إعداد – وليد صبري: تحتفل دول مجلس التعاون الخليجي بالذكرى الـ 31 لتأسيس المجلس، حيث أرسى أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس منذ انعقاد الدورة الأولى في العاصمة الإماراتية أبوظبي في 25 مايو 1981، قواعد ترسيخ مبدأ العمل الجماعي المشترك و دعم المسيرة الخيرة وتطوير قدرات المجلس لتحقيق المزيد من الإنجـازات وبمـا يلبي تطلعات مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربيــة، ويحفظ امن وسلامة شعوبه ودوله. ومع تخطي المجلس عامه الـ 31 تحتفي دول المجلس بإنجازات تحققت وطموح لا يحده حد، حيث جاء المجلس بقناعة راسخة وبمنظور واعي كرسته حكمة القادة وحنكتهم، التي كانت الحامي للمجلس ودوله وسط عالم مضطرب وأوضاع سياسية واقتصادية متقلبة. وفي 21 رجب 1401هـ الموافق 25 مايو 1981 توصل قادة كل من مملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان، ودولة قطر، ودولة الكويت في اجتماع عقد بأبوظبي لصيغة تعاونية تضم الدول الست. ويأتي العمل على التحول من صيغة التعاون الخليجي إلى الاتحاد، متسقاً مع أحد الأهداف الرئيسية المنصوص عليها في النظام الأساسي لدول المجلس، وهو “تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها”، وفقاً للمادة الرابعة من النظام الأساسي للمجلس. وبعد 3 عقود جاء العنوان الأبرز في اللقاء التشاوري الـ 14 لقادة دول مجلس التعاون الخليجي والذي عقد في 14 مايو الجاري “دول المجلس من التعاون إلى الاتحاد”، تلك المبادرة التي تضمنها الخطاب الافتتاحي لخادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في قمة مجلس التعاون التي عُقدت في الرياض في 19 ديسمبر 2011، ودعا فيها إلى الانتقال بالمجلس من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد. وقد لاقت ترحيباً في حينها وأيدها قادة دول المجلس في البيان الصادر في ختام أعمال القمة، وكانت ردة الفعل الشعبية السريعة تعبيراً عن الطموحات الكامنة لدى المواطن الخليجي في الارتقاء بالمجلس إلى مستوى أكثر تلاحماً وفعالية وتأثيراً، محلياً وعالمياً يتمثل في “الاتحاد الخليجي”. ويهدف الاتحاد الخليجي لتوثيق أواصر التعاون بين دول الخليج في مجالات الأمن والسياسة الخارجية لمواجهة التهديدات الخارجية خاصة من إيران. دوافع الاتحاد حددت دراسة لمعهد الدراسات الدبلوماسية دوافع الانتقال من التعاون إلى الاتحاد في نقاط عدة أولاها أن النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي نص صراحة على أن أحد أهداف المجلس هو الوصول لوحدة دول المجلس، وذلك بسبب طبيعية الخصائص والقواسم والتطلعات المشتركة لأبناء الخليج العربي، إضافة إلى أن تنامي التهديدات الإقليمية والدولية تفرض العمل الجاد من قبل دول مجلس التعاون الخليجي للتحول من صيغة التعاون الحالية إلى صيغة اتحادية مقبولة لدى الدول الست تكفل لها الأمن والاستقرار، وأن تجارب الأزمات السابقة أثبتت صعوبة التعامل الفردي من قبل دول مجلس التعاون مع تلك الأزمات. وهذا يعني أن التعاون والتنسيق بين دول المجلس بصيغته الحالية لا يرقى لمواجهة الأزمات الكبرى بخاصة الاستراتيجية والأمنية. وأوضحت الدراسة ضمن دوافعها لأهمية الاتحاد أن ظروف الأزمة الاقتصادية العالمية أثبتت أن التعاون والتكامل بين الدول المتحدة والمتكاملة اقتصاديا كانت في وضع أفضل من الدول المفرقة، فيما أثبت مستجدات المنطقة العربية أن توحد موقف دول الخليج العربية أسهم في تخفيف الأزمات العربية بدءا من المبادرة الخليجية في اليمن وانتهاء بسوريا، على نحو ساعد على إيجاد موقف عربي موحد. وكذلك فإن مجمل المبررات الاستراتيجية والاقتصادية