قال صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء إن تحقيق السلام ليس أمراً مستحيلاً، إذا ما توافرت الإرادة الصادقة على تفعيله، فالعالم يسع الجميع للتلاقي والتعايش، وتبادل المنافع المشتركة، مؤكداً ضرورة أن يستفيد العالم من التجارب المريرة للحروب والنزاعات من خراب ودمار في وضع استراتيجيات تنموية دائمة تراعي مصلحة الشعوب، لا سيما في الدول النامية، وتلبي تطلعات هذه الشعوب في حياة أكثر استقراراً وازدهاراً على كافة المستويات.وحذر صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، في رسالة وجهها إلى العالم بمناسبة اليوم العالمي للسلام الذي يصادف يوم غدٍ الجمعة، والذي يقام هذا العام تحت شعار “سلام مستدام لمستقبل مستدام”، من محاولات البعض الإساءة إلى الأديان والمقدسات لزرع بذور الشقاق بين الأمم والشعوب، مشدداً على أهمية البحث عن نقاط التلاقي بين الأديان والانطلاق منها نحو نظام عالمي أكثر استقراراً.ودعا المجتمع الدولي إلى بذل مزيد من الجهد لإرساء السلام، وأسس الأمن الجماعي والرفاه كهدف إنساني نبيل، عبر تبني آليات وبرامج تنهي كافة الأزمات والنزاعات، بما يمكن الأمم والشعوب من المضي قدماً في مشروعات التنمية المستدامة والتطوير.وشدد سموه على أن نجاح المجتمع الدولي في الاتفاق على استراتيجيات موحدة للتنمية من شأنه أن يسهم في وضع اللبنات الأساسية للسلام، كما دعا سموه الجميع إلى العمل من أجل تكريس رؤى طموحة للتنمية المستدامة تدعم ركائز الاستقرار والأمن العالميين، وقال “إن تشابك أيدي المجتمع الدولي هو الطريق إلى الخير الذي تنشده البشرية”.تقليل الإنفاق على التسليح العسكريوقال صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء إن “سجل الإنسانية مليء بالحروب والصراعات التي خلفت ولا تزال آثاراً تدميرية وحصدت ملايين الأرواح، وهو ما يتطلب المبادرة إلى وضع استراتيجيات وحلول غير تقليدية تسهم في ترسيخ السلام كقيمة نبيلة نادت بها كافة الشرائع والأديان”، مشيراً إلى أن “العمل من أجل التنمية المستدامة هو الشعار الذي يجب أن تسعى دول العالم إلى تحقيقه عبر توجيه المقدرات الوطنية إلى البناء والازدهار، وتقليل الإنفاق على عمليات التسليح العسكري وبخاصة النووي منها، إذ أن أي تباطؤ في ذلك سوف يؤدي إلى مزيد من الكوارث التي تهدد حاضر ومستقبل البشرية”.وأعرب سموه عن أمله في أن يعم السلام أرجاء العالم، وأن يكون الاحتفال باليوم العالمي للسلام فرصة لأن تتخذ دول العالم خطوات جريئة في مواجهة التحديات التي تهدد الأمن والاستقرار، مشدداً سموه على أن التعايش القائم على تبادل المنافع هو السبيل للسلام والرخاء في العالم.وأشار إلى أن مملكة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى تدعم كل الجهود والمبادرات الرامية إلى تعزيز السلام العالمي، ولا تألو جهداً من خلال عضويتها في مختلف المنظمات الإقليمية والدولية في المشاركة بفاعلية من أجل أن يسود الاستقرار ربوع العالم.وأوضح سموه أن مملكة البحرين في سعيها نحو السلام تعمل من خلال سياسة خارجية متوازنة عمادها الاحترام المتبادل والتفاهم بين الدول والشعوب، مما أكسبها احتراماً وتقديراً على المستويين الإقليمي والدولي.وأكد أن من ثوابت مملكة البحرين الارتكاز على الوجود الخليجي والعربي والإسلامي، وأن استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة سيضاعف من خطوات التعاون الخليجي، في خضم التطورات السريعة في العالم سياسياً واقتصادياً وأمنياً.