كتبت - هدى عبدالحميد:
أكد وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي في تصريح خاص لصحيفة “الوطن” أن الوزارة تعتمد أسلوب ترسيخ قيم حقوق الإنسان السياسية في المناهج والأنشطة المدرسية، كما أولت تطوير المناهج الدراسية ودمج مفاهيم وقيم حقوق الإنسان فيها منذ عدة سنوات، ويتم مراجعتها وتعزيزها سنوياً انطلاقاُ من توجيهات القيادة الحكيمة بشأن الارتقاء بالمناهج التربوية لمواكبة المتغيرات على الصعيدين المحلي والدولي، وتنفيذاً لالتزامات “التربية” وفقاً لدستور البحرين وقانون التعليم.
وأشار النعيمي إلى أن وزارة التربية والتعليم وبالاسترشاد بالتجارب الرائدة وبما يتفق مع منظومة العادات والتقاليد العربية والإسلامية تولي موضوع حقوق الإنسان أهمية كبيرة وتفرد له حيزاً واسعاً في مناهجها بشكل يتناسب مع الخصائص العمرية لكل مرحلة دراسية، بحيث يتم التدرج فيها في المضمون والأنشطة بما يؤدي في النهاية لاكتمال الصورة لدى الطالب عند انتهاء المرحلة الثانوية كجزء من متطلبات ومقتضيات المواطنة.
المناهج الدراسية
أولت مملكة البحرين، من خلال وزارة التربية والتعليم موضوع حقوق الإنسان وقيم العيش المشترك والتسامح بين الطلبة اهتماماً متزايداً، خصوصاً في ضوء المتغيرات التي شهدها المجتمع البحريني والتطورات العالمية المتصلة بهذه القيم الإنسانية.
ونفذت “التربية” هذا المشروع عبر 3 خطوات وخلال 3 مراحل بدأت الأولى في العام 2004 بإدخال منهج خاص بالتربية للمواطنة، تماشياً مع ما شهدته المملكة من تطور في الحياة السياسية، بفضل المشروع الإصلاحي الذي نقل البحرين إلى التجربة الديمقراطية الجديدة، وتم التوسع في هذا المنهج الجديد، ليشمل كافة الطلبة في مختلف المراحل الدراسية المختلفة، مع مراعاة الخصائص العمرية لكل فئة من فئات الطلبة وتضمن هذا المنهج التأكيد على قيم المواطنة والانتماء وأسس النظام الديمقراطي ومتطلبات العيش المشترك وبناء التضامن الوطني والقومي والإنساني والمحافظة على القانون وشروط العيش المشترك.
وانطلقت المرحلة الثانية في العام الدراسي 2006/2007 بإدراج منهجي المهارات الحياتية وخدمة المجتمع، كمنهجين تطبيقيين في المرحلة الثانوية موجهين إلى إعداد الشباب البحريني وتدريبهم على ممارسة المواطنة، وهما منهجان يكرسان قيم المشاركة المجتمعية والعيش المشترك والتعلم من أجل العيش معا، والتعلم من أجل بناء الذات، بالإضافة إلى بث هذه القيم والمفاهيم في المناهج الدراسية الأخرى وهي: مناهج اللغات والدراسات الاجتماعية، والتربية الأسرية.
والمرحلة ثالثاً بدأت في العام الدراسي 2010/2011 وما تزال مستمرة، وتتمثل في البدء في إفراد حقوق الإنسان والتسامح والعيش المشترك بمنهج دراسي مستقل ومتكامل، لتعزيز هذه القيم وبناء الاتجاهات الإيجابية نحو الديمقراطية والمشاركة واحترام الحق في الاختلاف ورفض أي شكل من إشكال التمييز.
كما أوضح وزير التربية والتعليم أن الوزارة تبذل جهوداً بمساعدة بيوت الخبرة العالمية والمنظمات الدولية من أجل تطوير محتويات المناهج الدراسية لنشر قيم حقوق الإنسان والمواطنة، ووقعت في هذا الإطار اتفاقية مع مكتب التربية الدولي التابع لمنظمة “اليونسكو” يتم من خلالها تشكيل فريق لتقييم محتويات المناهج الدراسية ومراجعتها وفقاً لمبادئ التسامح وتطوير التفكير النقدي والحوار واحترام الآخر، مع التأكيد على المواضيع والقيم والمبادئ التي تستجيب لاحتياجات الطالب وتتماشى مع واقعه وتعكس تطور حقوق الإنسان والمواطنة في مملكة البحرين.