يستوجب تطوير العمل الخليجي المشترك لصيغة اتحادية مقبولة ليكون السبيل الوحيد لمواجهة الأزمات بصورة فعالة ومؤثرة. نقلة طبيعة واعتبرت الدراسة أن التطور من حالة التعاون إلى الاتحاد هو التطور الطبيعي المنتظر لمسيرة مجلس التعاون الذي عمل على تطوير الشراكة بين الدول الست الأعضاء فيه لثلاثة عقود من الزمن تجاوز خلالها المخاطر. وقد بيّنت الدراسة في هذا المجال، أن مسيرة العمل الخليجي المشترك في صيغة التعاون عبر مجلس التعاون تكون تجربة غنية ومفيدة وحققت نجاحات مهمة، وكاستمرار لتطوير وتعميق نجاحات مجلس التعاون تأتي مرحلة الانتقال إلى الاتحاد المنشود، مؤكدة أنه ناتج طبيعي لرغبات وتطلعات شعوب دول المجلس، ونتاج حتمي للتجربة التراكمية الثرية لمجلس التعاون، إذ استطاع خلال مسيرته عبور كثير من الأزمات والعقبات التي واجهته خلال 30 عاماً. كونفدرالية أو فيدرالية تناولت الدراسة شكل الاتحاد المرتقب بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون، مبينـة أن الاتحاد سيكون ذا طبيعـة تكاملية قريبة من الاتحاد الأوروبي مع بعض الخصوصية المتصـلة بدول مجلس التعاون كونها تشـترك في خصائص الدين الإسلامي والعروبة بما فيها من مـكونات اللغة والتاريخ والمصير المشـترك. ولأن طبيعة الاتحاد تكاملية، فسيحافظ على سيادة الدول على المستوى الدولي والقانوني، وسيكون التكامل ملزماً في الجوانب الوظيفية للاتحاد التي تتفق عليها دوله، دون التدخل في الشأن الداخلي للدول. يذكر أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية منظمة إقليمية عربية مكونة من 6 دول أعضاء تطل على الخليج العربي هي الإمارات والبحرين والسعودية وسلطنة عمان وقطر والكويت، كما يعد كل من العراق باعتباره دولة عربية مطلة على الخليج العربي واليمن الذي يمثل الامتداد الاستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي والأردن والمغرب دولاً مرشحة للحصول على عضوية المجلس الكاملة حيث يمتلك كل من العراق واليمن عضوية بعض لجان المجلس كالرياضية والصحية والثقافية، فيما تشترك الأردن والمغرب في النظام الملكي للحكم. وتأسس المجلس في 25 مايو 1981م في خضم الحرب بين العراق وإيران، بالاجتماع المنعقد في الرياض بالمملكة العربية السعودية وكان كل من أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح والرئيس الإماراتي الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من أصحاب فكرة إنشائه، و يتولى الأمانة العامة للمجلس حاليًا د. عبداللطيف بن راشد الزياني، ويتخذ المجلس من الرياض مقراً له. الاتحاد رسالة لإيران يرى محللون أن مشروع الاتحاد الخليجي يحمل عدة رسائل إلى إيران، في ظروف صعبة تمر بها طهران ومنطقة الخليج والعالم العربي بشكل عام. ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات الدكتور عبد الخالق عبدالله، إن مشروع الاتحاد الخليجي، والذي اختار اسم “اتحاد الخليج العربي” يرسل رسالة واضحة إلى إيران من مجرد اختيار تسمية الخليج “بالعربي”. وأضاف “المسمى في حد ذاته فيه رسالة قوية إلى إيران مفادها أن دول الخليج مجتمعة ترفض التسمية الإيرانية للخليج بأنه فارسي، ذلك أن دلالات تلك التسمية سياسياً، تعني بسط السيطرة الإيرانية على المنطقة بأكملها، وكأن طهران تقول إنها القوة الوحيدة هنا”. وتابع عبدالله “مجلس التعاون الخليجي نشأ في الأساس لمواجهة الأخطار الخارجية، لكنه لم يشأ الاصطدام بإيران، إلا أن الاتحاد الخليجي لن يكون كذلك، بل سينطلق من نقاط قوة وثقة لمواجهة التمدد الإيراني والتحرش المستمر بدول المنطقة”. ورأى أستاذ العلوم السياسية الإماراتي أن “مشروع الاتحاد