وأشار سموه إلى أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حريصة على مشاركة العالم في ترسيخ السلام من خلال عضويتها الفاعلة في المنظمات الإقليمية والدولية، ومبادراتها المتعددة لتوفير الأسباب التي تكفل إرساء السلام والاستقرار، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط التي تواجه العديد من التحديات.وأكد سموه أن رؤية دول مجلس التعاون للتطورات الراهنة تنطلق من أسباب موضوعية ودولية هدفها الحفاظ على الأمن، وإشاعة السلام والاستقرار في المنطقة. حل القضية الفلسطينيةوشدد سموه على أن إرادة الشعوب وفطرتها تصبو إلي العيش بأمن وسلام في ظل سيادة القانون، وتتطلع إلى العمل والإنتاج لتحقيق التنمية والازدهار، بعيداً عن التجاذبات السياسية والصراعات الدامية التي تحركها أياد تعمل من أجل إبقاء جذوة الحروب مشتعلة تحقيقاً لمصالح خاصة ضيقة حتى لو كان الثمن التضحية بآلاف الأرواح البريئة.وقال سموه “إن السلام هو هدف يجب أن تجتمع عليه البشرية وتطمح إلى أن يعم أرجاء العالم، لأن البديل سيكون كارثيًا، وهو استمرار التوتر الذي يقوض أي جهد يعمل من أجل تنمية الإنسان والارتقاء بأوضاعه على كافة المستويات”.وحذر سموه من أن تكلفة عدم التوصل إلي حلول سلمية لما تعانيه بعض المناطق من أزمات ونزاعات ستكون أكثر فداحة بمرور الوقت إذا لم تتغلب لغة العقل والحكمة، وتتدخل إرادة المجتمع الدولي وفقاً للمبادئ السامية التي قامت على أساسها منظمة الأمم المتحدة بغية عودة الأمن والاستقرار.وأكد سموه أن المنطقة العربية بما تشكله من أهمية سياسية واقتصادية تواجه مرحلة فارقة في تاريخها، إذ بات أمنها واستقرارها على المحك نتيجة للعديد من التحديات السياسية والأمنية المرتبطة في غالبيتها بأجندات ومخططات خارجية لإعادة تقسيم الحدود على أسس عرقية ومذهبية، وذلك ما يتطلب اليقظة والتوحد في مواجهة هذه الأخطار والأطماع.وأضاف سموه أن المدخل الأول لاستتباب الأمن والاستقرار في المنطقة، هو تحقيق السلام الشامل والعادل، وذلك من خلال حل القضية الفلسطينية وفقاً لمقررات الشرعية الدولة ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في إعلان دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.ونوه سموه إلى أن استمرار خطر الإرهاب وتنوع أهدافه ومجالاته، بالإضافة إلى استمرار مساعي بعض الدول امتلاك أسلحة الدمار الشامل، وسباق التسلح الدولي تشكل تحديات تحتاج إلى حلول شاملة وناجزة، وبالشكل الذي يوفر المناخ المناسب للبناء والازدهار.وحيا سموه الجهود التي تبذلها منظمة الأمم المتحدة وأجهزتها المتخصصة من أجل عالم ينعم بالاستقرار، مؤكداً ضرورة تضافر الجهود لبناء مجتمع دولي ينعم بالأمن الذي يقود البشرية إلى المستقبل الأفضل.وحث سموه دول العالم على أن يكون تعزيز السلام هو الغاية والهدف الذي يعملون من أجله، والنأي بشعوبهم عن كل المغامرات التي تعرقل خطط التنمية، وأن يدركوا أن الحفاظ على البشرية هي مسؤولية جماعية لا تقبل التفريط فيها من أجل أية مصالح أو أطماع.وحيا سموه جهود منظمة الأمم المتحدة من أجل السلام والأمن والتنمية وحقوق الإنسان، وقال سموه “إن هذه العناصر هي الدعائم التي تقوم عليها المنظمة الدولية، وأنه يجب على المجتمع الدولي القيام بدور رئيسي في إرساء السلام المستدام الذي ينشده العالم.