لحظات قصيرة في الزمن، ولكنها عميقة الدلالة، وعظيمة في تاريخ البحرين.
لحظات مهيبة رغم سرعتها ولكنها شدت المئات من الحضور في قاعة نادي الضباط عندما وقف وزير الداخلية معالي الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة أمام مجموعة من أسر شهداء ومصابي الواجب لا ليقدم لهم أنواط الشجاعة، وتكريماً مالياً على ما قدموه فداء للبحرين الوطن، بل هو أكبر من ذلك بكثير.
لحظات من الصعب اختزالها في كلمات قليلة تستخدم في افتتاحية صحيفة، فالمشهد أخرس الحضور الذين عجزوا عن وصف هذا المشهد الإنساني الفريد الذي يحمل أسمى معاني وقيم التضحية والوفاء والشجاعة.
مجموعة من أسر شهداء الواجب جالسة في صمت، وبجانبهم مجموعة من رجال الأمن الأوفياء الذين تفاوتت إصاباتهم البليغة، فبينهم من صار عاجزاً عن الحركة الطبيعية، وبين من تلونت بشرته النقية من بقايا حروق خطيرة مسّتها يد الإرهاب الغاشمة. ولكنهم يتفقون جميعاً في شيء واحد ولا يختلفون عليه، وهو الفخر بما قدموه من تضحية بأرواحهم وأجسادهم الطاهرة عندما أقسموا للدفاع عن أرض البحرين وأمنها ومكتسباتها وقيادتها وحكومتها وشعبها مهما كلف الأمر من تضحيات، فنالوا هذا الشرف العظيم.
ما هي إلا لحظات ليقف وزير الداخلية أمامهم ويقدم لهم تكريم البحرين الوطن، وينحني ليقبل رؤوسهم الكريمة، ويعبّر لهم عن شكر البحرين الوطن قيادة وحكومة وشعباً على ما قدموه من تضحيات جليلة في سبيل صون الوطن.
أمام هذا المشهد حبس الوزير دموع الحضور حزناً، واستبدلها بالشرف والفخر، فليس هناك مجال للحزن في مثل هذه المواقف التاريخية، بل هي مواقف شرف وفخر ينبغي أن يفتخر بها كل بحريني.
وزير الداخلية عبّر عن هذا الموقف قائلاً: «إن ثباتكم وانضباطكم كان أحرّ عليّ من القبض على الجمر، وأنا أرى إصابات التضحية والفداء في صفوفكم». لينتقل لتقييم المرحلة المقبلة بالتأكيد على أهمية «سحب فتيل الحقد والكراهية بين المواطنين ويبقى التعصب الطائفي التهديد الأخطر على أمننا الاجتماعي».
فعلاً مخاطر الحقد والكراهية والعصبية الطائفية باعتبارها فتنة باتت أشد من القتل. وهو ما ينبغي تضافر كافة الجهود لتتركز على كيفية تجاوز هذه المرحلة المقيتة من تاريخ الوطن.
لجميع شهداء ومصابي الواجب الذين تجاوز عددهم الألف، ورجال الأمن البواسل نقول لهم شكراً من الأعماق على ما تقومون به في سبيل حفظ أمننا واستقرارنا ووحدة الدولة البحرينية، فعلاً أقسمتم.. فأوفيتم.
يوسف البنخليل