الخليجي نابع من رحم 30 عاماً من التجربة التعاونية، وهناك نضوج في التجربة فيما يتعلق بالتنسيق والتعاون ومظاهر الاندماج بين دول الخليج”. المجلس داعم للبحرين بادرت دول مجلس التعاون الخليجي لمساندة البحرين منذ اندلاع الأحداث الطائفية في المملكة، ولم يكن مستغرباً تنادي وزراء خارجية دول المجلس للاجتماع في المنامة قلب الحدث في 17 فبراير 2011 خلال أقل من 3 أيام من اندلاع الاحتجاجات الطائفية، مؤكدين إيمانهم بالمصير المشترك للشعوب الخليجية وعمق أواصر الإخوة التي تجمعهم. وتوالت مواقف دول مجلس التعاون المنحازة إلى حق البحرينيين في الأمن والاستقرار، والتي ساهمت في التصدي للأحداث التي كادت تعصف بنسيج المجتمع، فأعلنت في أكثر من مناسبة، على المستويات كافة، الرسمية والشعبية، وفي مجالات السياسة والإعلام، وصولاً إلى تفعيل دور قوة درع الجزيرة، مؤكدة وقوفها إلى جانب الشعب البحريني في مواجهة التحديات. وشكّلت مواقف دول المجلس تطبيقاً عملياً للاتفاقات التي تجمع دول المجلس تحت مظلة كيان مجلس التعاون المؤسس قبل ثلاثة عقود، سعياً إلى تحقيق التكامل في شتى المجالات، السياسية والاقتصادية، إضافة إلى الأمن والدفاع المشترك. ولا شك في أن إسراع دول المجلس في اتخاذ المواقف الداعمة لمملكة البحرين جاء ردة فعل للتهديدات التي استشعرها الزعماء الخليجيون من التحرك الطائفي الذي كان صدى لأطماع خارجية وتحديداً من جهة إيران. وشدد محللون وسياسيون على أن تلاحم الأشقاء وأد الفتنة الطائفية وقوات درع الجزيرة كانت الرادع الأكبر للأطماع الإيرانية. من جهة أخرى، يأتي حرص حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى على المشاركة الدائمة في أعمال قمة دول مجلس التعاون تأكيداً على حرص جلالته الدائم على دعم المسيرة المباركة لمجلس التعاون لما فيه خير وتقدم دول المجلس ورخاء شعوبها. ويبذل جلالته جهوداً متواصلة منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد لترسيخ دعائم وأركان الكيان الخليجي المشترك بالتعاون مع أشقائه من قادة دول المجلس، أيماناً من جلالته بوحدة الهدف والمصير والترابط الجغرافي والعقائدي الذي يجمع دول وشعوب المجلس ويوفر الأرضية المتينة والراسخة لدعم عملها المشترك في كافة المجالات. وانطلاقاً من حرص مملكة البحرين تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة على تعزيز مسيرة التعاون المشترك بين الدول الأعضاء في منظومة مجلس التعاون، فقد طرح جلالته “رؤية مملكة البحرين لتطوير مجلس التعاون في قمة الكويت في ديسمبر 2010. وقد حازت “رؤية مملكة البحرين لتطوير مجلس التعاون” على إشادة وتقدير من قادة دول المجلس، لما تضمنته من أفكار هامة وطموحة، تستهدف النهوض بآليات العمل والسياسات المتبعة بما يكفل للمجلس المزيد من الحيوية والديناميكية اللازمة لاستكمال مشروع التكامل بين دول المجلس. ومنذ ذلك الحين، تتابعت الخطى لوضع رؤية البحرين موضع التنفيذ ضمن جدول زمني محدد، إذ قررت “قمة الكويت” تكليف المجلس الوزاري بدراسة ما ورد في الرؤية، وقام وزراء الخارجية ببحثها في الاجتماع الوزاري المنعقد بالمنامة يونيو الماضي، حيث تناول الاجتماع مجمل ما انتهت إليه اللجان الوزارية والفنية المختصة كل في مجاله بشأن ما ورد في الرؤية. التعاون الأمني اعتبر وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن التنسيق والتعاون بين الدول الخليجية قد لا يكون كافياً، ودعا إلى التوصل إلى “صيغة اتحادية مقبولة” لدى الأعضاء. وقال الفيصل إن “التعاون والتنسيق بين دول المجلس بصيغته الحالية قد لا يكفي لمواجهة التحديات القائمة والقادمة”. وأضاف