المدير المتمرد هو ذاك الذي يفرح حينما يسمع من موظفه جملة “حاضر طال عمرك ، سم طال عمرك ، إللي يشوفه جنابكم أكيد هو الصح”.
المدير المتمرد هو الذي لا يعترف بأخطائه ولا ينسب النجاح سوى إلى نفسه وذاته ، الرئيس المتمرد هو الذي يكون حجر عثرة أمام العقول المبدعة والتي لا تتلقى منه سوى أوامر الإحباط وتكسير المجادف.. المدير المتمرد هو الذي يستمتع بإعطاء الأوامر حتى إن كانت كارثية وأما الموظف الفقير فليس من حقه محاورة رئيسه في قراراته الأحادية الجانب وعليه أن يكون له خادماً وإن شئت فقل عبداً ذليلاً وعليه أن يسمع ويطيع وإن ضرب ظهره وأكل ماله واغتصب حقه وضيع عرقه وجهده .
المدير المتمرد هو الذي ينظر إلى عماله وموظفيه على أنهم آلات مجرده من المشاعر، فالرئيس المتمرد هو الذي يرفع صوته على موظفه المسكين متى وجد حجته فرضت نفسها على عقله البدائي المتحجر القديم، ليست له علاقة بالكلمة الجميلة والأسلوب الشفاف والمعاملة الحسنة، فهو متعجرف لا ينتقي من الألفاظ سوى اقبحها.
المدير المتمرد لا ترى حوله سوى المطبلين والمتملقين الذين يزينون له منكر القول وباطله ، ويصفقون له على الخالي والمليان، وهو الذي يعكس فشل قراراته على شماعة الإدارة المغلوب على أمرها لينجوا هو وحده عند غرق السفينة، وهو أيضا ذاك الدكتاتوري الذي لا يقبل من المقالات الصحفية والتغريدات التويترية سوى ما كان فيها المديح لإنجاز لم تلامسه يده. وأما إذا كان الناقد له موظفاً لديه فقد يعاقب بسحب بعض الصلاحيات عنه ، بل وأكثر من ذلك فربما على موظفه المسكين ما يجب أن يغرد به وما ينبغي أن يقوله في الصحافة، وإن أبى فالويل له، إذ أن التعهد والعقوبة والقرار القديم جاهزٌ للتفعيل ليكون الموظف المضطهد بين نارين أْحلاهما مر إما أن يقول “حاضر طال عمرك” بغير قناعة منه ولا إيمان، وإما أن يجبر بالتوقيع على تعهد ظالم وحقير وإن رفض التوقيع فسيكون الشارع أول المستقبلين له.
المدير المتمرد هو الذي يتمنى موظفوه بأن تطول إجازته إن كان في إجازة ورحيله واستبداله برئيس آخر يكون على شاكلة من سبقوه من الرؤساء من الذين ضربوا أروع الأمثال في التعامل مع الآخرين أثناء رئاستهم ، أولئك الذين كانوا يحملون في صدرهم قلبا طيبا وروحا متسامحة ووجها مشرقا وبشوشا.
واستذكر هنا قول اختصاصي علم الاجتماع د.حسين الخزاعي بأن أهم نجاح للمؤسسة الإدارية يتمثل بتوفير الرئيس الناجح والمتعاون، والذي ينتهج الإدارة القيمية، من خلال تمتعه بالأخلاق الإنسانية في التعامل مع الهيكل التنظيمي في الإدارة كاملاً، وذلك هو معيار النجاح، وليس المعيار هو ما يتوفر في المؤسسات من أدوات وتقنيات وليس المعيار في أن يكون الرئيس بالضرورة محسوباً على أحد أو على القبيلة الفلانية ليتحقق النجاح المنتظر.
خالد بن محمد