في أمسية تكتنزها القدود الحلبية والموشحات العربية، تماشياً مع وصلات الجلوات الحلبية، اعتنق الفنان السوري حمام خيري الميكرفون، ليستهل بوصلته الافتتاحية بموشحة “ بين اللمى واللمية ذبت عشقاً حلبياً”، ضمن فعاليات المنامة عاصمة الثقافة العربية للعام 2012، بحضور وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، ونخبة من المتذوقين للفن الأصيل الراق، في الصالة الثقافية، وتراوح الفنان السوري خيري متداخلاً في تقديم الطرب المعاصر المترابط مع الأصيل بقصائد غزلية وأغاني تراثية حلبية، وموواويل متقنة، برفقة 26 عازفاً.
وبين الطرب والمشوار الفني خط رفيع كما يقول الفنان السوري خيري قبيل الأمسية، إذ أردف لقد “برزت في مدينة حلب، لكن تونس هي من وضعتني على الخريطة العربية، كما إن عائلتي شبه فنية، فهم يطربون ويشدون بأصواتهم ضمن حدود البيت وليس خارجه، وفي التسعينات أصبح لدينا بما يسمون شيوخ الطرب، ومنهم المرحوم صبري المدلل، وحسن الحفار وأديب الدايخ، وغيرهم، ففي حلب كنت معروفاً، أما في سوريا برمتها لم أكن كذلك، إلا أنني صدرت نفسي من تونس إلى سوريا مع شيوخ الغناء، فتونس أطلقتني على المشهد العربي”.
وأعرب الفنان خيري عن شكره وزارة الثقافة لاستضافته الجميلة والرائعة واهتمامها بكافة الفنون التي يرتقي بها العالم وتعبر من خلال لغة واحدة وهي الموسيقى لكل اللغات والهويات، مضيفاً” لطالما هناك أزمة بوطني علي أن لا أستسلم، فيجب أن أقدم أكثر مما لدي، وأتغلب عن ما يحدث، فالفن رسالة وطنية سامية، أنا جئت للبحرين كي أقدم رسالتي إلى سوريا، ومن خلال البحرين للعالم وفحوى رسالتي هي الحب والسلام”، موضحاً” نمتلك بسوريا عدد من الألوان الغنائية العالمية، من حيث لون الغنائي العتابة، للموال الشرقي، إلى القدود الحلبية، ووصولاً للأغنية الشعبية والدور والموشحات، وللقوارب الغنائية، والعتابة في سوريا لها 5 أشكال، إذاً سوريا هي غنية بالغناء المتشعب، إضافة إلى أنني ترعرعت في مدينة حلب التي يقال عنها إنها أم العجائب والطرب، فحلب تمتلك موقعاً جغرافياً لوجستياً يسلك به طريق الحرير قديماً، ومن هنا جاءت خصوصية حلب وجاء الغناء الفني لمدينة حلب، وفن العمارة أيضاً والأدب والشعر”.
ويرى الفنان خيري أن” الحلبيين لديهم في جعبتهم موشحات خاصة بهم، والأندلسيين ابتدعوا هذا الفن ولحنوا بعض منه، ونحن وصلنا بالفن من خلال المغرب العربي وبشكل خاص من التوانسة، والقوافل العربية تأتي عن طريق الحرير، وتحمل معها الأشعار، وكان يقيمون في حلب، وكتبوا على أثر ذلك قوالب خاصة تعنى بالفن الحلبي وله أجزائه وترتيباته”.
ويستشف الفنان خيري أن “الفن الحلبي فريد تارة، ومتأثر بموسيقى العالم تارة أخرى، لذلك أتت تسمية القدود الحلبية، فهم يحفظون الألحان في الجلسات، ويضيفون على “قد” اللحن كلام، ويغنوه، ويحذفون “قد” الكلام في موضع آخر، وهكذا سمي بالقدود، الذي ابتدعه الحلبيون”.
ويضيف الفنان خيري أن الفن له حالات خاصة، فمن الممكن الاندماج مع الجمهور، ومن الممكن أن أكون بموقعي مع الموسيقيين ، فالوصلات الطربية لها دور، وأنا لا أحسن أن أعيد نفسي في كل مرة وأكررها على خشبة المسرح، ودائما ما أقيم ذاتي كي أتطور منها، حتى ولو وقعت بأخطاء، وأعاتب نفسي كثيراً إن كان هناك قصور، فلقد تعلمنا من رواد الطرب، أن الفن مرآة المجتمع، وحفظت الأدوار القديمة والموشحات، وشعرت أنه يجب أن أكون ملتمساً إلى حد ما نوعية الأذواق وهذا يعود للتجارب منذ 40 سنة، كما أنني ألحن لنفسي وليس وظيفتي أن ألحن للآخرين، وربما لأنني لم أختص فيه”.