أن “التهديدات بأنواعها تستدعي العمل الجاد من قبل دول مجلس التعاون الخليجي للتحول من صيغة التعاون الحالية إلى صيغة اتحادية مقبولة. فتجارب الأزمات والتحديات السابقة برهنت للجميع حقيقة صعوبة التعامل الفردي من قبل دول المجلس مع تلك الأزمات. وأوضح الفيصل أن “السعودية أدركت أهمية التحول من صيغة التعاون إلى الاتحاد، في خضم ما يحيط بدول مجلس التعاون من “تطورات وتحولات وأخطار تهدد استقرارها وأمنها ومكتسباتها”. وأشار الفيصل إلى ما “تحظى به منطقة الخليج العربي من أهمية بالغة نظراً لموقعها الاستراتيجي المهم والاحتياطيات الضخمة من النفط والغاز”. ورأى أن “التحول إلى وضعية الاتحاد من شأنه أن يمنح مسيرة العمل الخليجي زخماً أكبر، ويعطي دول المجلس ثقلاً ومكانة تتوازى مع ما لديها من مقومات القوة الناعمة والإمكانات المادية والجيواستراتيجية المهمة”. وأضاف وزير الخارجية السعودي أن “التكامل الدفاعي يشكل الضمانة الرئيسة لأمن دول الخليج العربية كبديل عن السياسات الدفاعية المرتكزة على التحالفات الوقتية المبنية على المصالح العابرة إذ تظل تلك التحالفات مرتبطة بهذه المصالح التي بطبيعتها متغيرة”. وتابع “في ظل مواجهة الدول الخليجية أخطاراً غير مسبوقة ليس أقلها ظاهرة الإرهاب، فإن التكامل الدفاعي سيكون مقدمة للتنسيق الأمني وما يستدعيه من تطوير للمؤسسات الأمنية الخليجية”. من جهته، قال الأمين العام للمجلس عبداللطيف الزياني إن “تعاظم التحديات السياسية والأمنية والعسكرية، إقليمياً ودولياً، وحالة عدم الاستقرار في المنطقة العربية، والتغيرات الجارية في موازين القوى يجعلنا ننظر في تطوير وتبقى العلاقات المتوترة مع طهران النقطة الأبرز خصوصاً في ظل المخاوف الخليجية الناجمة عن ازدياد نفوذ طهران في العراق مع الانسحاب الأمريكي من هناك”. وناقشت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مع نظرائها الخليجيين في الرياض قبل أسابيع منظومة دفاع صاروخية لحمايتها من إيران. ويؤكد مسؤولون أمريكيون “أولوية” مساعدة دول الخليج على بناء “منظومة دفاع صاروخية إقليمية” لمواجهة ما يرونه تهديداً إيرانياً وشيكاً بصواريخ باليستية. وكان مسؤول رفيع رافق كلينتون قال “نسعى إلى تطوير بنية دفاعية صاروخية إقليمية.. لا يمكن لأمة بمفردها حماية نفسها. عليها الاعتماد على شركائها لتمتلك نظاماً دفاعياً صاروخياً فعالاً”. ونظراً للتحديات الأمنية التي باتت تواجهها جميع دول مجلس التعاون الخليجي وتشابك هذه التحديات، كان لا بد من العمل الخليجي المشترك لمواجهة مثل هذه التحديات، وهو ما انعكس في الاجتماع الثلاثين لوزراء الداخلية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقد في 7 ديسمبر 2011 في أبوظبي، حيث استعرض الوزراء مسار التنسيق والتعاون الأمني بين الدول الأعضاء في الفترة ما بين انعقاد اجتماعهم الدوري التاسع والعشرين واجتماعهم هذا في ظل المستجدات والأحداث الأمنية المتسارعة إقليمياً ودولياً، وأبدوا ارتياحهم لما تحقق في هذا المجال من إنجازات، وخطوات تعزز من مسيرة العمل الأمني الخليجي المشترك، وأكدوا أن التنسيق والتعاون الدائم بين الدول الأعضاء ويقظة الأجهزة الأمنية والتنسيق المتواصل فيما بينها كفيل بحماية دول المجلس من أي تداعيات سلبية. وتتضمن الاتفاقية الأمنية لدول مجلس التعاون مواد قانونية تعالج قضايا التعاون الأمني بين دول المجلس، ويجري العمل حالياً على دراسة تحديث وتطوير الاتفاقية الأمنية من قبل لجنة من الخبراء والمختصين من الدول الأعضاء. وأكد وزراء داخلية مجلس التعاون على أمن دول المجلس باعتباره كيان واحد، مشيرين إلى أن أي تهديد لأمن