بدأ مورينهو المباراة بطريقة مختلفة عما اعتاد بعدما أخرج مسعود أوزيل من التشكيل الأساسي ولعـــــــب بطريقــــــــة 4-1-2-2-1 بــــــــــدلاً مـــــن 4-2-3-1 المعتادة.
ريال مدريد هاجم من الجبهة اليُسرى بالثنائي رونالدو ومارسيلو فيما تم التأمين دفاعياً بإيسيان وتلك نقطة إيجابية جداً من مورينهو لأنه يُدرك تماماً أن كريستيانو لا يعود للدفاع كثيراً وأن مارسيلو يتقدم كثيراً ولذا الأفضل تغطيتهم بمحور ارتكاز قوي دفاعياً وقد اكتفى الغاني بالدور الدفاعي أغلب الوقت، أما الجانب الأيمن فقد لعب أربيلوا وخضيرة ودي ماريا أدواراً متزنة بين الهجوم والدفاع ولذا كنا نرى دي ماريا كثيراً يدافع في نصف ملعبه ورأينا فرصتين من داخل منطقة الجزاء للألماني والإسباني فالجميع هنا يُهاجم ويُدافع وذلك أيضاً فكر جيد للغاية من المدرب البرتغالي.
أجاد مورينهو اللعب بتلك الطريقة لأنها أمنت له ضغطاً دفاعياً قوياً جداً في عمق الملعب منع السيتي من استغلال قوة عُمقه هجومياً بتواجد سيلفا وتوريه، بل جعل وسط الفريق الإنجليزي تحت الضغط دوماً وإن كانت عقلية مانشيني في الشوط الأول ساهمت في ذلك.
أين أخطأ مورينهو؟ أخطأ حين أفرغ عمق الملعب من الملامح الهجومية لأن كلاً من إيسيان وخضيرة لا يمتلكان القدرات الهجومية القادرة على إزعاج دفاع السيتي ودعم هجوم الريال، ولأن كلاً منا رونالدو ودي ماريا تحركا في الطرف كثيراً وأهملا الاختراق للعمق بجانب أن أداءهما تميز بالفردية خاصة البرتغالي إذ اعتمد على التسديد كثيراً وربما يعود ذلك لعدم وجود حلول أخرى أكثر منه رغبة بالتسديد!.
كان الأفضل، أن يُشارك لوكا مودرتش بدلاً من خضيرة في الجانب الأيمن وهنا لن يخل بالأداء الدفاعي لأن الكرواتي يُدافع جيداً بجانب أن أربيلوا ودي ماريا لديهم واجبات وقدرات دفاعية جيدة للغاية بل إن مشاركته ستؤثر إيجاباً على الجانب الهجومي بتواجد لاعب في العُمق يُجيد الهجوم، أو أن يمنح التعليمات لرونالدو باللعب في عُمق الملعب وليس على الطرف الأيسر، وذلك حل ممتاز لأن انتقال رونالدو للطرف سيترك المساحة في اليسار لمارسيلو المنطلق والمهاري والسريع والقادر على التفوق على مايكون، وكذلك سيزيد من خطورة تسديدات رونالدو والكرات الثابتة التي سيحصل عليها.
على الجانب الآخر، لعب مانشيني بطريقة 4-3-2-1 على الورق لكنها في الملعب كانت 5-4-1 وأحياناً 6-3-1، ويُمكن أن أبرر ذلك الأداء الدفاعي جداً من السيتي في الشوط الأول بالرهبة والقلق خاصة بعد مشوار الفريق المخيب في بطولة الموسم الماضي.. لذا أراد مانشيني تخطي تلك الرهبة وذلك الحاجز النفسي قبل الانطلاق واللعب الند بالند أو أقل قليلاً، علينا ألا ننسى أنه يُواجه ريال مدريد في ملعبه وتلك مهمة ليست سهلة على فريق «وليد» أوروبيا.
ذلك كان على الورق، لكن على الملعب كان جارسيا أو باري يعود ليلعب بين ناستاسيتش وكومباني (وجارسيا بشكل أكبر) بحيث يسمح لأحدهما بالخروج للطرف للمساعدة في صد الهجمة المدريدية، وكذلك يلعب ثلاثي الوسط المهاجم أدواراً دفاعية واضحة ومجرد أن تُستخلص الكرة ينطلق الثلاثي معاً خلف تيفيز لصناعة الهجمة المرتدة السريعة، لكن الفريق لم ينجح في تنفيذ الشق الهجومي نتيجة قوة الضغط الدفاعي المدريدي وزحمة وسط الملعب التي خلقت ما يُشبه «القفص» حول سيلفا تحديداً وهو المحرك الأساسي للمنظومة الهجومية في أبطال إنجلترا.
ولكن مع تأخر واضح لباري عن بقية الثلاثي حيث كُلف بواجبات دفاعية فقط، وبعد خروج نصري ومشاركة كولاروف انتقل سيلفا للعمق أكثر بحيث أصبح المهاجم الثاني خلف تيفيز فيما أصبح الصربي الجناح الأيسر في الوسط وبأدوار دفاعية هجومية وذلك الأمر سمح لكومباني أن يُساعد مايكون كثيراً في التصدي للجبهة اليُسرى الخطيرة لأصحاب الملعب.
تلك الأدوار الدفاعية المتداخلة للاعبين نُفذت بشكل شبه مثالي في الشوط الأول (باستثناء بعض الأخطاء في التمركز أو الخضوع لمهارات المنافس الفردية خاصة رونالدو)، وإن ساعدها خطأ مورينهو بالتركيز على الطرف وإهمال العمق لأن ذلك جعل مدافعو السيتي يتحركون من العُمق للطرف دون القلق كثيراً للاختراق الهجومي من العمق بل كان الهدف الأكبر إيقاف خطورة الأطراف خاصة الجبهة اليُسرى التي يقودها رونالدو ومارسيلو ولكن يُحسب لمورينهو أنه أوقف خطورة هجوم السيتي من العمق بأن أخرج توريه وسيلفا من المعادلة الهجومية إلا نادراً.