وأضاف النعيمي “تحرص الوزارة على جعل موضوعات حقوق الإنسان والديمقراطية في نسق تكاملي وضمن رؤية شمولية تؤسس لفكر متوازن متسامح لدى المواطن قائم على التوازن بين الحقوق والواجبات والتدرج بها من التربية الأسرية، إلى التربية المدرسية، إلى التربية المدنية الاجتماعية، إلى الأفق الإنساني الواسع وذلك ضمن رؤية تحكمها ثوابت الهوية الوطنية من ناحية والانفتاح على القيم الإنسانية من ناحية ثانية.
تدريب المعلمين
وقامت وزارة التربية والتعليم بتنظيم عدد من ورش العمل التدريبية لشاغلي الوظائف التعليمية بهدف تنمية الوعي بقيم المواطنة لدى المعلمين والقيادة التعليمية، ونشر ثقافة حقوق الإنسان في المؤسسة المدرسية، وبالتعاون مع منظمة “اليونسكو”، وتركزت تلك الورش حول تدريبهم على أفضل السبل لتعزيز مبادئ حقوق الإنسان والمواطنة والعيش المشترك في نفوس الطلبة، وتواصل “التربية” هذا الجهد بتنظيم المزيد من ورش العمل لتشمل جميع الممارسين التربويين المعنيين بتوجيه الطلبة وإعدادهم، وذلك بتزويد المشاركين فيها بالمعارف المتخصصة في مجال حقوق الإنسان وتطوير استراتيجيات التدريس بما يسهّل معاملة الطلبة بأساليب تربوية وإنسانية تكفل كرامة المتعلمين، وترسيخ الحقوق في الممارسة الصفية خصوصاً والحياة المدرسية عموماً، بالاستفادة من المستجدات التربوية في هذا الموضوع.
الأنشطة المدرسية
كما تقوم الوزارة بإعداد البرامج والأنشطة التي تدعم وتنشر قيم التسامح والتعايش والوحدة الوطنية والتسامح ونبذ العنف وتوجه لطلبة المدارس بكافة المراحل الدراسية، ولعل أبرزها مشروع “مدرستي وطني” الذي تم تدشينه العام الماضي ويأتي في ضوء جهود احتواء التداعيات السلبية الناجمة عن الأحداث المؤسفة التي مست المجتمع المدرسي وأثرت فيه على نحو سلبي غير مسبوق، وذلك ضمن باقة من البرامج والأنشطة التربوية المشتركة بين الطلبة والعلاجات التربوية الهادفة إلى تعزيز قيم الوحدة الوطنية والتسامح والمحبة والتضامن الوطني ورفض كل أشكال التمييز الطائفي والعرقي، وبناء الاتجاهات الوطنية والإنسانية في التواصل التربوي والاجتماعي.
كما يتم تنظيم أكثر من 1300 نشاط ثقافي وتربوي وعلمي ورياضي وفني مشترك بين الطلبة بمختلف فئاتهم، تعزز التعاون والمشاركة لكسر الحواجز النفسية التي حدثت خلال عمليات الزج بالطلبة في الصراعات السياسية والطائفية إبان الأحداث المؤسفة. كما تم إدراج المضامين الحقوقية النسانية ضمن المسابقات الكتابية ومسابقات الرسم إلى جانب ورش العمل حول الاحترام والتسامح، بالإضافة إلى الفعاليات التي تنفذها المدارس وتتعلق بذات القيم من خلال الاحتفالات الوطنية وتأسيس لجان المواطنة وحقوق الإنسان في المدارس وتنظيم المسابقات وعقد الندوات والمحاضرات حول تلك المفاهيم.
نماذج القيم والمفاهيم
وتشمل العدل والمساواة والحرية، والمحبة، احترام القانون، والتكافل الاجتماعي ونبذ العنف، وحقوق الطفل وحقوق الأسرة والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، واحترام القواعد والأنظمة والقوانين والمحافظة على المرافق العامة واحترام قيم العمل مهما كان نوع هذا العمل، والمؤسسات الاجتماعية الرسمية والأهلية وخدماتها، الدستور، العهد الدولي لحقوق الإنسان اتفاقية حقوق الطفل.
وتتضمن أيضا أهمية الحوار لمعالجة الاختلاف، والاعتراف بالآخر واحترام الرأي المخالف، ورفض التمييز العنصري والطائفي والطبقي و الديني والجنسي، والتطور التاريخي لفكرة حقوق الإنسان ومجالاتها الاقتصادية والسياسية، ودور البحرين الفاعل في تعزيز مبادئ حقوق الإنسان من خلال المؤسسات الدستورية والمدنية المختلفة، وخصائص التجربة الديمقراطية في البحرين، والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومؤسسات المجتمع المدني ودورها وأهميتها.