أية دولة هو تهديد لأمن دول المجلس جميعاً، وكان قد سبق لدول المجلس إقرار استراتيجية أمنية شاملة في الاجتماع الاستثنائي الثاني لوزراء الداخلية الـذي عقد في مسقط في فبراير 1987م، وصادق عليها المجلس الأعلى في دورته الثامنة في الرياض، وهي عبارة عن إطار عام للتعاون الأمني بين الدول الأعضاء بمفهومه الشامل، ولهذه الاستراتيجية أهداف عامة ، كما حددت وسائل تنفيذها. مقترح بحريني لشرطة خليجية وفى السياق نفسه، اطلع وزراء الداخلية في اجتماعهم بالإمارات على نتائج الندوة الدولية الثانية للشرطة في دول الخليج والعالم، التي أقيمت في مدينة أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة في ديسمبر 2011، ووافق الوزراء من حيث المبدأ على إنشاء جهاز للشرطة الخليجية على أن يجتمع قادة الشرطة في دول مجلس التعاون لاستكمال دراسة الموضوع من كل جوانبه وعرض ما يتم التوصل إليه على الاجتماع القادم لوكلاء وزارات الداخلية بالدول الأعضاء. وثمّن الوزراء المقترح المقدم من مملكة البحرين بخصوص إنشاء الشرطة الخليجية لما لهذا الأمر من أهمية في تعزيز المنظومة الأمنية لدول المجلس، وتحقيق التعاون والتنسيق من خلال الجهاز الذي يرفد الأجهزة والمؤسسات الخليجية المشتركة، وخاصة في مجال الأمن الذي يعتبر مظلة النهوض والتقدم والازدهار. وقال وزير الداخلية البحريني الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة إن ما جرى من أحداث يتطلب منا تطوير الإجراءات من خلال اتفاقية التعاون الأمني بين دول المجلس مع التأكيد على أهمية التطوير عند النظر في التعديلات المقترحة على الاتفاقية الأمنية ودراسة مقترح تشكيل الشرطة الخليجية على غرار ما هو متبع في أوروبا وآسيا، وهو الأمر الذي سيساهم في تعزيز منظومتنا الأمنية ورفع قدرتها على مكافحة الجريمة وتعزيز التنسيق القائم بين الأجهزة الأمنية. مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال توصلت دول مجلس التعاون في عام 2004 إلى التوقيع على اتفاقية دول مجلس التعاون لمكافحة الإرهاب، وفي عام 2006 تم تشكيل لجنة أمنية دائمة مختصة بمكافحة الإرهاب تعقد اجتماعاتها بشكل سنوي كإحدى اللجان الأمنية المتخصصة، كما تم في الاجتماع السابع والعشرين لوزراء الداخلية الدوحة عام 2008 إقرار الخطة المشتركة لمواجهة حالات النزوح البشري الطارئة، وذلك بهدف تعزيز التعاون والجهود بين دول المجلس مع حالات النزوح البشري عند الحروب أو الكوارث الطبيعية. ورحب وزراء الداخلية لدول الخليج باجتماعهم الأخير بتدشين مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في نيويورك، والذي يأتي إنشاؤه تتويجاً لمقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود خلال المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي استضافته المملكة العربية السعودية في فبراير 2005، معبرين عن أملهم في أن يساهم إنشاء هذا المركز في معالجة أسباب ظاهرة الإرهاب، واجتثاثها من جذورها ومكافحتها، وتعزيز الجهد الدولي في دعم واستقرار الأمن والسلم الدوليين. وفيما يتعلق بمجال مكافحة المخدرات، فقد تمت الموافقة على التشريع النموذجي الموحد لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في عام 1998، وتمديد العمل بالنظام عام 2005 لمدة 5 أعوام. وقد واصلت البلدان الخليجية تعاونها في مجال مكافحة غسيل الأموال، حيث أقر وزراء الداخلية في أكتوبر 2000 نظامًا استرشاديًا موحدًا لمكافحة غسل الأموال، وأصدرت دول المجلس اعتباراً من عام 2001 تشريعات وقوانين محلية لمكافحة غسل الأموال، وشاركت بفاعلية في الاجتماعات الدورية لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENAFATF)، ومقرها المنامة منذ عام 2004، من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وفي مجال الدفاع المدني، وافقت دول المجلس على مشروعي “النظام الموحد للدفاع المدني” و«النظام الموحد للتطوع والمتطوعين”، في عام 1993م، وتم إقرار قانون “النظام المروري الموحد لدول مجلس التعاون” كنظام استرشادي في عام 1989م، والتنسيق بين دول المجلس منذ عام 1983 في إقامة أسبوع المرور الخليجي”. «درع الجزيرة» تتأهب قوة “درع الجزيرة” القوة العسكرية الموحدة لدول الخليج العربية لمرحلة جديدة تتوافق مع وضع تحول دول مجلس التعاون من “التعاون” إلى “الاتحاد”. وأكد مصدر رفيع في قوة “درع الجزيرة”، أن الأيام الماضية شهدت اجتماعات مكثفة لوضع تصور أولي للمرحلة الجديدة، لافتاً إلى أن الاجتماعات بين قادة أركان الخليج ستتوالى على ضوء ما يستجد من موقف سياسي يهيئ للوضع العسكري المقبل. وأفصح المصدر عن اجتماع تحضيري مقبل ينطلق خلاله أساس تدعيم القوة وآلية عملها تمهيدا للرفع إلى وزراء الدفاع. وأوضح المصدر الرفيع في قوة “درع الجزيرة”، أن الصورة لم تكتمل بعد بالنسبة لشكل القوة النهائي في مرحلة الاتحاد، “لكن العمل جار على استيعاب كل المتغيرات”، مبيناً أن اجتماعاً على مستوى القوات البرية سيعقد في البحرين، وسيهتم ببناء رؤية مشتركة. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي الست قد أنشأت في نوفمبر 1982م قوة عسكرية للدفاع عن أمن الخليج وردع أي اعتداء تتعرض له. وتتمركز القوات المشتركة في مدينة حفر الباطن شمال شرق السعودية على الحدود العراقية والكويتية، ويفوق عدد القوة الإجمالي الآن 30 ألف مقاتل. وتنفذ القوة بين وقت وآخر تمارين عسكرية، وشاركت في حرب تحرير الكويت في عام 1990م، وطلبت الكويت وجودها على أراضيها في عام 2003 إبان حرب قوات التحالف على نظام صدام حسين. وبرزت الحاجة الفعلية لزيادة القوة مع تنامي التهديدات العسكرية الإيرانية واحتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، وعمدت القوة إلى تلبية طلب تقدمت به البحرين في أبريل 2011، ودخلت إثر ذلك قوة مكونة من 1500 عسكري وآليات مدرعة لحفظ الأمن. وتعتمد دول الخليج في تنفيذ تطورها العسكري على جملة من المشاريع المشتركة كمشروع “حزام التعاون” الذي يهدف إلى ربط مراكز عمليات القوات الجوية والدفاع الجوي بدول المجلس آليا، حيث بدأ تشغيله في نهاية ديسمبر 2001، وربط القوات المسلحة في دول المجلس بشبكة اتصالات مؤمنة، وذلك من خلال إقامة كابلات ألياف بصرية، كما وحدت دول الخليج الأسس والمفاهيم، بغية زيادة التكاتف، وتسهيل تبادل المساندة والاستفادة المتبادلة من الإمكانات المتوفرة في دول المجلس عبر التمارين المشتركة بصورة سنوية كما يتم إجراء تمرين بري كبير بمشاركة قوة “درع الجزيرة” كل سنتين بالتناوب بين دول المجلس. سياسات مجلس التعاون واصلت دول المجلس خلال عام 2012 العمل على توحيد وتنسيق مواقفها السياسية تجاه العديد من القضايا المهمة، الإقليمية والدولية، في إطار عدد من الأسس والمرتكزات، القائمة على حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، ودعم القضايا العربية والإسلامية، وتطوير علاقات التعاون مع الدول والمجموعات الدولية وتمثلت هذه المواقف في العلاقات مع إيران، ومطالبة إيران بالالتزام التام بمبادئ حسن الجوار، والاحترام المتبادل، والأعراف والقوانين والمواثيق الدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس، خاصة في البحرين وعلاقاتها مع المملكة العربية السعودية، وحل الخلافات بالطرق السلمية والحوار