عشرات الوحدات ليصل إلى آلاف الوحدات على المنازل.وقال: إن الأزمة المالية العالمية التي ضربت الكثير من دول العالم في 2008 بما فيها المتقدمة منحت الأعمال الاجتماعية فرصة أكبر لإثبات نجاحها، وبينما بدأت تنهار كبريات الشركات والبنوك الرأسمالية ، أثبتت المؤسسات والبنوك الاجتماعية نجاحاً كبيراً في استمرار عملها وتطوره في ظل تلك الأوضاع الاقتصادية العالمية الصعبة.وأكد أنه إذا كان هدف الأعمال التجارية تحقيق الربح وحده بصفته معياراً للنجاح والإنجاز، فإن مقولة “بزنس إز بزنس” لا تنطبق على الأعمال الاجتماعية ، التي تعمل على نشر السعادة بين الفقراء والشرائح الواسعة التي لا تستطيع التعامل مع البنوك التقليدية، وأن الأعمال الاجتماعية نجحت في نشر السعادة على نطاق أوسع بوصفها معياراً للنجاح، وهو ما نعمل على تحقيقه.وقال: إن سر السعادة والنجاح هو استغلال فترة وجود الإنسان القصيرة في الحياة لإسعاد الآخرين وإيجاد حل لمشكلاتهم، داعياً إلى جعل تلك الرؤية محوراً للأعمال (..) يجب ألا تظل الأمور تجري بحسب ما هو واقع وإنما يمكن إحداث تغيير ما.