المباشر، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، بما يكفل الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة. وأكدت دول المجلس تضامنها الكامل مع دولة الإمارات في قضية الجزر الثلاثة المحتلة من قبل إيران “طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى”، مشيرة إلى أن زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى جزيرة أبو موسى تشكل استفزازاً وانتهاكاً لسيادة الإمارات. كما تؤكد دول المجلس على أهمية التزام إيران بالتعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبمبادئ الشــرعية الدولية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، وجعل منطقة الشرق الأوسط بما فيها منطقة الخليج العربي، منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية . وشددت دول مجلس التعاون على دعمها للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. المجلس كتلة اقتصادية قوية على الصعيد الاقتصادي، يعتبر مجلس التعاون كتلة اقتصادية قوية، بناتج محلي إجمالي بلغ عام 2011 أكثر من 1.4 تريليون دولار، أي أكثر من نصف الاقتصاد العربي ككل. وتمتلك دول مجلس التعاون الخليجي نحو 630 بليون دولار من الاحتياطي النقدي الرسمي، ونحو تريليوني دولار من الاستثمارات الخارجية تشمل موجودات الصناديق السيادية. وتمثل دول المجلس سوقاً موحدة قوامها 42.1 مليون نسمة، ويبلغ عدد سكان الاتحاد الخليجي من دون الأجانب 27 مليون نسمة. ويبلغ عدد الأجانب في الخليج 20 مليون أجنبي. وتشير التقارير إلى أن أكثر من 65% من إجمالي سكان دول المجلس تقل أعمارهم عن 30 عاماً. ويبلغ حجم المبادلات التجارية بين دول الخليج والعالم حالياً تريليون دولار مقابل 261 مليار دولار عام 2000. كما إنها استقطبت استثمارات أجنبية قيمتها 300 مليار دولار، بعد أن كانت 30 مليار دولار العام ذاته. وتملك دول مجلس التعاون الخليجي 40% من النفط العالمي إضافة إلى ربع احتياطيات الأرض من الغاز الطبيعي. وعلى أثر حرب الخليج، لجأت الدول الست إلى توقيع اتفاقات دفاعية مع الدول الغربية وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية لضمان أمنها في حال نشوب نزاع مماثل. ومع أنه أنشئ لأسباب أمنية أولاً، لم تتأخر دول المجلس التي تشكل عائدات النفط المصدر الرئيسي لمواردها، في إبرام الاتفاقات التي تهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي بينها وحققت نجاحا في عدد من القطاعات، وكان أولها الاتفاقية الاقتصادية الموحدة التي أبرمت في 11 نوفمبر 1981. وبالرغم من جهود التكامل الاقتصادي، تحاول دول مجلس التعاون اعتماد عملة موحدة، و إتمام الاتحاد الجمركي الكامل فيما بينها. إلا أن دول المجلس اتخذت في المقابل إجراءات وقرارات تسمح بحرية التنقل لمواطنيها ولرؤوس الأموال، منها إلغاء تأشيرات الدخول بينها والسماح بتملك مواطني كل منها في أراضي الدول الأخرى. وتضخ دول المجلس 17.5 مليون برميل من الخام يومياً، أي خمس الإنتاج العالمي و55% من إنتاج منظمة الدول المصدر للنفط. وبفضل ارتفاع أسعار الخام، بلغ إجمالي الناتج المحلي لدول الخليج العربية مجتمعة 1400 مليار دولار في 2011، ويفترض أن يرتفع هذا الرقم إلى 1500 مليار هذه السنة، بحسب صندوق النقد الدولي. ويقدر معدل الدخل الفردي بـ 33 ألف دولار سنوياً، فيما يتوقع أن تبلغ الموجودات الخليجية في الخارج 1600 مليار دولار في 2012. ويفترض أن تبلغ العائدات النفطية لدول المجلس 572 مليار دولار هذه السنة مقارنة بـ 538 مليار دولار في 2011 بحسب المؤسسة الدولية للمال. في الوقت ذاته، شددت فعاليات اقتصادية على ضرورة الإسراع بتفعيل العملة الخليجية الموحدة، موضحين أن تحقيق التكامل الخليجي مرهون بإقرار العملة الموحدة. وقالوا: إن أخذ القرارات الحاسمة بهذا الأمر من شأنه أن يساهم في تفعيل العملة الموحدة قريباً. ولفتوا إلى أن الوحدة الاقتصادية الخليجية قوة السياسة الضاربة. أزمات الربيع العربي أكد محللون وخبراء أن “منظومة مجلس التعاون الخليجي أكدت جدارتها وقدرتها على حل الإشكالات والأزمات العربية، خاصة الأزمات والاضطرابات التي لحقت ببعض الدول العربية فيما سمى بـ “الربيع العربي”، حيث شهدت ليبيا واليمن وسوريا احتجاجات حاشدة ضد أنظمة الحكم، وطالبت شعوب تلك الدول بالتغيير”. وذكر الخبراء أن “مواقف مجلس التعاون كانت سباقة في الدعوة للوقف الفوري لاستخدام القوة ضد المدنيين، والعمل على حقن الدماء وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لبعضهم، وتحقيق تطلعات شعوب تلك الدول الشقيقة”، مشيرين إلى أن “مواقف مجلس التعاون الخليجي ومبادراته لحل الأزمات في تلك الدول قدمت حلولاً عاقلة تكفل حصول التغيير عبر انتقال سلمي متفاهم يوفر على المجتمعات دفع فواتير مؤلمة من الدم والخراب”. وذكر الخبراء أن “موقف مجلس التعاون من الوضع في ليبيا برز سريعاً بعد اندلاع الثورة في 17 فبراير الماضي، حيث دعت دول المجلس الجامعة العربية إلى الانعقاد عاجلاً وأيدت فرض منطقة حظر الطيران في الأجواء الليبية، كما اتهم وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، السلطات الليبية باستخدام العنف ضد المدنيين، وأدانوا ما قالوا أنها “جرائم ترتكب ضد المدنيين باستخدام أسلحة ثقيلة ورصاص حي وتجنيد مرتزقة”، ودعوا لفرض حظر جوي في ليبيا لمنع غارات الطيران الحربي، كما حض المجلس الخليجي جامعة الدول العربية على تحمل مسؤولياتها لاتخاذ كل ما من شأنه حماية المدنيين الليبيين ودراسة السبل الكفيلة لتحقيق ذلك، وعقد اجتماع عاجل لمجلس الجامعة العربية لبحث هذا لموضوع، كما طلب الوزراء من مجلس الأمن الدولي “اتخاذ الإجراءات الكفيلة لحماية المدنيين بما في ذلك الحظر الجوي على ليبيا”. وفيما يتعلق بالأزمة اليمنية، فقد بادرت دول مجلس التعاون الخليجي في أبريل 2011 للإعلان عن مبادرة خليجية لحل الأزمة، وعرضت المبادرة في أهم بنودها تنحي الرئيس علي عبدالله صالح لصالح نائبه، وتقديم ضمانات للرئيس وعائلته ونظامه، ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية، وقد تمت المبادرة بنجاح، وجاء الرئيس الجديد عبدربه منصور هادي عبر انتخابات رئاسية، ولا تزال المبادرة تنفذ بنودها من اجل دعم اليمن. على صعيد آخر، لا تزال جهود مجلس التعاون الخليجي قائمة لحل الأزمة السورية، وأعرب مجلس التعاون لدول الخليج العربية عن قلقه البالغ وأسفه الشديد من تدهور الأوضاع في البلاد، كما عبر المجلس عن أسفه لاستمرار نزيف الدم مؤكداً الحرص على أمن واستقرار ووحدة سوريا، داعياً إلى الوقف الفوري لأعمال العنف وإجراء الإصلاحات الجادة والضرورية. وقررت دول مجلس التعاون الخليجي سحب سفرائها من سوريا وطلبت من سفراء النظام السوري لديها المغادرة بشكل “فوري” منددة بـ “المجزرة الجماعية ضد الشعب الأعزل”. زمن التكتلات الكبرى أكد مسؤولون خليجيون أن “مفاوضات انضمام دولتي الأردن والمغرب لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي لا تزال مستمرة”، فيما أشارت تقارير أخرى إلى “انضمام مصر على القائمة”. وأوضح مسؤولون خليجيون أن “انضمام الأردن والمغرب للمجلس يشكّل إضافة نوعية، خصوصاً وأن المملكتين تظفران بالكفاءات والخبرات العملية”. واعتبر محللون أن “تلك الخطوة تعتبر ضمن خطوات التوسعة في زمن التكتلات الكبرى”.